توقعت بعد الحرب القاسية، وبعد خسارة الأحباب والاصدقاء، وبعد استشهاد الصفوة وإمام شهداء هذا العصر أن تحل عاشوراء الحسين قاسية وموجعة وتزداد حزناً على الحزن، لآن ما تعرضنا له في 66 يوماً هو عاشوراء العصر كما أهل غزة! وذهبت أراقب هنا وهناك كي اسجل انطباعاتي إيماناً أن مشاهدتي سأعول عليها للأجيال المقبلة ما بين متاع العصر ومدرسة الحياة كربلاء...
بلدة الشرقية في جبل عامل انطلقت بهذا المضيف" مضيف بقية الله" منذ خمس سنوات، انطلاقة شعبية ارتجالية شفافة، إلى أن أصبحت مسؤولة ومختلفة، وكل أهلها كباراً وشباباً وصغاراً يشاركون من أجل كسب الأجر، وهذا العام لا يقاس بالأعوام السابقة لكثير من الأسباب والطموحات والخدمات...وكان عكس ما خمنت!
#ضريح السيد
وقبل الدخول بالمشاهدة، نقف عند الضريح الرمزي للقائد المؤمن، وقائد الأخلاق، والأمة السيد حسن نصرالله، ضريح الشهداء في ضريح السيد، لن تفلت منه، الأطفال من حوله، الشباب يجلسون بالقرب منه ويبكون ويتأملون..
هذا العام الضريح هو الحدث، خطف القلوب و جدد الخطوب، والنساء تنتحب أمام الصورة والرمز!
تقف أمام الضريح خاشعاً، فينتابك الصمت العميق، هنا الصمت ذهب الكلام، كل من وقف أمامه يشعر برهبة كإنه في محضر الأمين..غصة و دمعة و صمت عميق!
#المشهدية
ما أن تصل تشاهد حركة غير مسبوقة من شباب تطوع لخدمة الناس، ولكسب الدعاء والأجر، وأجرهم أن يشاركوا ألإمام الحسين وأهل بيت النبي في أجرهم، عدد الشباب المتطوع أكثر من 300، ينغلون بين الناس، وفي أماكن الضيافة وصناعة المواد الغذائية والعصائير دون ضجة وخارج الثرثرة، يستقبلونك بوعي المسؤولية، ويرحبون بك، ويؤمنون المقاعد لك، ويستمرون بدورهم..حماس الشباب لا يصدق،
ومن لا يشارك بالخدمة غاضب كثيراً، ولكنه يلتزم بما يطلب منه.
والمفاجأة أن من يخدم الناس هم عوائل وأهالي الشهداء..انك في حضرة الشرفاء..
تتابع قراءة البصر، تشعر بأنك دخلت الحرم...مشهدية بين الحرمين( من يرغب بمشاهدة والاستماع إلى المجلس يمر بين مشهدية الحرمين فيزداد حماساً)، حالة خاصة بداخلها خلية من الشباب المعطاء برداء أسود موحد.
#المجلس
ترغب بزيارة مكان المجلس، ومن يدخل يفترض أن يشاهد جدارية ضخمة زينت بصور شهداء بلدة الشرقية...كم نعرفهم، وكم بكينا حينما وصلنا خبرهم، وكم نفتخر بهم، وكم أخذوا معهم قطعة منا..ومن بينهم أصدقاء الروح...
المكان المؤلف من مسرح زين بالشعائر الحسينية، يغلب عليه اللون الأحمر في ساحة مبنى البلدية، وفي التاسعة و النصف
مساء تجد أكثر من 3000 شخصية وزعت على 2700 مقعداً ومساحة للرجال فقط (عدد النساءأكثر بقليل من عدد الرجال، وزع على مكان قريب)، وينطلق المجلس بقارئ للقرآن، و هو ذاته يسير اللطم ( من ال حلمي من بلدة السكسكية)، ومن ثم يأخذ يصعد المنبر قارئ المجلس الشيخ احمد حمدان.
#ملاحظة
من الملاحظات السريعة عدم وقوع أي شجار أو مشاكل، وشباب وشابات من أبناء البلدة يستقبلون الجميع، ويوزعون الضيوف، وما أن ينتهي المجلس تفتح ستارة المضيف الرئيسي لتوزع المأكولات والمشروبات...
ترتيب، ونظافة، ووعي بالمناسبة من خلال استقبال الناس دون كلل وتربيح جميل، والواحد هو الكل، والكل هو واحد...هذه السنة أكثر إلفة، ومحبة ما بين الخدم والحضور وكل مشارك...والأهم بعد كل هذا الحضور يوجد فريق يعنى بالنظافة...