لفتني في قراءتي لإحدى المراسلات العلمية الصادرة عن “ماكس فيبر” وهو عالم إجتماع ألماني، تعود أهمية مراسلاته الى رصد أحداث عظام غيرّت وجه العالم والى تبيان كيف أن الإيديولوجيا العنصرية كانت ولا تزال عاملا هاما، غير مكتوب، تؤثر وتغيّر في رسم سياسات الدول وإشعال الحروب في العالم..
المُهم، أو بالأحرى ما يهمّني في هذا المقال هو أن أبرز لك عزيزي القارئ إحدى مراسلاته عندما قال: “فأنىّ للمرء أن يتصوّر السلام؟ إن مئات الآلاف يسكبون دماءهم بسبب العجز الفظيع لآداء “الدبلوماسية الألمانية”.. ولهذا فإني لا آمل وان انتهت الحرب لصالحنا في أن يسفر ذلك كله عن نجاح في السلام الدائم الحقيقي لنا..”
إذا الدبلوماسية هذا الشيء العظيم، ما هي؟ وكيف هي حق من حقوق الإنسان؟
الدبلوماسية هي فّن إدارة العلاقات بين الدول والمنظمات والأفراد من خلال الحوار والتفاوض والتفاهم، فهي فّن وعلم الحفاظ على العلاقات السليمة التي لا ترقى الى الحرب أو العنف بل تسعى الى العيش والتمتع في الحياة بسلام وهذا الحق منصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة عام ١٩٤٥ وفي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام ١٩٤٨ وفي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ولبنان ملتزم بجميع هذه المواثيق والنصوص وفق ما نصّت عليه الفقرة “ب”من مقدمة الدستور اللبناني..
اليوم، وفي ظّل هذه المتغيرّات المفصّلية ربّما، نعود ونؤكد وندعو نحن الشعب اللبناني أصحاب السلطة والقيّمين على اتخاذ القرار الى انتهاج”الدبلوماسية” في إدارة الملفّات والأزمات والنزاعات ليس كخيار بل كحّق من حقوق الإنسان مكرّس له، بعيدا عن الإستمرار في النزاعات والنظر كلّ مناّ للآخر من خلال فوهة المدفع!!
الكانتبة المحامية الدكتورة رنا الجمل
أمينة سر الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان في لبنان.
موقع سفير الشمال الإلكتروني