واصلت طائرات الاحتلال الإسرائيلي قصف قطاع غزة لليوم التاسع على التوالي، حيث استهدفت منازل ومواقع حكومية في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء. واستهدفت إحدى الغارات مبنى بالقرب من مقر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) ومنطقة الجامعات.
وشنت الطائرات الحربية الإسرائيلية أكثر من 50 غارة على مناطق شرق وشمال مدينة غزة فجر الثلاثاء. واستهدفت إحدى الغارات الطوابق العليا من مبنى سكني في حي النصر المكتظ بالسكان، لكن لم ترد أنباء فورية عن وقوع إصابات.
وفي وقت سابق، استهدفت غارات عنيفة مجمع أنصار الحكومي في حي الكتيبة غرب مدينة غزة، وشقة تضم مكتباً لشؤون الأسرى، كما تم قصف متنزه الكتيبة في المنطقة نفسها.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة ارتفاع عدد شهداء العدوان الإسرائيلي على غزة منذ 10 أيار/مايو، إلى 212 شهيداً، بينهم 61 طفلاً و36 امرأة، وإصابة 1400 بجراح مختلفة. فيما قصفت فصائل المقاومة عدداً من المستوطنات الإسرائيلية. وقال الجيش الإسرائيلي إنه رصد إطلاق 90 صاروخا باتجاه الأراضي المحتلة، في آخر 12 ساعة.
يأتي ذلك في وقت تستمر المساعي الأميركية لوقف التصعيد بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وقال الرئيس الأميركي جو بايدن خلال اتصال هاتفي برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه يؤيد وقفاً لإطلاق النار في غزة، وهي الدعوة التي تعكس تغيّراً طفيفاً في لهجة الرئيس الأميركي.
وقال البيت الأبيض في بيان، إن "بايدن أكد لنتنياهو هاتفياً دعمه حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها بمواجهة الهجمات الصاروخية". وأضاف البيان أن "بايدن أعرب عن دعمه لوقف إطلاق النار وناقش انخراط واشنطن مع مصر وشركاء آخرين في جهوده لتحقيق ذلك"، وأشار إلى أن بايدن "حثّ نتنياهو على ضرورة التأكد من حماية المدنيين ويشجع على إعادة الهدوء إلى القدس".
وتتعارض دعوة الرئيس الأميركي مع خطاب نتنياهو الذي خرج الاثنين بعد اجتماع المجلس الأمني السياسي المصغر ليؤكد مجدداً أن الحرب على غزة متواصلة، قائلاً: "لدينا المزيد من الأهداف"، وهو الموقف الذي تمسّك به خلال اتصاله مع بايدن، وفق بيان صادر عن مكتبه.
وأعلن البيت الأبيض الاثنين، أن مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي جيك سوليفان أجرى اتصالات مع نظيريه في إسرائيل ومصر في إطار جهود متواصلة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين بساكي إن سوليفان أكد انخراط الولايات المتحدة في جهود دبلوماسية مكثفة وهادئة لخفض التصعيد في قطاع غزة. وأضافت "لن نكشف تفاصيل جهودنا الدبلوماسية خلف الكواليس لخفض التصعيد في الشرق الاوسط". وتابعت أن "واشنطن تدعو الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني للانخراط في حوار لحل الصراع".
وفي السياق، حذّر رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارك ميلي إسرائيل مما أسماها مخاطر توسّع نطاق النزاع مع حركة "حماس" إلى أبعد من حدود غزة، مشدداً على أن "لا مصلحة لأحد في مواصلة المعارك".
وخلال رحلة جوية إلى بروكسل للمشاركة في اجتماع لرؤساء أركان جيوش دول حلف شمال الأطلسي، قال ميلي للصحافيين: "هناك مدنيون يُقتلون وأطفال يُقتلون". وأضاف أن "إسرائيل تحاول الدفاع عن نفسها"، مستدركاً: "مستوى العنف هناك بلغ حداً يجعل مواصلة المعارك أمراً لا يصبّ في مصلحة أحد".
ولدى سؤاله عن ضلوع محتمل لإيران في دعم حماس، أشار ميلي إلى أن "مستوى العنف هذا يزعزع الاستقرار أبعد من حدود غزة". وتابع: "أياً تكن الأهداف العسكرية، يجب أخذ العواقب في الاعتبار". وأضاف "برأيي، على كل الأطراف المعنيين احتواء التصعيد في هذه المرحلة".
ووسط التغيير في اللهجة الأميركية تجاه معركة غزة وفي ظل تواصل تعبير الأوساط الإسرائيلية عن خيبة أملها من نتائج العدوان على غزة، قال المراسل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرنوت" يوسي يهشوع إن عدد الصواريخ التي أطلقتها حماس على إسرائيل، في الأسبوع الأول من الحرب الدائرة حالياً، يساوي عدد الصواريخ التي أطلقتها في حرب 2014، والتي استمرت 50 يوماً.
وكتب يهشوع في تغريدة إن حماس أطلقت في آخر 24 ساعة فقط 240 صاروخاً على العمق الإسرائيلي، مشدداً على أن غارات الجيش لم تتمكن من المس بمنصات إطلاق الصواريخ التابعة للحركة.
وفي السياق، أكد نائب رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق عيران تسيون أن إسرائيل لن تخرج منتصرة من الحرب الدائرة على القطاع. وأشار في سلسلة تغريدات، إلى أن إسرائيل خاضت الحرب من موقع "دونية" بسبب الاعتبارات السياسية والشخصية لنتنياهو.
وأضاف المسؤول الأمني الإسرائيلي السابق أن "حماس تمكنت من تأمين النصر في هذه الحرب منذ بدايتها، عندما نجحت في عرض نفسها كدرع للقدس وحامية لها، وعندما عطلت أعمال الكنيست وأغلقت مطار بن غوريون وشلت منطقة جوش دان (تضم تل أبيب)، وهذا يدل على أن حماس حققت إنجازاً استراتيجياً على صعيد الوعي".
بدوره قال الكاتب الصحافي حامي شليف في تغريدة: "من الذي أعطى التعليمات بإغلاق حي رأس العمود، وبأن يتم اعتقال فلسطينيي الداخل وهم في طريقهم للصلاة في المسجد الأقصى، ومن الذي أمر بإطلاق القنابل الصوتية في قلب الحرم، الذي يعد مقدساً للمسلمين، وألقى بذلك الكبريت في برميل الوقود، هل تم هذا عن غباء أم يعكس مؤامرة إجرامية؟".