لن تهنأ الطفلة إيللا طنّوس بالحكم القضائي الذي أنصفها بعد معاناة 6 سنوات في المحاكم، وبعد أن خسرت أطرافها الأربعة نتيجة خطأ طبي عام 2015. قبل يومين صدر القرار الحكم عن رئيس محكمة الاستئناف في بيروت، القاضي طارق البيطار، بدفع مستشفيي الجامعة الأميركية وسيدة المعونات والطبيبين عصام م. ورنا ش. بالتكافل والتضامن، مبلغ تسعة مليارات ليرة لبنانية بدل عطل وضرر، بالإضافة إلى دفع دخل شهري لمدى الحياة بقدر أربعة أضعاف الحد الأدنى للأجور، ومبلغ عطل وضرر لوالدي إيللا. لكن اللجان الطبية وتجمّعات أطباء ترى في قرار البيطار إجحافاً بحقّها.اللجنة الطبية في "الأميركية"أكدت اللجنة الطبية في المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت وقوفها إلى جانب الطفلة إيللا طنوس "التي عانت من آثار مرض فتّاك كاد يودي بحياتها، لولا تفاني الطّاقم الطبيّ وعلى رأسه الدّكتورة رنا شرارة". وفي الوقت نفسه دانت اللجنة بأشد العبارات ما وصفته بـ"الحكم الجائر الصّادر عن محكمة الاستئناف برئاسة القاضي بيطار". ولفتت في بيان صادر عنها إلى أنّ المستشفى أرسلت ملفّ الطّفلة إلى جامعات عدّة في الولايات المتّحدة الأميركيّة وأوروبا طالبةً مراجعة الأعمال الطبيّة خلال فترة استشفاء إيللا في المركز الطبي في الجامعة الأميركيّة، "وجاءت النتيجة ثناءً لأطبّائنا على حسن التشخيص والعلاج المطابقين للمعايير الدولية". واعتبرت اللجنة أنّ القضية "جزء من حملة جائرة على صرح طبيّ لطالما كان فخراً للبنان"، معربةً عن أسفها "لعدم تمعن القضاء في النظر والتدقيق في المراسلات والدراسات العلمية التي قدمت معلومات دقيقة عن حسن اختيار العلاج الذي تم اتباعه لمعالجة الطفلة طنوس". كما شدّدت اللجنة على أنّ أطباء الأميركية لن يساوموا على "حق الزميلة رنا شرارة في العدالة".اللجان الطبيةوفي بيان آخر صادر عن اللجان الطبية في 31 مستشفى لبناني، اعتبرت هذه اللجان أنّ الحكم الصادر "يفتقر لأي أساس علمي وطبي، مبتعداً ومتجاوزاً في ذلك رأي لجنة التحقيق في نقابة أطباء لبنان". واعرب البيان الصادر عن اللجان الطبية أنّ الحكم الصادر عن البيطار "يشكّل إساءة بكل أبعاده المعنوية والمادية للطبيب ولمهنة الطب بشكل عام"، مشيرةً إلى تقصير نقابة الأطباء بالتصدي للموضوع بشكل فعّال منذ البداية. واعتبر البيان أنّ "الطبيب ومهنة الطب بأسرها أصبحت مهددّة"، مطالبة النقابة بالوقوف بوجه كل حكم جائر تجاه الأطباء وبإصدار بيان واضح في هذا الشأن. كما لوّحت اللجان الطبية بالبحث "باتخاذ قرار توقف الأطباء عن استقبال الحالات الحرجة على خلفية هذا الحكم". أما اللجان التي وقعت البيان فهي من مستشفيات: الجامعة الأميركية، بيروت نوفل، مستشفى خروبي، مستشفى البرج، مستشفى صيدا الحكومي، الزهراء الجامعي، المقاصد، الحريري الجامعي، بهمن، حمّود، رياق، السان جورج الحدث، جبيل الحكومي، ميس الجبل، النجدة الشعبية، الرسول الأعظم، المرتضى بعلبك، عين وزين، تمنين، حاصبيا الحكومي، شتورة، تل شيحا، الراعي، تبنين الحكومي، اللبناني الإيطالي، العاصي، البقاع الغربي، فرحات، أوتيول ديو، دار الأمل وسيدة المعونات.نقابة الأطباءوفي اتصال مع "المدن"، أكد نقيب أطباء لبنان في بيروت، الدكتور شرف أبو شرف، أنّ موقف النقابة واضح بهذا الخصوص، مشيراً إلى البيان الصادر عن مجلس النقابة في هذا الإطار. وجاء في بيان الأخير التأكيد على التعاطف مع الطفلة مشيراً إلى أنّ "الالتهاب الجرثومي الذي أصابها هو من الأمور المستعصية وذلك بحسب الدراسات العالمية و90% من هذه الحالات مصيرها إما الوفاة وإما البتر وتبقى نسبة الشفاء بعد العلاج فقط 10%". وأشار المجلس إلى أنّ النقابة تعمل على دراسة الملف مجدداً".غرامة مجحفةواعتبرت النقابة أنه وفي حال وجود أخطاء طبية، فـ"الغرامة التي فرضها القضاء هي مجحفة بحق من قاموا بكل ما بوسعهم لانقاذ حياة الطفلة"، مشيرةّ إلى أنّ"مثل هذه الأحكام سيؤدي إلى تهرّب الأطباء لاحقاً من معالجة الحالات الصعبة، وسيصبح بالتالي من الصعب وجود أطباء في الطوارئ أو في العناية الفائقة للاهتمام بالمرضى". ولفتت إلى تضحيات الأطباء لإنقاذ مرضاهم بشكل شبه مجاني "في المقابل لا نرى بين الحين والآخر سوى تعنيف لفظي أو جسدي". ووصفت حكم البيطار بأنه "عنف مادي على الطبيب الذي لن يستطيع تسديد المبلغ المفروض حتى ولو عمل كل حياته"، مضيفةً أنّ للحكم سلبيات كبيرة على المجتمع ككل وليس على الطبيب فقط، ومنها هجرة الأطباء التي نعاني منها، من دون ذكر التعرفات الطبية الهزيلة وحقوقهم المهدورة منذ عقود. كما اعتبرت أنّ الغرامة والحكم عقبة إضافية تعترض عمل القطاع الطبي، مشيراً إلى أنها "ستعمد إلى ممارسة كلّ السبل المتاحة قانونياً للمراجعة ضدّ هذا القرار في سبيل التوصّل إلى الحدّ من نتائجه المادية الخياليّة"، إضافة إلى تنظيم اعتصام رمزي ظهر يوم الإثنين أمام قصر العدل.