فجر الأحد، انهار الحكم "الدموي" لحزب البعث العربي الإشتراكي الذي تولى السلطة في سوريا عام 1963 ودام 61 عاماً، مع فقدان نظام بشار الأسد السيطرة على العاصمة دمشق ودخولها في قبضة فصائل المعارضة المسلحة.
وصل حزب البعث العربي الاشتراكي إلى السلطة في سوريا عبر انقلاب عام 1963، واستولى والد بشار الأسد، حافظ الأسد، على السلطة في انقلاب داخل الحزب عام 1970 وأصبح رئيساً لسوريا في عام 1971. ومع وفاة حافظ الأسد، أصبح بشار الأسد رئيساً لنظام البعث عام 2000.وعام 2011، شهدت سوريا ثورة شعبية طالبت بالحرية في البلاد وتدخل النظام ضد الجماهير باستخدام العنف، مما أدى إلى مقتل آلاف الأشخاص ودخول البلاد في دوامة حرب داخلية.بعد نزاع امتد أكثر من 13 عاماً، شهدت سوريا خلال الأيام القليلة الماضية تغييراً جذرياً تمثّل ببدء هيئة تحرير الشام وفصائل حليفة لها، هجوماً واسعاً في شمال البلاد، انتهى بإعلانها دخول دمشق و"هروب" بشار الأسد.البدايةففي 27 تشرين الثاني/نوفمبر، أعلنت هيئة تحرير الشام إضافة الى فصائل معارضة مسلحة حليفة لها، بدء هجوم على مناطق تسيطر عليها قوات النظام السوري في شمال البلاد انطلاقاً من محافظة إدلب (شمال غرب)، أبرز معاقل للمعارضة. أسفرت المعارك عن مقتل 141 شخصاً في يوم واحد، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.قطع الطريقوفي 28 تشرين الثاني/نوفمبر، حققت الفصائل المعارضة تقدماً ميدانياً سريعاً نحو حلب، كبرى مدن شمال سوريا وثاني كبرى مدن البلاد. وتمكنت من قطع الطريق الرئيسي بينها وبين دمشق. وأعلن المرصد أن الفصائل قطعت "طريق دمشق-حلب الدولي (إم 5) عند بلدة الزربة في ريف حلب، إضافة إلى السيطرة على عقدة الطريقين الدوليين إم 4 وإم 5 عند مدينة سراقب"، ما أدّى إلى توقّف الطريق الدولي عن العمل بعد سنوات من إعادة فتحه.أبواب حلبوصل المسلحون المعارضون في 29 تشرين الثاني/نوفمبر إلى أبواب مدينة حلب بعد تقدم سريع في ريف المحافظة التي تحمل الاسم نفسه، وسيطرتهم على أكثر من 50 قرية وبلدة.
رد جيش النظام المدعوم من روسيا بشنّ غارات جوية على إدلب ومحيطها. وبينما أكد النظام العمل على صدّ هجوم الجماعات "الإرهابية"، دعته موسكو الى "إعادة فرض النظام" في ريف حلب بصورة "عاجلة".استمرار التقدموفي 30 تشرين الثاني/نوفمبر، سيطرت فصائل المعارضة على معظم أحياء مدينة حلب إضافة الى مطارها الدولي والمباني الرسمية والسجون. وشنّ الطيران الروسي غارات جوية كانت الأولى على المدينة منذ استعادة قوات النظام السيطرة عليها بالكامل في العام 2016. وتقدمت المعارضة بشكل إضافي في محافظة إدلب وسيطرت على مدينة سراقب.خارج السيطرةأصبحت مدينة حلب خارج سيطرة قوات النظام السوري بشكل كامل في أول كانون الأول/ديسمبر، للمرة الأولى منذ اندلاع النزاع في البلاد عام 2011، مع استحواذ هيئة تحرير الشام والفصائل الحليفة لها على كل أحيائها باستثناء الكردية منها.