عاد النقاش، ومعه السّجال، حول قانون الإنتخابات النيابيّة ليتصدر المشهد السّياسي الداخلي، بعد هدنة فرضتها زيارة البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان نهاية شهر تشرين الثاني الماضي ومطلع شهر كانون الأوّل الجاري، والتطوّر الذي فرضه تعيين السّفير السّابق سيمون كرم رئيساً لبعثة لبنان في لجنة “الميكانيزم”، وما رافقه وأعقبه من مواقف سياسية متباينة بين مؤيّد ومتحفّظ ورافض.

أساس هذا النقاش المُستجدّ حول قانون الإنتخابات هو مشروع القانون المُعجّل المُكرّر الذي أرسلته الحكومة إلى المجلس النيابي في 27 تشرين الثاني الماضي، وهو صورة شبه متطابقة عن مشروع القانون الذي تقدّمت به القوّات اللبنانية وحزب الكتائب ونواب قوى التغيير إلى المجلس النيابي، وأحيل إلى لجنة نيابية لدرسه مع 11 مشروع قانون آخر ما تزال جميعها جامدة في مكانها بسبب التباعد الواسع الدائر بين القوات وحلفائها من جهة والثنائي الشّيعي والتيّار الوطني الحرّ وتيّار المردة وحلفاءهم من جهة ثانية، وخلافهم حول بند إقتراع المغتربين الذي يبدو أبرز العقد والعراقيل.

مؤيّدو مشروع قانون الحكومة الذي تبناه وزراء القوّات اللبنانية وحلفاءهم في حكومة نوّاف سلام ينطلقون في هذا التأييد وتعويلهم عليه من أنّ القانون يفرض ـ وفق رأيّهم ـ على رئيس المجلس النيابي نبيه برّي إحالته إلى الهيئة العامة للمجلس في غضون 15 يوماً، للبتّ به تأييداً أو رفضاً، وهي مهلة زمنية غير مفروضة ـ برأيّهم أيضاً ـ على مشروع القانون الذي قدّموه في المجلس النيابي.

لكنّ هذه القراءة الدستورية والقانونية لآلية عمل مجلس النوّاب ليست واحدة بين الطرفين، إذ لكلّ منهما تفسيره واجتهاده بهذا المجال، ما أدخل عنصراً إضافياً إلى السجال والجدل العبثي الدائر بينهما، وسيجعل الأيّام المقبلة مفتوحة على سيناريوهات عديدة ومتشعبة من التباين والتشنّج السياسي، ومن مزايدة كلّ منهما على الآخر، وتمترس كلّ طرف خلف موقفه.

في ظلّ إنسداد أفق الحلول أمام أيّ مخرج للأزمة تزداد الأسئلة المقلقة حول مصير الإستحقاق الإنتخابي المنتظر ومستقبل البلاد في المرحلة المقبلة، وترتفع المخاوف من أن يكون ذلك مقدمة لإدخال لبنان في نفقٍ لا أحد يعرف كيف سيخرج منه ومتى، ووفق أيّ صيغة دستورية وسياسية، وما هي تكلفة هذا المخرج على جميع المكونات بلا استثناء؟

تكاد الأجوبة تكون معدومة، ولا يجد اللبنانيون وسط هذه المعمعة من يطمئنهم إلى مستقبل ومصير بلدهم الذي يقف على مفترقٍ بالغ الخطورة، في ظلّ إنقسام داخلي يزيد من القلق، واعتداءات إسرائيلية لا تتوقف عليه برّاً وجوّاً وبحراً، مع تهديده باعتداءات أوسع في حال لم يستجب لشروطه، ومواقف دولية تقودها الولايات المتحدة الأميركية، تحديداً، تحدثت بوضوح عن اليأس من إصلاح الأوضاع في لبنان عندما وصفته بأنّه “دولة فاشلة”، وصولاً إلى الحديث عن إلغائه ككيان وإلحاقه أو ضمّه إلى سورية، ما يعني شطبه عن الخارطة وإنهاء وجوده.

موقع سفير الشمال الإلكتروني