تشهد مدينة طرابلس تدهورًا خطيرًا في مستوى الأمن الصحي، وسط تفاقم ظاهرة انتشار المواد الغذائية الفاسدة والمنتهية الصلاحية في الأسواق، إلى جانب رصد أدوية غير صالحة تُصرف داخل عدد من المستوصفات والمراكز الصحية.
كل ذلك يحصل في ظل غياب شبه كامل للرقابة الشاملة، ما يعرّض صحة المواطنين للخطر المباشر ويُعمّق أزمتهم اليومية مع الغذاء والدواء.
وفي هذا الإطار، واكبت “” جولة ميدانية نفّذتها الدائرة الصحية في بلدية طرابلس، شملت الكشف على عدد من المحال التجارية والمستودعات، حيث تمّ ضبط كميات كبيرة من المواد الغذائية المنتهية الصلاحية، بينها أجبان وألبان ومعلبات ولحوم مبرّدة.
واللافت أن بعضها كان معروضًا بشكل علني في واجهات المحلات، من دون أي رقابة تُذكر، ما يدلّ على حالة استهتار فاضحة بأرواح الناس.
وفي حديث خاص إلى “”، قال خضر شعبان، المسؤول في الدائرة الصحية في بلدية طرابلس: “نحن أمام تهديد حقيقي للصحة العامة. وقد قمنا خلال الجولة بمداهمة عشرات المحال، وصادرنا كميات كبيرة من السلع المنتهية الصلاحية، بعضها يُباع علنًا وكأنّه طبيعي، في ظل غياب تام للوعي أو الرقابة.
الأسوأ أننا ضبطنا أدوية منتهية تُصرف في بعض المستوصفات، بل وتُوزّع كمساعدات مجانية أحيانًا. هذه جريمة صحية لا يمكن التغاضي عنها، وقد أبلغنا الجهات القضائية المختصة للتحرك العاجل.”
وقد أثار هذا الواقع الصحي المتدهور موجة من الاستياء والغضب في صفوف المواطنين، الذين عبّروا عن قلقهم الشديد من حجم الإهمال والاستهتار بصحتهم وصحة عائلاتهم. وأكّد كثيرون أنهم باتوا يفتقدون الثقة حتى بالمنتجات المعروضة في المحال الكبرى، في ظل انتشار واسع للغش الغذائي، من دون أي رادع أو محاسبة.
ولاسيما بعد الكشف عن مستوصفات تبيع أدوية منتهية الصلاحية، في مخالفة صريحة للقوانين والمعايير الصحية، ما حوّلها من مراكز يُفترض أن تضمن سلامة المرضى إلى مصدر خطر إضافي يهدد حياتهم.
وقد ارتفعت الأصوات المطالبة بفتح تحقيق شفاف ومحاسبة كل من يسهّل تداول هذه الأدوية أو يغضّ النظر عنها، وسط دعوات لتحرّك فوري من الجهات الرسمية المعنية.
في ضوء ما كُشف خلال الجولة الميدانية، يبدو واضحًا أن الأمن الصحي في طرابلس يمرّ بمرحلة دقيقة تتطلّب استنفارًا من جميع المعنيين، من بلديات وإدارات رسمية وجهات صحية. فسلامة الغذاء والدواء هي أولوية لا تحتمل التأجيل، والتعامل معها يستدعي تكاتفًا جديًا ومسؤولية مشتركة، من الرقابة إلى التوعية والمحاسبة عند اللزوم. تبقى الوقاية دائمًا الخيار الأفضل، وصحة المواطن هي الأساس في أي مسار إصلاحي يُبنى عليه مستقبل المدينة..
موقع سفير الشمال الإلكتروني