أكثر من علامة فارقة سُجّلت في الإنتخابات البلديّة والإختيارية التي شهدها قضاء المنية ـ الضنية يوم أمس، في إطار الجولة الثانية من الإنتخابات التي شهدتها محافظتا الشّمال وعكّار، وأسفرت عن نتائج ستحتاج إلى وقت لتفصيلها وتحليلها، وسترسم بلا شكّ مشهداً جديداً على الصعيد المحلي في المنطقة، سيكون مختلفاً ومتشابهاً في آنٍ معاً من آخر إستحقاق بلدي واختياري جرى قبل تسع سنوات.
أوّل هذه العلامات تمثلت في انتخابات بلدية المنية، كبرى بلديات القضاء (21 عضواً)، بعدما أسفرت النتائج عن فوز اللائحة التي يدعمها النائب أحمد الخير وكانت برئاسة توفيق زريقة، في مواجهة اللائحة التي شكّلها النائب السّابق عثمان علم الدين والحاج كمال الخير، واللائحة المختلطة من اللائحتين التي أعلن دعمها النائب السّابق كاظم الخير، ما عزّز وضع نائب المنطقة محليّاً قبل عام من الإنتخابات النيابيّة العام المقبل، حيث يُنتظر أن تشهد تنافساً محتدماً إنطلاقاً من محطة الإنتخابات البلدية والإختيارية، تحالفات ونتائج.
وغير بعيد عن المنية، فقد شهدت بلديتا دير عمار وبحنين إنقلابا في النتائج، كلّ في اتجاه معاكس للآخر. ففي دير عمار فازت اللائحة التي يدعمها رئيس البلدية السّابق أحمد عيد الذي استطاع التغلّب على لائحة الرئيس الحالي للبلدية خالد الدهيبي، مستعيداً بذلك المنصب الذي خسره بانتخابات 2010.
وفي بحنين سُجلت خسارة الرئيس الحالي مصطفى وهبي لرئاسة البلدية التي فاز بها عام 2004 أمام اللائحة التي يرأسها منافسه مصطفى الغمراوي.
أمّا في الضنّية فقد كانت النتائج أشبه بموزاييك متعدّد الألوان. ففي بلدة بخعون كبرى بلديات الضنّية (18 عضواً) تمكنت اللائحة التي يدعمها النائب جهاد الصمد من الفوز بكامل أعضائها مقابل اللائحة التي يدعمها النائب عبد العزيز الصمد والنائب السابق قاسم عبد العزيز، وكذلك فوزها بالمخاتير التسعة المخصّصة للبلدة، وهو فوز يسجله الصمد للمرة الخامسة على التوالي منذ انتخابات عام 1998، إنطلاقاً من عُرف سائد في البلدة منذ العام 1963 يلحظ آلية وكيفية توزيع مقاعد المجلس البلدي على عائلات البلدة، وهو فوز جعله يُثبّت أقدامه في البلدة، مسقط رأسه ومركز ثقله وقاعدته الشّعبية، على بُعد عام من الإنتخابات النيابية.
وفي سير إستطاع النّائب السّابق أحمد فتفت ونجله النائب السّابق سامي فتفت إستعادة البلدية بعد خسارتهما لها في دورتي 2010 و2016، وأنّ هذه الإستعادة ناقصة بعدما فشلا في حصد مقاعد البلدية كاملة، إلا أنّهما اعتبرا ذلك “بروفة” جيدة قبل الإستحقاق النيابي العام المقبل.
أمّا في السّفيرة، فقد استطاع النائب السّابق أسعد هرموش الفوز بالمجلس البلدي مجدّداً بعدما نسج سلسلة تحالفات مع عائلات البلدة ليشكلا لائحة في وجه منافسه وابن عائلته بلال هرموش الذي نافس نجله براء هرموش في الإنتخابات النيابية العام 2022، ولا شكّ أنّ هذا التنافس سيمتد أكثر المرة المقبلة.
تبقى إشارتان هامّتان. الأولى أنّ الأحزاب والتيّارات السّياسية التي يُعدّ حضورها في الضنية ضعيفاً نتيجة طغيان العامل العائلي، سجلت غياب تيّار المستقبل عن المشهد بعد عزوف التيّار الأزرق وزعيمه الرئيس سعد الحريري عن خوض الإستحقاق المحلي، بعدما كان الزرق يخوضون الإنتخابات البلدية السابقة على أساس أنّهم معنيون بها بشكل جدّي.
أمّا الإشارة الثانية فتمثلت في فوز 13 بلدية بالتزكية في القضاء من أصل 36 بلدية، 12 بلدية في الضنية وواحدة في المنية، في خطوة اعتبرت مؤشّراً على رغبة الأهالي في تجنيب بلداتهم صراعات حول بلديات تعاني من أزمات مالية خانقة، وشلل في العمل التنموي المحلّي.
موقع سفير الشمال الإلكتروني