بينما مرت الجولة الأولى من انتخابات مجالس البلديات في جبل لبنان بهدوء نسبي الأسبوع الماضي، تصاعدت حدة المعارك الانتخابية في محافظتَي الشمال وعكار وترافقت مع بعض التجاوزات والخروقات التي أثارت استياء المرشحين والناخبين على حد سواء، مما أدى إلى تعثر سير العملية الانتخابية في بعض الدوائر لبعض الوقت.

“” واكبت سير العملية الانتخابية في العاصمة الثانية للبنان طرابلس والتي انطلقت عند الساعة السابعة صباحاً حيث فتحت صناديق الاقتراع أمام الناخبين للإدلاء بأصواتهم واختيار ممثليهم في المجالس البلدية والاختيارية، وسط أجواء هادئة وتدابير أمنية مشددة وأغلقت عند السابعة من مساء الأحد لتدخل طرابلس مرحلة الفرز بعد يوم طويل من الاقتراع، حيث بدأ الموظفون المختصون في مراكز الاقتراع بإجراء عمليات العد والفرز لصناديق الاقتراع وبين الدقيقة والأخرى بدأت النتائج تتكشف تدريجياً، إلا أن الصورة الكاملة لم تتضح بعد، مع استمرار عملية الفرز في العديد من المراكز.

وفي تفاصيل اليوم الانتخابي الطويل، دخلت عاصمة الشمال جولات المعارك الانتخابية بكل ثقلها حيث تقاطعت وتنافست بشراسة ست لوائح رئيسية وهي “رؤية طرابلس”، “نسيج طرابلس”، “لطرابلس ونهضتها”، “للفيحاء”، “سوا لإنقاذ طرابلس”، و”طرابلس عاصمة” لكن على الرغم من الزخم الانتخابي والتنوع في اللوائح المتنافسة، بقيت نسبة الاقتراع ضعيفة مقارنة بالمناطق الأخرى حيث شكلت ادنى نسبة بين كافة الاقضية.

وبمقارنة بين انتخابات العام 2016 و 2025 بلغت نسبة المشاركة 26.90%، مسجلة ارتفاعاً طفيفاً عن عام 2016 حيث كانت 25.55%. ورغم هذا التحسن البسيط، تبقى النسبة أقل بكثير مما كان متوقعاً لمدينة بحجم طرابلس هذا التباين الواضح في نسب الاقتراع بين طرابلس والمناطق المجاورة أثار تساؤلات حول اسباب هذا العزوف، على الرغم من سخونة المعركة الانتخابية والرهانات الكبيرة على التغيير.

وفي خضم هذه الأجواء، كانت هناك رغبة لدى العديد من المواطنين في أن يكون لهم دور في هذا التغيير المنتظر. ففي حديث خاص مع علي حمد، أحد الناخبين الذي شارك في الانتخابات لأول مرة، قال: “هذه أول مرة أشارك فيها بالانتخابات، كنت دائمًا أسمع والدي والمقربين مني يتحدثون عن الانتخابات هذا العام، شعرت أن وقتي قد حان أردت أن أكون جزءًا من هذا التغيير الذي نحتاجه.

الحاج محمد عطوي يشرح ل الفرق من وجهة نظره بين انتخابات العام 2016 و هذا العام ويقول: في 2016، كنا نأمل بوجوه جديدة وحلول حقيقية، لكن بعد كل تلك السنوات شعرت بأننا ندور في نفس الدائرة، وما تغير اليوم هو أننا أصبحنا أكثر وعيًا باللعبة السياسية وكان المال يلعب دورًا كبيرًا، الكثير من الناس يقبلون بالوعود المالية أو المساعدات الانتخابية مقابل التصويت لكن اليوم وبعد ما ممرنا به جزء كبير من أبناء طرابلس اصبحوا واعين لم يعد المال كافيًا لجذبهم، لأنهم جربوا هذه الأساليب سابقًا ولم يروا تغييرًا حقيقياً.

من هنا، يبقى الأمل معقودًا على أن تثمر هذه الانتخابات عن قيادات تدرك أن المواطنين باتوا أكثر وعيًا وإدراكًا لحقوقهم، وأن طرابلس، برغم إحباطها، تستحق مستقبلًا أفضل مبنيًا على الشفافية والمساءلة، لا على استغلال الحاجة أو شراء الولاءات. فالمرحلة المقبلة تتطلب رؤية جديدة وسياسات أكثر مصداقية، لأن المدينة أثبتت أنها لم تعد تُباع أو تُشترى.

موقع سفير الشمال الإلكتروني