توعّد الأسد باستخدام "القوة" للقضاء على "الإرهاب"، وفق ما أوردت الرئاسة، معتبراً أن "الإرهاب لا يفهم إلا لغة القوة وهي اللغة التي سنكسره ونقضي عليه بها أياً كان داعموه ورعاتُه". وأسفرت ضربات روسية على إدلب عن مقتل ثمانية أشخاص، بحسب المرصد.تأكيد الدعمتوازياً مع هجوم هيئة تحرير الشام والفصائل الحليفة لها، تقدمت فصائل مسلحة مدعومة من تركيا للسيطرة على مدينة تل رفعت (شمال) وطرد القوات الكردية منها في 2 كانون الأول/ديسمبر.رأى الأسد أن الهجوم في شمال سوريا محاولة "لتقسيم المنطقة.. وإعادة رسم خرائطها". وقال خلال اتصال مع نظيره الإيراني مسعود بزشكيان، وفق ما أوردت الرئاسة السورية، "ما يحصل من تصعيد إرهابي يعكس أهدافاً بعيدة في محاولة تقسيم المنطقة وتفتيت دولها وإعادة رسم الخرائط من جديد"، مؤكداً أن "التصعيد لن يزيد سوريا وجيشها إلا إصراراً على المزيد من المواجهة".بدورها، أكدت طهران وموسكو الدعم "غير المشروط" لدمشق. وقامت طائرات روسية وسورية بقصف مناطق تسيطر عليها المعارضة في شمال غرب البلاد، ما أسفر عن مقتل 11 شخصاً على الأقل.سقوط حماةفي 5 كانون الأول/ديسمبر، سيطرت فصائل المعارضة على مدينة حماة (وسط)، حيث تم إسقاط تمثال للرئيس الراحل حافظ الأسد. وبدأ آلاف السكان بمغادرة حمص، ثالث كبرى مدن البلاد، في ظل التقدم الذي تحققه الفصائل المسلحة، مع تجاوز حصيلة أسبوع من القصف والمعارك 700 قتيل، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.سقوط حمصوفي 7 كانون الأول/ديسمبر، أعلنت فصائل المعارضة أنها سيطرت على مدينة حمص الاستراتيجية، لتقترب بذلك من العاصمة حيث قالت سلطات النظام إنها فرضت "طوقاً أمنياً وعسكرياً قوياً".اعتبر قائد هيئة تحرير الشام أبو محمّد الجولاني أن السيطرة على حمص هي "الحدث التاريخي الذي سيفصل بين الحق والباطل"، وذلك بُعيد إعلان الفصائل توغلها داخل أحياء المدينة لتمشيطها إثر انسحاب القوات الحكومية منها.وشهد اليوم عينه إعلان الفصائل المعارضة أنها تقترب من دمشق، بينما فقدت القوات الحكومية السيطرة على محافظتي درعا والقنيطرة بجنوب البلاد.دبلوماسياً، اعتبرت موسكو أنه من غير المقبول أن تتولى "جماعة إرهابية" حكم سوريا، بينما شهدت العاصمة القطرية الدوحة اجتماعاً بين وزراء خارجية كل من روسيا وإيران وتركيا للبحث في تسارع الأحداث في سوريا.ومع تقدم ساعات الليل، أعلنت فصائل المعارضة أن قواتها بدأت بدخول دمشق.في الموازاة، أفاد مصدر مقرب من حزب الله اللبناني أن الفصيل الحليف للأسد سحب عناصره من محيط دمشق وفي حمص باتجاه لبنان ومنطقة الساحل السوري.عهد جديدفي 8 كانون الأول/ديسمبر، أعلنت فصائل المعارضة "هروب" الأسد، و"بدء عهد جديد" لسوريا، بعد دخول قواتها دمشق. وقالت "الطاغية بشار الأسد هرب... نعلن مدينة دمشق حرة".من جهته، أعلن رئيس الحكومة السورية محمد الجلالي استعداده لتسليم المؤسسات إلى أي "قيادة" يختارها الشعب. وأفاق سكان العاصمة على مظاهر ابتهاج مع إطلاق الرصاص في الهواء احتفالاً لساعات، مترافقاً مع تكبيرات المساجد والهتافات والزغاريد، وأسقط جمع من السوريين تمثالاً للرئيس الراحل حافظ الأسد في وسط دمشق.