2025- 08 - 22   |   بحث في الموقع  
logo شهيد بغارة إسرائيلية على عيتا الشعب logo فضل الله: لن يكون لبنان في منأى عن تداعيات المنطقة logo ميقاتي من طرابلس: التروي والحكمة في القضايا الوطنية سيد الأحكام  logo ألكسندروفا تبلغ قبل نهائي بطولة مونتيري للتنس logo صورة محمد صلاح تُثير ضجّة logo مقابل 70 مليون جنيه استرليني… “أرسنال” يقترب من ضمّ إيزي logo خاص- تنسيق عالي المستوى بين "القائد" و"الثنائي"! logo الجيش: تحرير مخطوف ومقتل رئيس العصابة في بعلبك
الغش ينهش موائد اللبنانيين… واللحوم في دائرة الشبهات
2025-08-22 11:25:32


في بلد أنهكته الأزمات الاقتصادية والمعيشية، لم تسلم موائد اللبنانيين من تداعيات الانهيار. فأسواق اللحوم تعيش واقعاً ملتبساً بين تراجع كبير في استيراد المواشي الحية، وازدياد الاعتماد على اللحوم المستوردة المجمّدة، وسط مخاوف من اتساع رقعة الغش والخلط في المعروض. وبينما تبقى الأسعار شبه ثابتة بفعل عوامل خارجية، يزداد القلق الشعبي من غياب الرقابة الرسمية وتفشي الممارسات غير القانونية.

في حديث خاص مع موقع “لبنان الكبير”، وضع أمين سر نقابة اتحاد القصّابين وتجار المواشي ماجد عيد النقاط على الحروف حول أزمة اللحوم في لبنان، كاشفًا عن أبعادها الاقتصادية والصحية، وعن حجم الغش الذي يهدّد المستهلك اللبناني بشكل مباشر. ويقول عيد إن “أزمة اللحوم في لبنان لا يمكن فصلها عن الأزمة الاقتصادية العامة”، مشيرًا إلى أن اللحوم الطازجة تُعتبر اليوم الأغلى بين مختلف أنواع اللحوم، في حين يغزو السوق المحلي اللحم المثلج والمبرّد، وخصوصًا المستورد من أستراليا والهند، والذي “يفتقد إلى القيمة الغذائية الكاملة كونه مثلجًا”.

ويضيف: “بين عامي 2019 واليوم تضاعفت أسعار اللحوم عالميًا، بينما في لبنان ارتفعت بنسبة 50 إلى 60% فقط، ما يعني أن هامش الربح لدى المستوردين والتجّار واللحّامين تلاشى كليًا. والدليل أن أسعار اللحوم الحيّة بقيت شبه ثابتة بالرغم من تراجع الاستيراد بنسبة وصلت إلى 80%”.

ويحذّر عيد من أن أخطر ما يواجه السوق اللبنانية هو “خلط اللحوم المثلجة، وخصوصًا الهندية، مع اللحوم الطازجة وبيعها للمستهلك على أنها طازجة”. ويكشف أن “ما بين 20 و25 ألف طن من اللحوم الهندية دخلت السوق اللبنانية مؤخرًا، وهي تُباع على نطاق واسع، فيما يجهل المواطن مصدر ما يتناوله”. ويؤكد أن النقابة لا تملك صفة رقابية، لكنها تقوم بحملات توعية للمستهلك، داعيةً إياه إلى الحذر: “ننصح المواطن دائمًا بأن يطلب من اللحّام أن يقصّ له اللحوم مباشرة من الذبيحة أمامه، لا من البرّادات التي قد تحتوي على لحوم مذوّبة ومثلجة تُباع على أنها طازجة”.

