بعد سنوات من الجمود والركود، يستعيد سوق السيارات المستعملة في لبنان بريقه من جديد، مسجّلاً ارتفاعاً في حركة الاستيراد تخطّى 50% خلال الأشهر الأخيرة، وهي نسبة لم يشهدها السوق منذ سنوات طويلة. هذا الانتعاش يعكس تحوّلاً لافتاً في المزاج الاستهلاكي للبنانيين الذين طالما أجبرتهم الأزمة الاقتصادية على تأجيل استبدال سياراتهم القديمة.
عدد من أصحاب المعارض يؤكدون أنّ صيف 2025 كان الأكثر نشاطاً منذ فترة طويلة. جمال حايك، صاحب أحد المعارض، يقول:
> “الطلب ارتفع بشكل كبير منذ بداية الصيف، خاصة مع اقتراب العام الدراسي. كثير من العائلات تبحث عن سيارات عملية وآمنة وبأسعار معقولة بعد سنوات من التردّد”.
ويشير حايك إلى أنّ الجمود الذي بدأ عام 2019 جعل معظم السيارات في السوق قديمة، ما فرض حاجة ملحّة للتجديد. ومع إعادة إصدار دفاتر السوق بعد توقّف لسنوات، تدفّق الزبائن من فئات مختلفة، خصوصاً الشباب والعائلات الصغيرة.
وبحسب حايك، تتصدّر السيارات الاقتصادية والمتوسطة قائمة المبيعات، تليها سيارات الـ”كروس أوفر” الصغيرة، مع إقبال ملحوظ على اليابانية والكورية المستعملة بفضل متانتها وسعرها المقبول. كما يشير إلى أنّ المرحلة السياسية الجديدة بعد انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل الحكومة أعادت الثقة للبنانيين وشجّعتهم على الاستثمار في سيارات أكثر حداثة وأقل أعطالاً.
الثقة السياسية مفتاح الانتعاش
رئيس نقابة مستوردي السيارات المستعملة، إيلي قزي، يؤكّد لموقع “لبنان الكبير” أنّ:
> “السبب الرئيسي وراء عودة النشاط إلى السوق هو الثقة التي ولّدتها المرحلة السياسية الجديدة، إذ بدأ اللبنانيون مجدداً بالاستثمار وشراء السيارات بعد سنوات من الانكفاء”.
قزي أوضح أن الجمود الذي استمر من عام 2019 حتى نهاية 2024 جعل الأولويات معيشية بحتة، لكن التحسّن السياسي أعاد تدريجياً الطلب، ما انعكس مباشرة على الاستيراد والمبيعات.
ورغم الانتعاش، يلفت قزي إلى أن التحديات ما زالت قائمة، خصوصاً الرسوم الجمركية المرتفعة ورسم الاستهلاك الذي يرهق القطاع. كما أن بعض الضرائب الأميركية القديمة على السيارات رفعت الكلفة الإجمالية قليلاً، إضافة إلى تقلبات سعر الصرف. لكنه شدّد على أن هذه الزيادات “محدودة ولا تعيق استمرار الحركة”.
قزي ختم برسالة واضحة:
> “لا نحتاج إلى دعم خارجي، كل ما نحتاجه هو بيئة مستقرة أمنياً وسياسياً واقتصادياً. عندها، ليس فقط سوق السيارات بل جميع القطاعات اللبنانية قادرة على النهوض وتحقيق النمو الطبيعي”.