2025- 08 - 10   |   بحث في الموقع  
logo كم بلغ العدد الفعلي لمصابي حريق فقرا؟ logo بيان من مختار كفردبيان عن الحريق.. إليكم مضمونه logo يامال يوجه رسالة إلى مارتينيز logo طوني فرنجيه: خيارنا أن ينجح العهد الحالي فينجح لبنان logo عطل في أحد محولات الكهرباء في محطة الذوق logo عبّود يلتقي بخاري في دارته وألاوضاع العامة والشؤون الطرابلسية محور اللقاء logo كرامي يستقبل السفير البخاري في طرابلس logo تشييع رسمي ومهيب لشهداء الجيش الذين قضوا في انفجار مخزن أسلحة أمس (صور)
تصعيد مضبوط في مواجهة قرارات حكومة سلام!.. عفراء عيد
2025-08-09 04:26:33

عقد مجلس الوزراء اللبناني جلسته الثانية استكمالاً لجلسة اعتماد ورقة الموفد الأمريكي توم برّاك التي تهدف إلى تعزيز سيادة الدولة عبر حصر السلاح بيدها وإنهاء وجود أي أسلحة غير شرعية، إلى جانب انسحاب إسرائيل من النقاط الخمس الحدودية وترسيم الحدود اللبنانية مع إسرائيل وسوريا. ورغم انسحاب وزراء الثنائي الشيعي (حزب الله وأمل) إضافة إلى الوزير الشيعي المستقل فادي مكي، لم تمنع هذه المعارضة الحكومة من إقرار أهداف الورقة، مؤجلة النقاش التفصيلي إلى ما بعد تقديم الجيش خطته التنفيذية التي تم تحديد موعدها في 31 آب 2025.

تميز موقف الثنائي الشيعي هذه المرة باختيار احتجاج الانسحاب الجزئي من الجلسات بدلاً من الانسحاب الكامل أو الاستقالة كما فعل عام 2006، في خطوة تدل على رغبة ضمنية في عدم إشعال أزمة حكومية جديدة رغم المعارضة الشديدة للمشروع الأمريكي.

وزير العمل محمد حيدر أكد أن انسحابهم كان رفضاً لتوقيت مناقشة الورقة قبل خطة الجيش، لكنه لا يعني انسحابهم الكامل من الحكومة.

تضمنت ورقة برّاك أهدافاً رئيسية أبرزها تنفيذ وثيقة الطائف والقرارات الدولية (بما في ذلك القرار 1701)، حصر السلاح بيد الدولة، ضمان وقف دائم لإطلاق النار، إنهاء الوجود المسلح غير الشرعي، نشر الجيش اللبناني في المناطق الحدودية، انسحاب إسرائيل من نقاط تمركزها وتسوية القضايا الحدودية والعسكرية، إضافة إلى عقد مؤتمر دولي لدعم الاقتصاد اللبناني.

من الناحية التطبيقية، برزت خطوات عملية تظهر نية الحكومة في المضي قدماً بتطبيق الورقة، أبرزها قتل تاجر المخدرات المعروف بـ”أبو سلة” بواسطة طائرات دون طيار (مسيرات) من قبل الجيش اللبناني، وهو ما يعد سابقة تُظهر قدرة الجيش على استهداف شخصيات داخلية بأساليب متقدمة.

هذه العملية توحي بأن الجيش بدأ في ممارسة دوره الأمني ضمن إطار ضبط الحدود بين لبنان وسوريا، كما يتضمنه بند في ورقة برّاك التي تدعو إلى تعزيز سيطرة الدولة على كامل أراضيها وحماية أمنها عبر نشر الجيش. مع ذلك، يبقى هذا التنفيذ الأولي محدوداً ولا يعني بدء تفكيك التسلح الكامل للمجموعات غير الرسمية، لكنه مؤشر على انطلاق خطوات تنفيذية مهمة.

في السياق نفسه، يبدو استبعاد قيام حزب الله بتحريك أحداث 7 أيار في الوضع الحالي أكثر ترجيحاً، إذ أن أي تحرك عسكري من الحزب في هذه المرحلة سيعد بمثابة “عملية انتحارية” لن يكون الحزب في حاجة إليها ما دام مسيطراً على عدة أوراق قوية ويدرك أن الحكومة الجديدة والجيش المدعوم دولياً بدأ بالإجراءات التي تقيد نفوذه تدريجياً. بالإضافة إلى أن التراجع النسبي لقوة الحزب بعد الحروب الأخيرة وتغيّرات الوضع الإقليمي، وعدم رغبته في الدخول بمواجهة جديدة مع الدولة اللبنانية أو المجتمع الدولي، يجعل احتمال تصعيده في 7 أيار منتصف 2025 أمراً غير وارد.

وهكذا، ومع الانقسامات السياسية المعقدة والمصاعب الاقتصادية والاجتماعية الضخمة التي تواجه لبنان، يبدو أن البلاد دخلت فعلياً حقبة جديدة في تعاملها مع ملف السلاح والسلطة، حيث بدأت الحكومة بممارسة سيادتها على أرض الواقع، عبر خطوات ملموسة والتمسك بقرارات دولية وداخلية لتعزيز جيش الدولة، رغم استمرار الاعتراضات والانسحابات السياسية التي لا تلغي الشرعية التنفيذية المعتمدة. ومن المفارقات أن لبنان، المعروف بتعدد أطيافه ومؤسساته المزدوجة، بات اليوم أمام مشهد يحاول فيه فرض سيطرة الدولة الحصرية على السلاح، بدءاً بخطوات قد تبدو غير مسبوقة في مسارها، فما بين التوترات والانسحابات، يكمن لبنان في أعتاب فصل جديد يحدده واقع فرض الدولة لنفوذها بعد سنوات من التوازنات الهشة، في زمنٍ قد يُقال عنه باستهجان أنه “لبنان في عصر الدولة وحدها”… على الأقل من باقي الأطراف!

بهذا المعنى، يمكن القول إن جلسة مجلس الوزراء الأخيرة ليست فقط قراراً تقنياً أو أمنياً، بل نقطة تحول تاريخية في مشهد لبنان السياسي والأمني، تدفع البلاد إلى المضي قدماً في تنفيذ خطة لتثبيت سلطة الدولة وسيادتها على السلاح، رغم التحديات والاحتجاجات الداخلية.

بناء عليه يمكن القول، إن الحكومة اللبنانية برئاسة رئيس الجمهورية جوزف عون ورئيس الحكومة نواف سلام قد بدأت فعلا خطوات تطبيق ورقة برّاك، ويظهر ذلك في العمليات الأمنية النوعية مثل استقدام الجيش لطائرات دون طيار لاستهداف وزعزعة عناصر غير شرعية.

في الختام، وعلى نحو ساخر يمكن القول إن لبنان دخل فعلياً “عصر الدولة الوحيدة” بعد أن كان لعقود متعايشاً مع واقع متعدد الأسلحة والأنظمة الأمنية. هذه “الولادة الجديدة” ليست بالضرورة سهلة أو خالية من التوتر، لكنها بكل تأكيد بداية فصل جديد من الدولة اللبنانية، حيث لا مكان إلا ليد الدولة وحدها، حتى وإن جاء ذلك وسط انسحابات واحتجاجات يبدو أنها جزء من حكاية “الدولة وحدها” في لبنان اليوم.

موقع سفير الشمال الإلكتروني




ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top