في بلد يُعاني من أزمات متراكمة كلبنان، تبقى البلديات واحدة من أهم المؤسسات التي يمكن أن تُحدث فرقا مباشراً في حياة المواطن، بحكم قربها من الناس، واحتكاكها اليومي باحتياجاتهم.
لكنها، وعلى الرغم من أهميتها، تواجه عقبات كبيرة تعيق دورها وتشلّ حركتها.
ومن أبرز هذه التحديات والعوائق:
١- “ضعف التمويل”
وهذا بسبب إعتماد البلديات اللبنانية, شبه الكامل على الصندوق البلدي المستقل الذي يعاني من عجز وسوء توزيع. وبغياب تحصيل الضرائب والرسوم البلدية بشكل فعال.
٢- “تضارب الصلاحيات”
من خلال تداخل المهام بين الوزارات المركزية والبلديات, الذي يخلق فوضى إدارية. وبسبب غياب اللامركزية الإدارية الفعلية الذي يحد من قدرة البلديات على اتخاذ قرارات حيوية.
٣- “غياب التخطيط الاستراتيجي”
إن معظم البلديات تفتقر إلى رؤى ومخططات بعيدة المدى. فالعمل البلدي ينحصر غالبًا في ردود فعل ومشاريع ظرفية لا تُراكم التنمية المطلوبة.
٤- “التسييس والتدخلات الحزبية”
فقد أصبحت البلديات في بعض المناطق، امتدادًا للأحزاب وليس للمواطنين. والقرارات أحيانًا تُبنى على أسس ولاء سياسي لا على احتياجات الناس.
٥- “نقص الكوادر البشرية المؤهلة”
ويعود سبب ذلك الى ضعف في التأهيل الإداري والتقني للعاملين. وغياب ثقافة التدريب المستمر والمهنية في بعض الإدارات.
٦- “غياب الرقابة والمحاسبة”
حيث الشفافية والمساءلة لا تزال غائبة في العديد من البلديات، مما يسمح بمرور الفساد دون محاسبة فعلية.
أمّا الآمال والفرص المنتظرة من الانتخابات المقبلة يمكن تحديدها بالتالي:
أ- “تجديد الدماء والكفاءات”
حيث تشكل الانتخابات فرصة حقيقية لدخول عناصر شبابية وكفاءات جديدة مؤمنة بالتغيير ومحطة أساسية لمجتمع مدني ناشط وواعي يستطيع أن يرفع الصوت ويغيّر المعادلة من الداخل.
ب- “إطلاق ديناميكية جديدة للتنمية المحلية”
من خلال بلديات جديدة برؤية واضحة يمكن أن تُعيد تفعيل المشاريع التنموية في المناطق. وتعزز الشراكات مع المجتمع المدني والقطاع الخاص.
ج- “المطالبة باللامركزية الإدارية”
من خلال حث و دعم المجالس المنتخبة للمطالبة بقانون حديث يُكرّس (اللامركزية) ويوسّع صلاحيات البلديات.
د- “الرقابة المجتمعية والمساءلة”
من خلال زيادة الوعي المجتمعي بدور البلديات وتعزيز دور الإعلام المحلي والمنصات التفاعلية في نقل الصورة الحقيقية للمجالس.
ه- “إمكانية جذب التمويل الخارجي”
وهذا يتحقق بإعداد ملفات متكاملة واستثمار للعلاقات مع الجهات المانحة الدولية. والبلديات العالمية.
ختاماً: رغم الصعوبات، تبقى انتخابات المجالس البلدية القادمة بارقة أمل في واقع مُنهك. فالتغيير الحقيقي يبدأ من القاعدة، والبلديات هي القاعدة الأقرب للناس. المطلوب هو إرادة شعبية واعية، ومرشحين أصحاب كفاءة ونزاهة، وتعاون بين المواطن والمسؤول لتحقيق حلم الإنماء المحلي العادل والمتوازن.
The post البلديات في لبنان.. تحديات وآمال (3).. بقلـم: د. عبدالرزاق القرحاني appeared first on .