يجري التعامل مع رقم الـ11 ألف نازحا سوريا الذين سجّلوا أسماءهم، خلال الأسبوع الأوّل من شهر تمّوز الجاري، للعودة الطوعية إلى بلادهم، على أنّه مؤشّر إيجابي يُمهّد لعودة قسم كبير من هؤلاء النّازحين إلى سورية، بما يخفف العبء الكبير عن لبنان على كلّ الصّعد بلا استثناء.
هذه العودة تأتي ضمن أوّل خطّة مدعومة من الأمم المتحدة لتسهيل وتشجيع عودة النّازحين السوريين إلى بلدهم بعد زهاء 14 سنة من الحرب التي شهدتها سورية وأدّت إلى نزوح أكثر من 6 ملايين سوري إلى خارج بلادهم، منهم قرابة مليوني سوري في لبنان وحده.
جملة عناصر تقوم عليها هذه الخطة من أبرزها تقديم حوافز مالية للنّازحين العائدين لبلادهم، حيث سيتم منح العائدين السوريين 100 دولار لكل شخص في لبنان، و400 دولار لكل عائلة عند وصولهم إلى سورية، كما تمّت تغطية تكاليف النقل وتمّ إعفاءهم من الرسوم والغرامات المفروضة على المخالفين منهم من قبل السّلطات اللبنانية على الحدود بين البلدين، ضمن مهلة ثلاثة أشهر تمتد من أوّل شهر تمّوز الجاري وتنتهي أواخر شهر أيلول المقبل.
من يراقب حركة الحدود يُلاحظ بوضوح هذه العودة للنّازحين السّوريين، وهي عودة بدأت تتضح من خلال إخلائهم أماكن سكنهم سواء في شقق أو مخيمات، حيث بدت هذه الأماكن تشهد تناقصاً واضحاً في أعدادهم، وهو تناقص مرجّح أن يشهد تزايداً خلال فترة الأشهر الثلاثة المقبلة.
وفي حين تتحدث تقديرات عن أنّ ما لا يقلّ عن 200 ألف نازح سوري، كحدّ أدنى سيعودون إلى بلدهم خلال الأشهر الثلاثة المذكورة، ونحو 400 ألف نازح كحدّ أقصى، فإنّ المعنيين بملف النزوح في لبنان، سواء الحكومة أو الأمم المتحدة، يأملون أن تسير هذه العودة بنجاح وفق الخطة المرسومة، قبل الإنتقال إلى المرحلة الثانية من الخطة بعد نهاية فترة الأشهر الثلاثة، سواء بتمديد المهلة الزمنية للعودة أو إدخال تعديلات معينة عليها.
ويُعوّل المعنيون بملف النّازحين السوريين على الحوافز المالية المقدمة لهم لتشجيع قسم كبير منهم على العودة، وزيادتها في مرحلة لاحقة إنْ لزم الأمر لذلك، برغم تحفّظ قسم من هؤلاء النازحين وعدم رغبتهم بالعودة حالياً بسبب الدّمار الكبير الذي لحق بمنازلهم ومحالهم وأراضيهم وعدم إطلاق ورشة إعادة الإعمار في سورية بعد، إضافة إلى عدم إستتباب الأمن بشكل تام في بعض المناطق.
لكنّ المعنيين بملف النّازحين السّوريين في لبنان يأملون في المرحلة المقبلة تنظيم من سيبقى منهم في لبنان قانونياً لجهة حصولهم على إقامات، إدراكاً من قطاعات عديدة في لبنان أنّ عودة النّازحين السوريين إلى بلادهم خلال فترة زمنية قصيرة من شأنها أن تعرّض قطاعات مختلفة للشلل، وتحديداً قطاعات الزّراعة والبناء والعمالة الموسمية، كون النّازحين السّوريين يشكلون القسم الأكبر من الأيدي العاملة فيها، وبالتالي فإنّ هذه القطاعات معرّضة للإصابة بانتكاسة وتراجع في حركتها في حال لم يتم تنظيم العمالة السّورية أو إيجاد بديل عنها غير متاح حالياً.
موقع سفير الشمال الإلكتروني