بعد أعوام من التأجيل والتعطيل، خرق لبنان جدار الجمود السياسي يوم الأحد، وعاد إلى صناديق الاقتراع في استحقاق بلدي شكّل أول اختبار حقيقي لنبض الناس منذ الانهيار الكبير. من قلب جبل لبنان، انطلقت الانتخابات البلدية وسط أجواء محتدمة، شارك فيها المواطنون بشغف لافت، مدفوعين بالأمل في التغيير، من “أمّ المعارك” في جونية، إلى المواجهات في جبيل وبعبدا، توزّع الناخبون على أقلام الاقتراع منذ ساعات الصباح الأولى، وسط استنفار أمني وتنظيم إداري لافت، ليسجّل اليوم الانتخابي حضوراً فاعلاً رغم كل التحديات.
مع حلول السابعة مساء، أُقفلت صناديق الاقتراع وبدأت الاستعدادات لفرز الأصوات، حيث شهدت مراكز الاقتراع تفاوتاً في نسب الإقبال، مع تسجيل نسبة عامة بلغت 45.8 % في جبل لبنان وتصدّر قضاء كسروان المشهد بنسبة مشاركة بلغت 59.40%، تلاه جبيل بـ56.70%، والشوف بـ44.82%، ثم عاليه بـ41.51%، فبعبدا بـ38.29%، وأخيراً المتن بنسبة 37.91%.
في جونية، كانت المواجهة سياسية على أعلى المستويات حيث تشكّل تحالف خماسي يضمّ القوات اللبنانية، الكتائب، النائبين نعمت افرام وفريد الخازن، والنائب السابق منصور البون، في مواجهة لائحة “جونيتنا” المدعومة من التيار الوطني الحر ورئيس البلدية الحالي جوان حبيش والهدف المعلن كان إقصاء التيار، واستبدال الإدارة الحالية بلائحة “نهضة جونية”، وسط زخم شعبي لافت.
في زوق مكايل، اشتدت المنافسة بين لائحة “زوق القرار” برئاسة رئيس البلدية الحالي إيلي بعينو، و”الزوق تستحق” بقيادة نائبه بيار الأشقر أما في الضبية، فكانت المنافسة بين لائحة “البلدية بتجمعنا” برئاسة نبيه طعمة، المدعوم من القوات والكتائب، و”الوفاء لبلدتنا” برئاسة كورين قبلان الأشقر، المدعومة من النائب ميشال المر.
وفي العقيبة، تنافست لائحة “أمانة العقيبة” المدعومة ضمنياً من النائب شوقي الدكاش مع لائحة “العقيبة للكل” بقيادة المختار ألان عون. أما في النمورة، فتواجهت لائحة “استمرارية وإنماء” مع لائحة ثنائية يترأسها أنطوان خيرالله وإلياس عطالله
ووسط هذه الأجواء، كان للناخبين كلمتهم، لا فقط في صناديق الاقتراع، بل أيضًا في التعبير عن تطلعاتهم وسط حالة من الترقب و الأمل، بعد أن أدّوا واجبهم تحت شمس طويلة، واضعين أوراقهم في الصناديق على أمل أن تُترجم أصواتهم تغييرًا حقيقيًا في بلداتهم
تقول ماريا حنّا من جونية ل : الانتخابات هنا مزيج من السياسة والعائلة، ولكن الأهم أن الناس بدأت تستعيد ثقتها بالعملية الديمقراطية، وقد أتيت اليوم لأدلي بصوتي، لأنني أؤمن بأن التغيير يبدأ من هنا، من بلديتنا. وأملنا كبير بإدارة شفافة وكفوءة.
يتابع جو زحلان العملية الانتخابية ويقول: الامتناع لن يغيّر شيئًا. من حقنا أن نُحاسب ونُطالب، ولكن شرط أن نُشارك أولًا، اليوم انتخبت من يمثل صوتنا الحقيقي، لا من يكرّس الزبائنية أو الهيمنة اخترت لائحة الشباب لأنني أريد التغيير وضخ دم جديد. تعبنا من الوعود ونريد عملاً فعليًا
أما جورج مهنا فيقول: هذه المرة صوّتت بناءً على البرنامج، لا على اسم العائلة أو الحزب. راقبت ودرست، وشاهدت من يعمل ومن يعد فقط. أؤمن أن هذا الجيل الجديد من الشباب قادر على قلب المعادلة، ونحن هنا اليوم لنثبت أن الوعي تغيّر،
ومع ساعات الليل بدأت الصورة الإنتخابية تتبلور حيث أظهرت النتائج الأولية للانتخابات البلدية والاختيارية في جبل لبنان فوز عدد من المخاتير وتقدّم لوائح انتخابية في عدد من البلديات حيث أظهر الفرز الأولي في الجديدة – البوشرية – السد، بعد احتساب نحو 2000 صوت، تقدّم لائحة “صار وقتا” برئاسة أوغوست باخوس بفارق يقارب 500 صوت عن لائحة جان أبو جودة.
وأعلنت حملة “نهضة جونية” أن المعطيات المتوفرة لديها تشير إلى فوز كامل لائحتها الاختيارية في منطقة حارة صخر، في وقت أظهرت فيه النتائج الأولية بعد فرز 11% من أصوات المدينة (أي 1020 صوتاً من أصل نحو 9000 ناخب)، تقدّم لائحة “نهضة جونية” بنسبة 63%، مقابل 37% للائحة “جونيتنا”.
أما في بلدية الغبيري، فكانت المنافسة على أشدها بين لائحة الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) ولائحة الحراك الشعبي المنافسة. ورغم الحملة النشطة التي قادها الحراك الشعبي، إلا أن لائحة الثنائي الشيعي سجلت تقدماً كبيرًا في النتائج الأولية، حيث تفوقت بفارق كبير عن منافسيها.
هذه الانتخابات لم تكن مجرد تنافس على مقاعد بلدية، بل كانت محاولة لإعادة السياسة إلى الناس، بعد أن احتكرها زعماء الطوائف لسنوات.
ما جرى في جبل لبنان قد لا يغيّر المعادلات دفعة واحدة، لكنه يفتح الباب على مهل أمام توازنات جديدة، يكون فيها للناس الكلمة الأولى، لا فقط في التصويت، بل في المحاسبة والرقابة اليومية في بلدٍ يتأرجح بين الانهيار والبعث، جاءت صناديق الاقتراع لتذكّر الجميع أن التغيير لا يُفرض من فوق، بل يُنتزع من تحت، من بلدة صغيرة، من اسمٍ غير محسوب، من جيلٍ قرّر أن يكسر الحلقة.
الجميّل: لا يجب ان يكون اتحاد بلديات المتن "معقب معاملات"
بدء العدّ التنازلي للإنتخابات البلديّة شمالاً.. ترقّب واهتمام!.. عبدالكافي الصمد
The post جبل لبنان ينتفض.. إنتخابات بلدية تكسر الجمود السياسي!.. صبحية دريعي appeared first on .
اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار
طباعة المقال
ارسل إلى صديق
اضافة إلى المفضلة
حفظ الموضوع