عملياً، يمكن القول، إنّ الإنتخابات النيابية المنتظرة في شهر أيّار من العام المقبل قد انطلقت أمس، مع بدء تسجيل المغتربين أسماءهم في السّفارات اللبنانية بعد إعلان كلاً من وزارتي الدّاخلية والبلديات والخارجية والمغتربين، في 29 أيلول الماضي، تحديد “2 تشرين الأول 2025 تاريخ البدء بتسجيل اللبنانيين غير المقيمين على الأراضي اللبنانية للمشاركة في الإنتخابات النيابية المقبلة، على أن تنتهي المهلة في 20 تشرين الثاني من العام 2025″، في إشارة عملية دلّت على أنّ إستحقاق إنتخابات أيّار العام 2026 قد سلك طريقه إجرائياً.
غير أنّ هذه الإنطلاقة دونها عقبات عدّة تحول دون وصولها إلى يوم الإقتراع بعد قرابة 7 أشهر، أبرزها عقبتين: الأولى معرفة القانون الذي سترسو عليه الإنتخابات المقبلة، وتحديداً بما يتعلق باقتراع المغتربين، هل تصويتهم للنواب الـ128 كما كان الحال في انتخابات 2022 التي جرى فيها تصويت المغتربين على هذا النحو إستثنائياً ولمرة واحدة؛ أم أنّ تصويتهم سيكون لاختيار 6 نواب موزّعين على القارات الستّ بما يرفع عدد مجلس النواب إلى 136، وهو اقتراع كانت القوى السياسية قد توافقت عليه في قانون الإنتخابات الذي أقرّ عام 2017، لكن جرى تأجيله لأسباب تقنية.
خلال الأيّام الأخيرة، وتحديداً في جلستي مجلس النوّاب يومي الإثنين والثلاثاء الماضيين، برز إنقسام سياسي واسع حيال هاتين العقبتين أدّتا إلى تطيير نصاب الجلستين بعد طلب قوى سياسية، على رأسها القوّات اللبنانية والكتائب والتغييرين، إدخال تعديل على قانون الإنتخابات بما يسمح باقتراع المغتربين للنوّاب الـ128 كما كان الحال في الإنتخابات السّابقة، وهو ما رفضته قوى سياسية أخرى على رأسها ثنائي حزب الله وحركة أمل والتيّار الوطني الحرّ وتيّار المردة وآخرين، متمسكين بنصّ القانون السّاري الذي يلحظ إقتراع المغتربين لستّ نوّاب فقط.
لكنّ هذا القانون الذي لم يُطبق في دورتي إنتخابات 2018 و2022، لأسباب مختلفة، وهو القانون الذي أكّد رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي يوم أمس تمسّكه به وأنّه “لا يتقدم عليه إلّا الإنجيل والقرآن”، لن يصبح نافذاً إلّا بعد أن تصدر الحكومة مراسيم تطبيقية، من أجل استكمال الآليات لانتخاب المقاعد الستّة للمغتربين، لأنّه من غير إصدار هذه المراسيم فإنّ قانون الإنتخابات المذكور سيبقى مُعلّقاً، إلّا إذا قام مجلس النواب بوضع قوانين بديلة عن مراسيم الحكومة، وهذا أمر يبدو أكثر تعقيداً، ما يجعل إحتمال تأجيل الإنتخابات أمراً وارداً، يرجّحه توافقٌ ضمني بين مختلف القوى السّياسية المعنية على تأجيل الإنتخابات بانتظار ظروف أفضل لها، سياسياً ومالياً، وقبل ذلك وبعده إلى أن يقول الخارج، في نهاية المطاف، كلمته بخصوص الإستحقاق الإنتخابي .. إقتراعاً في الموعد المحدد، أو تأجيلاً لأشهر أو سنة أو سنتين.
The post العدّ التنازلي للإنتخابات بدأ أمس.. لكنّ العبرة بالنّهايات!… عبدالكافي الصمد appeared first on .