دعا العلّامة السيد علي فضل الله إلى " الحرص على العمل الجماعي في جمعية المبرّات الخيرية"، مشدداً على "ضرورة تضافر جهود كل العاملين في هذه المؤسسات المتنوعة، من خلال التلاقي، والتعاون، والتناصح، وتبادل الخبرات، فكلّنا في سفينة واحدة، وإذا أصيبت أي مؤسسة بعطل فإنّ ارتداده سينعكس سلباً على الجميع". جاء ذلك في كلمته في اللقاء التشاوري الموسّع الذي عقدته جمعية المبرّات الخيريّة في "الساحة – قرية لبنان التراثية"، بمشاركة ممثلين عن مختلف مؤسسات الجمعية وقطاعاتها.
شارك في اللقاء أعضاء من الهيئة الإدارية لجمعية المبرّات، مديرو دوائر ومديريات الإدارة العامة، الهيئات الإدارية للمؤسسات التربوية، مؤسسات التعليم العالي، مؤسسات ذوي الاحتياجات الخاصة، المؤسسات الرعائية، المؤسسات الصحية، المراكز الثقافية والمؤسسات الإنتاجية، إلى جانب أعضاء من جمعية متخرجي المبرّات، وجمعية كشافة المبرّات.
يأتي هذا اللقاء في سياق اللقاءات الدورية التي تنظمها جمعية المبرّات الخيرية سنوياً، حرصًا منها على تجديد التواصل بين فرق العمل وتوحيد الجهود لمواجهة التحديات، وتكريس ثقافة العمل المؤسسي المستدام القائم على الشراكة والشفافية والتطوير.
ويشكّل اللقاء مساحة لتداول الأفكار والمبادرات الرامية إلى تطوير العمل في مختلف ميادين الجمعية، حيث جرى استعراض أوراق عمل أبرزت التحديات القائمة على الصعيدين المؤسسي والمجتمعي، واقترحت رؤى وحلولاً عملية لتعزيز التكامل بين المؤسسات وتحقيق أهداف الجمعية التربوية والاجتماعية والرعائية.
في البداية ألقى منسق اللقاء الأستاذ إبراهيم علاء الدين كلمة قال فيها: "إننا نجتمع تحت عباءة العلّامة المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله بعنوان (نهجك إصلاح) ، لنجدّد العهد مع المرجعية المؤسّسة، وننظر معاً إلى السنوات الخمس القادمة برؤية موحّدة، ونُطلق ورشة تفكّراستراتيجي تُفضي إلى رسم أهداف واضحة، تعزّز حضور الجمعية، وتُكرّس رسالتها، وتُواجه التحديات المتزايدة في محيطٍ اجتماعي واقتصادي صعب".
ثم ألقى مدير عام جمعية المبرّات الخيرية الدكتور محمد باقر فضل الله كلمة أشار فيها إلى "أن (نهجك إصلاح)، شعار نرفعه وفكر نسير عليه، إنه دعوة إلى التغيير من العمق، من الإنسان الذي نتولى تربيته وتعليمه، ومن بيئتنا المهنية التي تحتضنه وتسهم في تشكيل وعيه ومساره، فالإصلاح كما أراده المرجع فضل الله لا ينفصل عن أبنائنا وتلامذتنا الذين نراهن عليهم في التغيير، وبناء شخصية مؤمنة وواثقة ومتماسكة ومستندة إلى القيم المجبولة بالأخلاق، المشبعة بالرحمة والوعي والقدرة على التمييز، إصلاح يبدأ من التربية وينضج في التعليم ويتجلّى في السلوك".
وأكد على "ان الإصلاح يبدأ من جرأة الاعتراف بالخطأ، من الشفافية مع الذات، من قبول النقد، من الانفتاح على التغيير. وهذا ما عرفناه في تجربة المبرّات"، قائلاً: "لقد حققنا الكثير حين آمنا بمبدأ الإصلاح؛ من مشروع التطوير الإداري، إلى نظام الجودة، إلى المقاربات التعليمية والبرامج الداعمة، إلى المبادرات النوعية التي شكلت فارقاً في بيئتنا التربوية التعليمية والرعائية والإنتاجية والصحية والرسالية".
