“فقدت كل شيء… عملي، منزلي، وحتى أطفالي ورحلة العلاج كانت طويلة” بهذه الكلمات يصف أحد المتعافين وضعه، فيما تروي شابة: “لم أعد أتعرف إلى نفسي في المرآة… أسناني تساقطت، وبشرتي تدمّرت، بدأت كتجربة جديدة وانتهيت مدمنة”.
إنّه مخدّر الكريستال ميث، المادة القاتلة التي تسللت بهدوء وصمت الى المجتمع اللبناني لاسيما في صفوف الشباب بين ١٧ و ٢٨ عاماً حيث تشير الاحصاءات الى انه بات ثالث أكثر المخدرات انتشاراً في لبنان بعد الحشيش والكبتاغون.
ووفق مراكز علاج الإدمان في لبنان ظهر هذا المخدر في السوق اللبنانية لأوّل مرة خلال جائحة كورونا اذ لم يُسجّل أي حالات إدمان عليه قبل ذلك حيث ان الظروف الصحية والاجتماعية والمالية ساهمت في تفاقم معدلات الإدمان عليه، ولم يعد هذا المخدر حكراً على المناطق الفقيرة حيث كان يسمى كوكايين الفقراء، بل تسلّل أيضًا إلى الجامعات والمدارس ورواد الملاهي الليلية وما ساعد على تفشيه هو انخفاض سعره بشكلٍ غير مسبوق، إذ بات يُصنّع في مختبرات طبية غير شرعية في لبنان باستخدام مواد كيميائية تحت غطاء الاستعمال الطبي انما بنوعية تجعل تأثير المادة أشدّ فتكاً بالعقول والأجساد.
تعاطي “الكريستال ميث” لا يقف عند حدود الإدمان، بل يقود إلى نتائج كارثية منها: أمراض نفسية حادّة تصل الى الهلوسة وجنون الارتياب والاضطرابات السلوكية وضعف الذاكرة مع تدهور صحي بفعل فقدان الوزن، تسوّس الأسنان، والارق المزمن.
ما هو كريستال ميث؟
يُعد كريستال ميث (المعروف أيضاً بـ “الايس” او ” البلور” شكلاً نقياً من الميثامفيتامين، يكون على شكل بلورات صغيرة شفافة تشبه الثلج، يمكن أن يأتي أيضاً على شكل مسحوق أبيض، يدخـل تأثيره القوي مباشرة إلى الجهاز العصبي المركزي، ما يسبب شعوراً شديداً بالنشوة والطاقة الخارقة لفترة تمتد من 6 إلى ١٢ ساعات أو أكثر الا انه مع الوقت تتراجع الفترة ليزداد الطلب على كمية اكبر ما قد يحول الشخص الى عدواني قد يؤذي نفسه ويؤذي غيره اذ يفقد السيطرة على تصرفاته ومع الوقت يفقد صحته حتى انه تم وصف المدمن على هذا المخدر بـ “الزومبي” لانه في مراحل متقدمة يشوه متعاطيه ويحوله الى هيكل عظمي.
ويؤكد احد الاخصائيين في مركز علاج للادمان في لبنان ل ان الحالات تتزايد وان معظم المتعاطين يرفضون بداية الخضوع للعلاج لان مراحله ليست سهلة، كاشفاً وصول حالات الى المركز بين الحياة والموت وباشكال مفزعة، لافتاً الى ان “الكريستال ميث” ليس مجرد مخدر اذ هو مرض يدمر الدماغ والجسد معاً، معتبراً ان الازمات المتراكمة في لبنان ساهمت في دفع الشباب الى الادمان ما يستدعي اطلاق حملات توعية حول خطورة هذا المخدر وانعكاساته السلبية على متعاطيه.
تفيد الاحصاءات ان عدد مستخدمي هذا المخدر على مستوى العالم يتخطى الثلاثين مليون نسمة وان نصف المتعاطين بامكانهم تحقيق التعافي الكامل اذا توافرت الارادة، كما تشير الى ان استهلاك هذا المخدر في لبنان بات مرتفعاً جداً وانه تفشى في مختلف المناطق من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب وان مروجيه ومصنّعيه ينتشرون على مساحة الوطن وكذلك مختبراته السرية ما يستدعي خطة امنية واستراتيجية خاصة لاقتلاع هذه الآفة من اوكارها.
موقع سفير الشمال الإلكتروني