داخل قاعة الإجتماعات بمقر قائمقامية قضاء المنية ـ الضنية في بلدة سير جرت يوم الجمعة الماضي أولى جلسات إنتخاب رؤساء بلديات الضنية ونوّابهم، على أن تُستكمل الجلسات اليوم الإثنين وغداً الثلاثاء ويوم الجمعة المقبل، ليكتمل بعدها عقد رؤساء بلديات الضنية الـ31، بعدما جرى يومي الثلثاء والخميس الماضيين إنتخاب رؤساء بلديات المنية الخمس في مقر القائمقامية في بلدة دير عمار (للقضاء مقرّين في بلدتي سير وديرعمار) بإشراف قائمقام القضاء جان الخولي.
أغلب رؤساء البلديات التسعة الذين جرى انتخابهم فازوا بالتزكية وبالإجماع بعدما توافق أعضاء المجالس البلدية المعنية على ذلك، باستثناء بلدية كرم المهر التي تنافس على رئاستها كلّ من طوني جرمانوس الذي حصل على 7 أصوات من أصل 12 عضواً، مقابل 5 أصوات لمنافسه فادي بطرس.
خلال تلك الجلسات أعلن مجلسا بلديتي ديرنبوح وقرحيا عن تداول منصب رئيس البلدية فيهما بمعدل 3 سنوات بين الرئيس ونائبه. ففي ديرنبوح انتخب خضر أحمد محمد رئيساً لفترة 3 سنوات على أن يليه في السنوات الثلاث الأخرى من ولاية البلدية نائبه أحمد رهيف السيد. وفي بلدة قرحيا حصل تفاهم مشابه حيث تبوأ محمد علي حامو منصب الرئاسة لفترة 3 سنوات، قبل أن يُسلّم المنصب في السنوات الثلاثة التالية لنائبه وائل نصر حامو.
هذا التفاهم والتناوب على رئاسة البلدية بين عائلات البلدات والقرى يُعدّ طبيعياً ومعروفاً في أكثر من منطقة لبنانية، كما حصل في بلدية بقرصونا بعد الإنتخابات البلدية عام 2016، حيث جرى التفاهم عامها بين عائلات البلدة على تسلّم ثلاثة رؤساء المنصب بمعدل سنتين لكلّ منهما.
لكنّ ما حصل يوم الجمعة الماضي خلال جلسة إنتخاب رئيس ونائب رئيس بلدية زغرتغرين كان مفاجئاً وشكّل سابقة غريبة وغير مسبوقة، حيث جرى التفاهم بين أعضاء المجلس البلدي المكون من تسعة أعضاء، ومن خلفهم عائلات البلدة، على تقاسم المنصب بين خمسة رؤساء دفعة واحدة!
فبلدة زغرتغرين الوادعة التي تقع شرق الضنّية في منطقة تعرف بمنطقة المزارع، والتي انتخبت مجلسها البلدي للمرة الأولى بعد استحداثه، يبلغ عدد سكّانها 863 ناخباً حسب لوائح شطب 2025، ولا يزيد عدد المقترعين فيها عن 250 مقترعاً بسبب الهجرة الكثيفة لأبنائها إلى الخارج، وتحديداً أوستراليا.
ومع أنّ المجلس البلدي فاز بالتزكية في زغرتغرين بعد ضغوطات و”مونة” مارسها مغتربو البلدة في أوستراليا، فإنّ هذه الضغوط والمونة لم تستطع أن تنسحب على موقع رئاسة البلدية، فكانت التسوية أنّ تمّ التفاهم بعد طول نقاش واتصالات واسعة على تقاسم منصب رئاسة بلدية زغرتغرين بين خمسة أعضاء! ومنصب نائب الرئيس بين عضوين!، ما يعني أنّ سبعة أعضاء من أصل تسعة سيحملون لقب “الرئيس”، باستثناء المختارة رشا سويد التي فازت بالتزكية وستبقى متربعة على كرسي المخترة في البلدة طيلة السنوات السّتّ المقبلة.
خلال تلك الجلسة طلبت القائمقام الخولي من أكبر الأعضاء سنّاً أن يسأل الأعضاء من يريد منهم الترشّح لمنصب رئيس البلدية ولمنصب نائبه، فكانت المفاجأة بأنّ خمسة أعضاء رفعوا أيديهم معلنين ترشحهم لمنصب الرئيس وعضوين رفعا أيديهما معلنين ترشحهما لمنصب نائب الرئيس، ما دفع الخولي للتوضيح أنّ هذا التفاهم يلزمهم وليس قانونياً، شارحة لهم أنّ عملية التناوب التي اتفقوا عليهم تلزم من انتخب رئيساً أن يستقيل من منصبه بعد المهلة المحدّدة له لكي يتم إنتخاب رئيس آخر مكانه.
وتبين لاحقاً أنّ التوافق بين أعضاء بلدية زغرتغرين يقضي بأنّ تتسلم سلوى أنطون منصب الرئاسة في السنة الأولى، وميلاد بو مرعي في السنة الثانية، وفخر فخر في السنة الثالثة، وأنطونيو حبيب في السنتين الرابعة والخامسة وباخوس سويد في السنة السّادسة؛ أمّا منصب نائب الرئيس فقضى الإتفاق أن تتسلمه شيرين داود أول ثلاث سنوات وحنا الياس في السّنوات الثلاث التالية.
لا شكّ أنّ ما حصل يبدو غريباً وغير مألوف ولا مسبوق في تاريخ بلديات الضنّية وربما بلديات لبنان، لكنّه حصل في بلدية زغرتغرين، ولولاه ربما فشل الفوز بالتزكية وكذلك فشل إنتخاب رئيس وتمّ حلّ المجلس البلدي فور ولادته. يبقى أنّ الحكم على هذه التجربة يحتاج وقتاً قبل إصداره، والإقتداء بها أو رفضها.
موقع سفير الشمال الإلكتروني