تُعتبر قضية "الفيول أويل" المستورد قضيةً مزمنةً منذ عشراتِ السنين، فمئات ملايين الدولارات تُجنى كأرباح سنوية تحت غطاء أن عقود الفيول تتم من دولة الى دولة، أي بين لبنان وشركة "سوناطراك" المملوكة من الحكومة الجزائرية.
ولكن للمرة الأولى، يتمُّ مقاربة الملف بطريقة جديّة تَضع الإصبع على الجرح لمنع النزيف، يسلط "ليبانون ديبايت" الضوء عليها من خلال معطيات وتفاصيل جديدة من مصادر موثوقة.
فبعد وصول باخرة الفيول قادمةً من مرفأ مالطا الى مرفأي الجية والزوق بلبنان، كانت المختبرات في مالطا وفي بيروت أشارت الى انها مطابقة للمواصفات، ولكن بعد 10 أيام فَتح مصرف لبنان اعتماد السداد لـ"سوناطراك" وتمَّ أخذ عيّنة لفحصِها من قبل شركة "Bureau veritas" فرع دبي فتبيّّن أنها غير مطابقة و"مغشوشة".
على الإثر، تحرك القضاء وفتحت القاضية غادة عون تحقيقاً حول القضية، وإذا بالمُدّعي العام المالي القاضي علي ابراهيم يفتح تحقيقاً موازياً!
وفي خطوة مثيرة للإستغراب، أرسل وزير الطاقة ريمون غجر كتاباً الى مدّعي عام التمييز لإبلاغه حول السلطة القضائية المناسبة للتعاون معها.
إلّا أنه بعد ثلاثة أيام من مباشرة التحقيق، تمّ تسريب معلومات إعلامية عن حفظ النيابة العامة المالية الملف لعدم تكبيد الخزينة أي خسارة، أي أنّ الملفَ أقفِل على طريقة "أبو ملحم"...
من جهتها، أصدرت شركة "سوناطراك" عبر ممثلها في لبنان طارق فوّال بياناً تنفي من خلاله علاقتها بأي شركة وسيطة بالفيول، مؤكدةً أن لا علاقة لشركة "zr enegy" بأي عملية استيراد وان العقد الموقّع هو من دولة الى دولة.
وتقدّم التيار الوطني الحر عبر المحامي وديع عقل بإخبار لدى القاضية عون لمنع إقفال الملف، بعد أن عمد القاضي المالي علي ابراهيم الى حفظه، فإستكملت القاضية عون التحقيقات واستدعت كبار المسؤولين في الملف، حيث ظهرت معلومات واعترافات تفيد بتوّرط عدد كبير من الموظفين في عمليات رشاوى بهدف التلاعب في نتائج المختبرات وكذلك عمليات تزوير في بوالص الشحن لاخفاء المستوردين الفعليين في الملف!
وقد ظهرت في هذا الاطار مستندات عالمية بالغة الاهمية، تُناقض المعلومات المغلوطة التي عمدت سوناطرك من خلالها الى إيهام الرأي العام اللبناني لسنوات وسنوات بأنها هي المستورد الفعلي للفيول، كما ثَبُتَ حسب اعتراف "فوّال" أن "سوناطراك" هي واجهة لشركتي "BBI" لصاحبها بهاء البساتني وشركة "zr enegy".
ليظهر في العقد الموقع فيما بعد، خللاً كبيراً يحمّل الدولة المسؤولية لحظة تحميل الشحنة من خارج لبنان، أي انه يمكن للمستورد التلاعب في النوعية في عرض البحر! والاهم ثَبوت توّرط المنشآت النفطية ومديرها والمختبرات بالتلاعب بنتائج الفحوصات مقابل رشاوى.
كما ثَبُت أن الباخرة فيها رواسب فيول، بحيث تمَّ خلط الكمية برواسب المصافي، في حين يُدفع للناقلين من قبل المصافي للتخلص منها، وقد تسبّبت النوعية السيّئة من الفيول بتوقيف معامل الكهرباء والحاق اضرار كبيرة فيها.
ختاماً، السؤال الأهم لرئيس الحكومة حسان دياب: أليس أصبح لزاماً إبطال الدولة للعقد مع شركة سوناطراك بعد بروز أدلة ثابتة ودامغة عن تورطها الى جانب شركة مستوردة بعمليات رشاوى واحتيال وتزوير كبدت الخزينة ملايين الدولارات؟ ولماذا لا يجري التعاقد مع شركات عالمية مثل "توتال" وغيرها، ممن يملكون مصافي وناقلات لتفادي عمليات الاحتيال والتلاعب والتزوير؟
والسؤال المشروع في هذا المجال: هل هذه هي الاسباب التي عرقلت إنشاء محطات تغويز توفِّر مليارات الدولارت عن الخزينة بدل استعمال الفيول والمازوت؟