تثير التغييرات في إدارة الفرع السوري من شركة "سينوبك" الصينية تساؤلات حول استئناف الشركة عملها في سوريا، خصوصاً في ظل تزامن الخطوة مع الاتفاقيات التي وقعتها دمشق مع الصين، والتي ربما تعكس استعداد بكين للعودة إلى قطاع النفط السوري.
وكانت جريدة "سيريا ريبورت" أشارت في وقت سابق إلى أن شركة "سينوبك" الصينية للطاقة والكيماويات المملوكة للدولة عيّنت مديراً جديداً لفرعها في سوريا في 20 حزيران/ يونيو الماضي.
ويعرف الفرع السوري للشركة، بـ"شركة الكوكب" وتم تأسيسه في العام 2004 وباشرت الشركة أعمالها في التنقيب في العام 2009. ومن المفروض أن سيطرة الشركة تشمل حقولاً في شمال شرق سوريا مثل "عودة" و"تشرين" و"الشيخ منصور". لكنها أنهت نشاطاتها منذ العام 2013 بسبب ظروف الحرب السورية.
دور متواضع
ويقلل الباحث الاقتصادي يحيى السيد عمر من انعكاسات تغيير مدير شركة "سينوبك" السورية، معتبراً أنه لا يؤشر بالضرورة إلى حدوث نشاط استثماري جديد للشركة الصينية، لاسيما وأن النظام لا يملك تلك الحقول الكبيرة التي تحتاج إلى شركات نفطية كبرى، فهي لا تكاد تنتج سوى 25 ألف برميل يومياً.
ويضيف السيد عمر لـ"المدن" أن "شركة الكوكب الصينية ما تزال موجودة في دمشق كإدارة فقط دون وجود عمل في الحقول نتيجة سيطرة قسد على حقولها". لكن في ظل زيارة بشار الأسد إلى الصين وتوقيع بعض الاتفاقيات، يمكن ترجيح استئناف وإطلاق بعض الاستثمارات المحدودة.
ويستبعد السيد عمر أن يكون أثر ودور الاتفاقيات الموقعة بين بكين ودمشق كبيراً بما يخصّ مشروع إعادة إعمار البلاد، "فهذا الدور متواضع، خصوصاً في ظل العقوبات الغربية على النظام السوري، وهنا قد نشهد افتتاحاً لبعض الشركات والمشاريع لكنها لا ترقى لأن تكون على مستوى إعادة الإعمار".
وخلال الفترة السابقة، أعلنت بكين عن مشاريع عديدة في مناطق سيطرة النظام، منها مشروع معمل إسمنت في ريف دمشق بطاقة 6500 طن يومياً، ومشروع محطة كهروضوئية بقدرة 300 ميغا وات، لكنها لا تزال غير مفعّلة، وفقاً للسيد عمر، الذي يضيف أن "الصين قدمت سابقاً وعوداً باستثمارات في مناطق سيطرة النظام بقيمة 2 مليار دولار، لم تنفذ حتى الآن".
تهيئة الظروف
ويبدو أن زيارة الأسد إلى الصين حقّقت بعض النجاح الدبلوماسي كونها تظهر أن النظام ليس معزولاً عن العالم، وهي في الوقت نفسه قد تشكل فرصة للنظام للحصول على قرض صيني يساعده في التخلص من أزماته الاقتصادية المستعصية.
ويرى الباحث الاقتصادي رفعت عامر خلال حديث لـ"المدن" أن الصين تنظر إلى سوريا كموقع جيو استراتيجي مهم. وتكمن أهميتها في أنها ممر مستقبلي لخط الحرير عبر سوريا إلى لبنان ثم أوروبا، بالإضافة إلى أنها قد تلعب دوراً مهماً في إفشال الخط المعاكس لمبادرة "الحزام والطريق" الصينية.
لكن في ما يتعلق باستئناف الشركات الصينية عملها، وفي مقدمها شركة سينوبك، والضلوع في مرحلة إعادة إعمار مناطق النظام، يستبعد عامر حصول أي نشاطات صينية "كون بكين تدرك مخاطر الاستثمار في دولة غير آمنة كسوريا".
وفي المقابل، فإن براغماتية الحكومة الصينية لا ترى أي مانع من توقيع اتفاقيات غير محددة بجدول زمني حيث يمكن العودة إليها وتنفيذها في حال اتجهت التوافقات الدولية إلى تطبيق القرار 2254 أو إيجاد حل في سوريا.
وعليه، يرى عامر أنه لا يمكن التعاقد مع النظام على مشاريع الطاقة. فالصين تدرك أن النظام لايسيطر على أكثر من 20% من تلك الحقول المتواضعة أصلاً، عدا عن وقوعها في المجال الحيوي الأميركي.