ساعة واحدة فصلت بين صدور بيان عن قائد القيادة المركزية الأميركية، الأدميرال براد كوبر، يؤكد فيه دعم الجيش اللبناني في خطوات حصر السلاح بيده تعزيزاً للأمن الإقليمي، وبين تنفيذ العدو الإسرائيلي اعتداءً واسعاً عبر سلسلة غارات طالت المنطقة الواقعة بين بلدتي أنصار وسيناي في الجنوب، ما خلَّف عشرات الجرحى نتيجة زنّار النار الذي طال مَجبلاً للإسفلت ومعملاً للإسمنت وخزانات وقود، في اعتداءٍ إسرائيلي جديد يحمل رسالة المصيلح نفسها، وهي أن لا استقرار وطنياً ولا تعافياً اقتصادياً، بل سياسة إسرائيلية ممنهجة للتدمير تحت ذرائع أمنية زائفة.
الوصف هذا لرئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، الذي طالب في بيانه عقب الاعتداء بموقف دولي يضع حداً لممارسات إسرائيل التي تستخدم القوة “خارج أي إطار شرعي أو تفويض دولي”.
كلام الرئيس عون يستحضر موقف الرئيس وليد جنبلاط الذي سأل بعض الأصوات السيادية: متى ستطالبون إسرائيل بالانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية والالتزام باتفاق الهدنة، من دون تحميل المقاومة كلّ تبعات العدوان؟
الاعتداء الإسرائيلي تزامن مع انشغال الأوساط السياسية في قراءة موقف رئيس الجمهورية جوزاف عون حول مسألة التفاوض غير المباشر مع إسرائيل.
مصادر مطلعة كشفت لـ”الأنباء” الإلكترونية أنّ موقف الرئيس عون يلتقي مع ما سبق أن طرحه المبعوث الأميركي توم برّاك، الذي كان أول من أشار إلى ضرورة دخول لبنان في مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل، لحلّ ما تبقّى من نقاط عالقة، بما في ذلك النقاط العشر المرتبطة بترسيم الحدود. وبانتظار عودة موفد أميركي إلى لبنان، ينشغل الوسط اللبناني بترتيب ملفاته، وعليه أن يكون جاهزاً للتكيّف مع المتغيّرات. وبالتالي ترى المصادر أنّه لا بدّ من تفعيل عملية التواصل الداخلي بين القوى السياسية لبناء أرضية جاهزة للمفاوضات، فنعود بذلك إلى أهمية الحوار والهدوء والتّروي في العمل السياسي، بعيداً عن الانفعال أو التخوين الذي لا يخدم إلا إسرائيل.
وفي هذا السياق قال الرئيس جوزاف عون أمام زوّاره: “أنا مؤتمن على البلد، وأيّ وسيلة تجعله مرتاحاً وتُبعِد عنه شبح الحرب وتؤمّن تحرير الجنوب وإعادة الإعمار، أنا مستعدّ للقيام بها”، مشدّداً على وجود مؤشرات إيجابية عديدة تتطلّب في المقابل القيام بالعديد من الإجراءات، ومنها ما تقوم به الحكومة على صعيد معالجة الفجوة المالية، وعلى أهمية إعادة الودائع لأصحابها “وهو حقّ مكتسب لهم”.
بري
بدوره، كرّر رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام قائد “اليونيفيل” الجنرال ديوداتو أبغنارا، تمسّك لبنان بالقرار 1701، داعياً المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته لإلزام إسرائيل بتنفيذ قرار وقف النار ووقف اعتداءاتها اليومية، والانسحاب من الأراضي التي لا تزال تحتلّها في الجنوب اللبناني.
سلام
وفيما الضربات الإسرائيلية تفضح نوايا حكومة العدو، شدّد رئيس الحكومة نواف سلام على التزام الحكومة بإعادة إعمار الجنوب، وعلى أنّ حقّ العودة الكريمة للمهجّرين “ليس منّة بل التزام وطني”.
صندوق النقد الدولي
تزامناً مع زيارة سلام إلى الجنوب، كان الوفد اللبناني إلى مقرّ صندوق النقد الدولي في واشنطن يستكمل اجتماعاته مع ممثّلي الصندوق ووفود عربية وعالمية. وفيما يستعدّ حاكم مصرف لبنان كريم سعيد لعقد لقاءات مع مستشارين في البيت الأبيض، أكّدت مصادر “الأنباء الإلكترونية” أنّ صندوق النقد الدولي لن يُطلق برنامجه الخاص مع لبنان قبل إقرار مجلس النواب قانون الفجوة المالية، بحسب ما يسمعه الوفد اللبناني في واشنطن.
تصعيد مطلبي
ومع انشغال الحكومة بالملفّات الضاغطة، أعلن تجمّع روابط القطاع العام التوقّف عن العمل نهار الخميس في 23 الجاري في الإدارات العامة والمدارس الابتدائية والمهنيات الرسمية، داعياً الموظفين وأفراد الهيئة التعليمية والعسكريين المتقاعدين إلى المشاركة الواسعة. وأشار في بيان إلى أنّ قيمة الرواتب تراجعت إلى حدود 20% من مستواها في العام 2019، مع التلويح بـ”رفع نسبة المحسومات التقاعدية من 6% إلى 8%”.
جنبلاط وشيخ العقل
وفي مقابل تلك الملفات اللبنانية المهمّة، قفز إلى الواجهة ملفّ السويداء مجدّداً. فبعد أقلّ من أربعٍ وعشرين ساعة على إصدار وزارة التربية والتعليم العالي قراراً يوضح آلية تسجيل المدارس والجامعات الرسمية لطلبة السويداء وريف دمشق وإدلب، بناءً على مساعي الرئيس وليد جنبلاط ورئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط، أُعلن إفراج السلطات المصرية عن ثمانية أشخاص من السويداء كانت قد اعتقلتهم في الأسابيع الماضية، تزامناً مع ارتفاع أصوات النشاز التي طالبت الدروز في قراهم وفي أصقاع العالم بالتخلّي عن حقيقتهم العربية والإسلامية.
وجاء الإفراج بمساعٍ من سماحة شيخ العقل الشيخ سامي أبي المنى والرئيس وليد جنبلاط، الذي كلّف أمين السرّ العام في اللقاء الديمقراطي النائب هادي أبو الحسن بمتابعة الملف مع السلطات المصرية عبر سفارة جمهورية مصر العربية في لبنان. وبالفعل، أُفرج عن الموقوفين الذين سارعوا إلى دارة الطائفة الدرزية لشكر شيخ العقل، والثناء على صوت العقل الكامن في مقاربة الرئيس وليد جنبلاط لملف السويداء وتداعياته، درءاً للفتنة وعملاً بالمصلحة الحقيقية لجبل العرب وأهله.