عنوان واحد يختصر مشهديّة الحراك العربي والدولي تجاه لبنان: زيارة رئيس الجمهورية جوزاف عون إلى سلطنة عُمان اليوم، والاجتماع التنسيقي لدعم الجيش اللبناني الذي ستستضيفه باريس في الثامن عشر من الشهر الجاري، ويحضره قائد الجيش العماد رودولف هيكل، إلى جانب الأمير يزيد بن فرحان، والموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس، ومبعوث الرئيس الفرنسي جان إيف لودريان، وفق معلومات “الأنباء الإلكترونية”.
ويأتي الاجتماع قبل ساعات من انعقاد الجلسة الثانية للجنة “الميكانيزم” بعد ضمّ شخصيات مدنية إليها، ويُعوَّل عليه للدفع نحو عقد المؤتمر المرتقب لدعم الجيش، خصوصًا مع اقتراب نهاية ولاية قوات “اليونيفيل”.
ويتقاطع هذا الحراك مع الزخم الدبلوماسي في لبنان تحت عنوان رئيسي: لجم العدوان الإسرائيلي ومنع تجدد الحرب.
فمن اجتماع لجنة “الميكانيزم” نهاية الأسبوع الماضي برئاسة السفير سيمون كرم وبمشاركة الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس، مرورًا بالجولة الدولية في جنوب الليطاني للاطلاع على آلية تنفيذ خطة “درع الوطن”، وصولًا إلى زيارة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان الذي وصل أمس إلى بيروت للقاء المسؤولين، تبرز مؤشرات دولية واضحة إلى أنّ الدولة اللبنانية، برئاساتها الثلاث، والجيش اللبناني بقيادته الحكيمة، يقومان بدورهما الكامل في الجنوب وفق خطة “درع الوطن”، التي تنتهي مرحلتها الأولى نهاية الشهر الجاري.
كما أنّ الجيش يلتزم تنفيذ البيان الوزاري المتعلّق بسحب السلاح غير الشرعي من كامل الأراضي اللبنانية. ويرحب لبنان بأي دعم دولي يسهّل تنفيذ خطواته الهادفة إلى تثبيت الاستقرار ومنع انزلاق المنطقة إلى حرب جديدة، مؤكّدًا عزمه عدم السماح بتحويل لبنان إلى ساحة مواجهة أو ورقة تفاوض في الملفات الإقليمية.
عون – موقف واضح من الميكانيزم
على هذا الأساس، أبلغ رئيس الجمهورية الموفد الفرنسي خلال لقائه أمس في قصر بعبدا بأنّ لبنان يؤيد أي تدقيق تجريه لجنة الميكانيزم في الإجراءات المطبّقة جنوب الليطاني وفق القرار 1701، رافضًا الاتهامات التي تدّعي عدم قيام الجيش بدوره كاملاً في الجنوب.
وأكد أنّ هذا الموقف أثبتته قيادة “اليونيفيل” و”الميكانيزم” كما لمسه سفراء دول مجلس الأمن. كما رحّب بأي دور فرنسي ضمن اللجنة يساهم في تحقيق أهداف المفاوضات.
لودريان – دعم فرنسي للجيش وللآلية التفاوضية
لودريان أثنى بدوره على خطوة الرئيس عون بتعيين السفير كرم رئيسًا للوفد المفاوض في لجنة “الميكانيزم”، ونقل تحيّات الرئيس إيمانويل ماكرون ودعمه لخطوات تفعيل عمل اللجنة.
وأكد أن فرنسا تقف إلى جانب لبنان في خياراته الوطنية وتدعم كل ما يعزز أمنه واستقراره.
وفي تصريح بعد لقائه وزير الخارجية يوسف رجّي، أوضح لودريان أنّ هدف زيارته هو الاطلاع على الموقف اللبناني قبل الاجتماع الثلاثي المنتظر الأسبوع المقبل في باريس بين فرنسا والولايات المتحدة والسعودية، تحضيرًا للمؤتمر الداعم للجيش ولخارطة طريق نحو تثبيت وقف إطلاق نار طويل الأمد.
حراك دبلوماسي متصاعد
وفي رسالة لافتة تؤكد الدعم الأميركي للجيش وقائده، كشف السفير الأميركي ميشال عيسى بعد لقائه الوزير رجي عن وجود اتصالات لعودة زيارة قائد الجيش إلى واشنطن، معتبرًا أنّ “الزيارة ستتم”، وأن الأمور تتضح أكثر، رغم عدم تحديد الموعد بعد.
مصادر مطلعة أكدت لـ”الأنباء الإلكترونية” أنّ الحراك الدولي والعربي يستهدف نقطتين أساسيتين:
1- تعزيز الثقة الدولية بالجيش وتوفير الدعم اللازم له
وذلك بالتوازي مع موافقة الكونغرس الأميركي على تزويد الجيش بمعدّات حديثة، وموافقة واشنطن على تنظيم مؤتمر دولي لدعم الجيش مطلع الشهر المقبل، بعد الإعلان عن تنفيذ المرحلة الأولى من سحب سلاح “حزب الله” جنوب الليطاني.
2- زيارة الرئيس عون إلى سلطنة عُمان
وتأتي في إطار دور مسقط كمنصّة تفاوضية بين واشنطن وطهران. وتشير المعلومات إلى أنّ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان نجح في الحصول على موافقة إيرانية على التفاوض بشأن ثلاث نقاط أساسية: التخصيب النووي والصواريخ الباليستية ووقف دعم الفصائل الموالية لطهران في لبنان والعراق واليمن.
وتكشف المصادر أنّ طهران وافقت على تسليم السلاح المتوسط والثقيل الخاص بحزب الله إلى الجيش اللبناني، ونقل الصواريخ الدقيقة من لبنان إلى العراق، وأن النقاش توقف عند الجهة التي ستتولى إدارة هذه الصواريخ في العراق بين الجيش العراقي و “الحشد الشعبي” الذي ترفض واشنطن منحه هذه الصلاحية.
كما توقف النقاش عند موضوع تخصيب اليورانيوم، إذ تصر واشنطن على التخصيب خارج إيران، فيما تطالب طهران بالتخصيب داخل أراضيها تحت إشراف دولي وعربي.
وتؤكد المصادر أنّ زيارة الرئيس عون إلى مسقط ستلامس هذا الملف، خصوصًا في ظل مواقف إيرانية متضاربة تجاه لبنان بين من ينفي التدخل في شؤونه وبين من يعتبر سلاح “حزب الله” أولوية تتقدم على الوضع المعيشي.
وسيوجّه عون عبر مسقط رسالة واضحة إلى طهران مفادها: “لبنان يرفض أن يكون ورقة تفاوض لمصلحة ملف التخصيب النووي”.