ليست صدفة أن يشبه مشهد عودة أهالي الجنوب اللبناني إلى قراهم بعد كل حرب، مشهد عودة أهل قطاع غزة فور إعلان وقف اطلاق النار.
في الحالتين، المشهد نفسه يتكرّر: منازل مدمرة، معالم طرق غير واضحة، سبل حياة معدومة لكن إلاصرار على العودة اقوى، وكأنّهم يقولون للعدو: “نحن ابناء الارض وأنتم مجرّد دخلاء”.
في الجنوب كما في غزة، البيوت ليست حجارة فقط، بل ذاكرة وهوية، ومشهد عودة الغزاويين من جنوب القطاع الى شماله في ١٠/ ١٠/ ٢٠٢٥ يحاكي تماماً مشهد عودة اهل الجنوب الى قراهم وبلداتهم في ٢٧/١١/٢٠٢٤ وقبله بعد حرب تموز ما يعكس اصراراً وتمسكاً بكل حبة من ترابهم وبمقاومتهم وصمودهم وصبرهم، فحين يعود المزارع الجنوبي ليحصد موسم الزيتون رغم القنابل العنقودية ويبدأ بترميم منزله رغم الاستهدافات المعادية، وحين يعود الغزاوي الى داره المهدّمة فور اعلان وقف اطلاق النار ، هذا ترسيخ عميق لمعنى الانتماء فالأرض بالنسبة لهما ليست عقاراً، بل كرامة متجذّرة في التراب.
تتشابه القصتان في وجعهما وجمالهما معاً. في الجنوب تعيد القرى بناء نفسها من رماد حرب عاتية بإرادة حياةٍ أقوى من الموت. وفي غزة، يتكرّر المشهد شعب يرفع الركام، يفتش عن بيته المندثر بفعل الهمجية لينصب خيمة يعيش فيها.
مشهد واحد شكلت فيه طوابير العائدين لوحة اصرار وعزة وكرامة وامل.
الجنوبي والغزاوي خبرا همجية العدو لكنهما امتلكا الاصرار نفسه على اعادة ما تهدم والتمسك بقوة بالارض رغم محاولة التجويع والقتل والتهديد والتشريد والابادة وعدم التكافوء بالقدرة العسكرية ما يؤكد ان هكذا اناس لا يمكن مهما عظمت قوة العدو الاسرائيلي العسكرية ان يهزمهم ويكسر عقيدتهم.
كلا الشعبين خَبِرا حروباً لم تكن يوماً بين جيوش متكافئة، بل بين إرادةٍ تريد البقاء وقوةٍ تريد الإلغاء. ومع ذلك، كان الصمود.
الجنوب وغزة يلتقيان في لغة الصبر، في سرعة العودة، في نكهة التراب الممزوج بالدماء والدموع، وكلاهما يعرف أن الإعمار ليس فقط بناء حجر فوق حجر، بل استعادة ما حاول العدو بشتى الوسائل انتزاعه ومحو اثاره.
The post الجنوب وغزة خبرا همجية العدو.. عودة تؤكد التمسك بالأرض والكرامة!.. حسناء سعادة appeared first on .