وأضاف: "بعد كل ما واجهناه من أزمات، وما نشهده من تغيّرات تكنولوجية ومعرفية واجتماعية، نحن مدعوون إلى نقد ذاتي جاد، نراجع فيه آليات العمل وأساليبه، على امتداد مؤسساتنا التعليمية، الرعائية، الإنتاجية، الصحية والرسالية، لنعيد إشعال شغف البدايات ونفعّل مرونة التكيف ونوازن بين الطموح والإمكانات وننطلق في نهج إصلاح جديد يفتح الآفاق لإبداعات تعبّر عن فرادتنا وهويتنا".
وبعد مداخلات لممثلي مؤسسات المبرّات ألقى رئيس الجمعية العلّامة السيد علي فضل الله كلمة أكد فيها على "أهمية اللقاء، لكونه يجمع كل كوادر الجمعية التي نعتز بدورهم الرسالي، وبما قدّموه وما سيقدّمونه رغم كل الظروف الصعبة التي نواجهها، والتحديات على مختلف الصعد الأمنية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية".
وأضاف: "علينا أن نحرص على العمل الجماعي، وهذا ما يميّز جمعية المبرّات الخيرية، التي غرس بذورها وأرسى دعائمها المرجع السيّد فضل الله"، مؤكداً على "ضرورة تضافر جهود كل العاملين في هذه المؤسسات المتنوعة، من خلال التلاقي، والتعاون، والتناصح، وتبادل الخبرات، فكلّنا في سفينة واحدة، وإذا أصيبت أي مؤسسة بعطل فإنّ ارتداده سينعكس سلباً على الجميع".
وشدّد على "أهمية النقد البنّاء الذي يهدف إلى معالجة الأخطاء وتفادي تكرارها، لا إلى تسجيل النقاط، أو تهديم البنيان، أو الإساءة إلى المؤسسة أو القائمين عليها، لافتاً إلى أن "المرجع فضل الله كان مشروعه مشروع إصلاح شامل في هذا البلد على جميع المستويات، إصلاح يسهم في النهوض وجعل البلد أفضل، على صعيد بناء دولة الإنسان، حيث يسود القانون والعدالة".
وأشار إلى أن "الوحدة الإسلامية كانت هاجس المرجع فضل الله الدائم، ولذلك بذل جهداً كبيراً في سبيل تعزيزها وتأصيلها في مجتمعنا، من خلال التركيز على القواسم المشتركة. كما عمل على تأكيد الوحدة الوطنية بين مكونات الوطن وطوائفه المتنوعة، معتبراً أن للجميع حقوقاً وعليهم واجبات في وطن يحكمه مبدأ الكفاءة والشفافية".
ودعا إلى "تعزيز ثقافة النقد وقبولها، حتى يستقيم المجتمع وتقوم المؤسسات بدورها، بعيداً عن المحسوبيات وسواها، مؤكداً على ضرورة معالجة كل نقاط الضعف، وتعزيز نقاط القوة"، آملاً "أن نُقْدِم على مرحلة جديدة، مرحلة بناء الدولة القوية والعادلة، فالتجارب أثبتت أن هذا الوطن لا يقوم إلا بكل طوائفه ومذاهبه، مشدّداً على ضرورة تغليب منطق التوافق على منطق الإقصاء والتهميش والارتهان للخارج".
وختم بالقول: "لقد آن لهذا الوطن أن يرتاح إنسانه من الصعوبات التي يواجهها، وذلك لا يتم إلا بوحدة أبنائه، وتكاتفهم، وتوحيد جهودهم، ووقوفهم معاً في مواجهة كل هذه الضغوط والتحديات".