مفاجئاً للغاية كان الرقم الذي أعلنته وزارتا الدّاخلية والبلديات والخارجية والمغتربين، يوم أمس، عن أعداد النّاخبين اللبنانيين المغتربين الذين تسجّلوا على منصّة وزارة الخارجية والمغتربين تحضيراً لمشاركتهم في الإنتخابات النيابية المقبلة، بعدما بدا الرقم هزيلاً للغاية مقارنة بمن تسجّلوا للمشاركة في إنتخابات العام 2018 أو إنتخابات العام 2022، وبالتالي فإنّ التعويل على أنّ مشاركتهم في الإستحقاق الإنتخابي ستقلب الأمور رأساً على عقب لمصلحة فريق سياسي على حساب فريق سياسي آخر، لا يبدو منطقياً ولا واقعياً.
وما زاد من حجم المفاجأة أنّه منذ فتح الأبواب أمام المغتربين لتسجيل أسمائهم لكي يتمكنوا من المشاركة في الإنتخابات حيث يقيمون، أنّ عددهم بلغ 33.390 ناخباً غير مقيم، برغم أنّ باب التسجيل فتح أمامهم في 2 تشرين الأوّل الماضي، أيّ منذ أكثر من شهر، وأنّ مهلة التسجيل أمامهم ستنتهي في 20 تشرين الثاني الجاري، أيّ بعد 15 يوماً بالتمام بالكامل، وهي أيّام يساور الشّك كثيرون في أن يرتفع فيها بنسبة كبيرة عدد المغتربين الذين سيسجلوا أسماءهم، ما يعكس فتوراً من قبلهم وقلّة حماسة، ويُشكّل بلا شكّ نكسة كبيرة لأحزاب وتيّارات سياسية إستنفرت في الأيّام الأخيرة من أجل حثّ المغتربين ودفعهم الى تسجيل أسمائهم أملاّ في إحداث تغيير سياسي ينشدونه.
هذه المفاجأة ـ الصدمة نبعت من مقارنة عدد المغتربين الذين سجّلوا أسماءهم للمشاركة في الإنتخابات المقبلة، بمن تسجّلوا في الدورتين الإنتخابيتين السّابقتين. ففي دورة إنتخابات 2018 بلغ عدد النّاخبين المغتربين 82.965 ناخباً إقترع منهم 46.799 مقترعاً (56 %)، وفي دورة إنتخابات 2022 بلغ العدد 225.277 ناخباً إقترع منهم 141.575 مقترعاً (62 %)، وهي أرقام لا تدلّ الوقائع على الأرض، حتى الآن، أنّ المغتربين الذين سيقترعون في إنتخابات أيّار المقبل سيرتفع عدد من سيتسجل منهم في الأيّام الـ15 المتبقية أمامهم، وبالتالي لن يكونوا على قدر الآمال التي علّقها عليهم بعض من في لبنان والخارج، وأنّهم لا يستأهلون “الكباش السياسي” الذي يدور حولهم ويُهدّد بتطيير الإنتخابات برمتها، نظراً للفارق الكبير بين عددهم في الإنتخابات المقبلة وأعدادهم في دورتي 2018 و2022.
تبريرات كثيرة ستُقدّم بلا شكّ لتفسير تراجع أعداد النّاخبين المغتربين الذين سجّلوا أسماءهم للإنتخابات المقبلة، منها الشّك إنْ كانوا سيقترعون لانتخاب ستّة نوّاب فقط مخصّصة لهم في القارات الستّ أم سيقترعون للنوّاب الـ128، والخشية مِنْ أنّ مَنْ سيتسجل منهم للإقتراع في الخارج سيُحرم من القيام بذلك في لبنان ما جعلهم يتريثون في تسجيل أسمائهم، واقتناع قسم لا يُستهان من المغتربين أنّ أصواتهم لن تُغيّر النتائج والمعادلة السياسية القائمة، وتراجع إرتباط أجيال من المغتربين بوطنهم بعد اندماجهم وعائلاتهم في بلاد الإغتراب، كليّاً أو جزئياً، وصولاً إلى تفضيل كثيرين النزول إلى لبنان والإقتراع فيه بين أهلهم وأقاربهم.
وعلى الرغم من أنّ البعض دعا منذ أيّام إلى تمديد مهلة التسجيل أمام المغتربين إلى نهاية الشّهر المقبل، وهي دعوة لا يُرجّح أن تلقى إستجابة بسبب ضيق الوقت، فإنّ ما كشفته الأرقام الهزيلة للمغتربين الذين سجّلوا أسماءهم للمشاركة في الإنتخابات سيُشكّل دافعاً، بالنسبة للبعض، إلى عدم التعويل عليهم و”تكبير حجرهم” لقلب المعادلات، وقد يدفعهم إلى عدم جعل إقتراع المغتربين عقبة أمام إجراء الإنتخابات بموعدها، والنّزول عن شجرة مطالبهم التصعيدية في هذا الصدّد، وسط أجواء ترقّب ينتظر أن تحسم الأمور، خلال الأيّام المقبلة، في هذا الإتجاه أو ذاك.
The post هل سيُشكّل الرقم الهزيل للمغتربين مخرجاً لإجراء الإنتخابات في موعدها؟.. عبدالكافي الصمد appeared first on .