وتوقف عيد عند البروتوكول الزراعي الذي وُقّع مؤخرًا بين لبنان وسوريا، والذي سمح بدخول شحنات من المواشي بشكل نظامي. لكنه لفت في المقابل إلى “عمليات تهريب واسعة لأبقار أوروبية من سوريا لا تخضع للفحوصات ولا للحجر الصحي، ما يشكّل خطرًا صحيًا على الثروة الحيوانية في لبنان”. وأوضح أن هذا الأمر تسبّب مؤخرًا بكارثة حقيقية: “منذ نحو شهرين، ضرب مرض جديد عدداً كبيراً من المزارع اللبنانية بعدما انتقل عبر أبقار مهرّبة من سوريا، وهي بدورها كانت مستوردة من العراق. المرض لم يشمله اللقاح المتوافر محليًا، ما اضطر المزارع اللبنانية إلى إعادة تلقيح ومعالجة أبقارها”.

وعن دور الدولة في مواجهة هذه الأزمة، اعتبر عيد أن “مصلحة حماية المستهلك تقوم بجولات، لكنها غير كافية، فيما تتسرّب أخبار المداهمات مسبقًا من بعض البلديات أو القوى الأمنية إلى بعض الملاحم، ما يتيح لهم إخفاء اللحوم المغشوشة”. ويضيف: “القانون يفرض أن تُعرَض على السلعة كل تفاصيلها: نوعها، بلد المنشأ، تاريخ الذبح والتوضيب، وتاريخ انتهاء الصلاحية. ولكن للأسف، هذه القوانين لم تُطبَّق بصرامة بعد. نحن ننتظر إقرار التشريعات الجديدة في مجلس النواب، والتي من المفترض أن تفرض عقوبات رادعة بحق كل من يعبث بلقمة عيش اللبنانيين”.

وختم عيد مؤكّدًا أن المستهلك يبقى الحلقة الأضعف في هذه المعادلة، داعيًا الدولة إلى تشديد الرقابة ومنع الغش “حتى يعرف المواطن تمامًا ما يضعه على مائدته”.

في جولة ميدانية على بعض المناطق، عبّر المواطن جورج خوري (موظف في شركة خاصة) عن استيائه قائلاً: “نشعر بالخوف عند شراء كيلوغرام من اللحم، إذ لم نعد نعرف إن كان هذا اللحم بقرًا حقيقيًا أم مخلوطًا. الأسعار مرتفعة والجودة غير مضمونة.”

من جهتها، تحدّثت ليلى حمدان (ربة منزل) عن معاناة العائلات قائلة: “في الماضي كنا نطبخ اللحم أكثر من مرة أسبوعيًا، أما اليوم فنحسبها شهريًا. وإذا أردنا شراء نوعية جيدة، فإننا لا نتمكن إلا بالمناسبات.”

أما أحمد المصري (شاب عازب يعمل في مطعم)، فرأى أن الأزمة تؤثر على جميع الطبقات: “حتى المطاعم أصبحت تعتمد على اللحم المجمد الرخيص لتوفير التكاليف، والناس لا تعرف ما الذي يتناولونه.”

وللاطّلاع أكثر على واقع السوق، تحدّث أبو رامي، صاحب ملحمة في بيروت، قائلاً: “الوضع صار خانق. نحن كملّاحم نواجه صعوبة كبيرة، لأن الاستيراد تراجع بشكل كبير، واللحوم المبرّدة والمجمّدة سيطرت على السوق. في كثير من التجار يدخلون البضاعة بلا أي رقابة، وهذا الشيء يضرّنا كأصحاب مهنة ويهدد صحة الناس. المستهلك أصبح يشكّ بكل قطعة لحم يشتريها، ويخاف من الغش أكثر من غلاء الأسعار.”

ويضيف: “الزبون عندما يأتينا، أصبح يسأل مباشرة: هل هذه اللحوم طازجة أم مبرّدة؟ وهذا يعكس فقدان الثقة بالسوق. بعض الناس أصبحوا يشترون اللحم فقط بالمناسبات أو بكميات قليلة جدًا. إذا استمر الوضع هكذا، فإن اللحم الطازج سيختفي من بيوت اللبنانيين، وسيظل المواطن ضحية غياب الدولة. المطلوب ليس مجرد رقابة أقوى، بل محاسبة فعلية لكل تاجر يغش، لأن الغش في هذا المجال يمس بصحة الناس مباشرة.”




Saada Nehme



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top