إذا نظرنا إلى التطورات الأخيرة في المنطقة ، يمكن القول إن مشروع “إسرائيل الكبرى” يبتعد تدريجيًا عن كونه مجرد شعار أيديولوجي، ويتجه ليصبح واقعًا سياسيًا وجغرافيًا على الأرض، لكن بدرجة متدرجة وبعيدة المدى..
هناك عوامل عدة تُظهر لنا ان المساعي الإسرائيلية بتفويض أمريكي وخضوع عربي وحياد غربي تتجه نحو إقامة الدولة الحُلم بإختلاف مسمياتها اليوم إن كان عبر التقويض او التهجير بحروب منتوعة حتى نصل إلى مشهدية غزة والتجويع بالحصار القاتل.
يأتي هذا في ظل التوسّع الاستيطاني “المدروس” عن طريق بناء وحدات استيطانية في مناطق حساسة يربط الكتل الكبرى بالقدس ويقطع أوصال الضفة الغربية، ما يجعل قيام دولة فلسطينية متصلة جغرافيًا شبه مستحيل… مرورا بالتغيير الديموغرافي والجغرافيا بتهجير الفلسطينيين من مناطق استراتيجية، وإعادة توزيع المستوطنين، مما قد يخلق واقعًا يصعب التراجع عنه حتى لو تغيّرت الحكومات.. وصولا بحالة بالقضم الإسرائيلية إن من ناحية سوريا الجولان او عبر احتلال خمس نقاط لبنانية. ليُستكمل المشروع عبر تصريحات رسمية تؤطر الفكرة.
فنتنياهو وقيادات اليمين القومي يطرحون علنًا فكرة السيطرة على الضفة وأجزاء من دول مجاورة، ما يحوّل الأمر من خطاب هامشي إلى سياسة شبه مُعلنة.. كل هذا في ظل تراجع المعوقات الإقليمية لربما لوقت محدود كما هو ظاهر الآن.. كذلك في لبنان من جانب المقاومة الإسلامية “حزب الله” الذي اعتمد سياسة الانتظار والترقّب ضُمن حرب مازالت قائمة بممارسات إسرائيلية لم تتوقف رغم “الهدنة”.
إضافة.. انشغال دول عربية بأزماتها الداخلية مما يخفف الضغوط على إسرائيل، وقد يفتح المجال أمام تنفيذ خطوات توسعية أكبر بغياب ضغط أمريكي حقيقي يترك إسرائيل تعمل بحرية نسبية في توسيع نفوذها.
لكن تحويل “إسرائيل الكبرى” إلى واقع كامل يصطدم بعوائق كبرى:
مقاومة فلسطينية وشعبية مستمرة.
احتمالية انفجار صراع إقليمي واسع إذا تجاوزت الحدود المرسومة دوليًا.
تغير محتمل في موازين القوى الدولية إذا تدخلت أطراف جديدة مثل الصين أو روسيا وإيران بقوة في الشرق الأوسط.
إعادة النظر بعودة المقاومة مجددا عبر عمليات استباقية تندرج تحت بند تحرير الأرض واستعادة قوة الردع ومنع التوسع مهما كلّف الأمر.. وهذا ما شدد عليه الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في حال عدم تمكن الدولة اللبنانية من ايجاد حل للخروقات والتعديلات اولا.. “للصبر حدود”، وبمنع استخدام الحكومة كورقة ضغط أمريكية بوجه سلاح المقاومة ثانيا فتكون امام المواجهة المكروهة.. لا حول ولا..
لنقف بعدها أمام خيارين.. إما الشارع الداخلي او اعتماد سياسة الهروب من المشكل اللبناني اللبناني عبر كسر الصمت بطلقة أولى نحو المُحتل.
من هنا نرى ان المشروع يسير بخطوات عملية على الأرض، لكنه لم يصل بعد إلى مرحلة الاكتمال.
وعليه؛ نحن امام متغيرات كبيرة لا تنحصر فقط على الواقع السياسي بل قد تذهب الأمور كلها نحو عودة القتال مجددا دون قيود او شروط او خطوط حُمر..
لنكون بعدها أمام حرب ممرات ومعابر.. الكُل سيدخُل اللعبة مُجبراً والنتيجة إما هلاك المشروع او هلاك الملِك.