بغض النظر عن التجاوزات التي لا تعد ولا تحصى والتي سجلت في غالبية مراكز الاقتراع في محافظة عكار، وبغض النظر عن إطلاق النار الكثيف الذي شهدته مختلف البلدات العكارية والتي أدت الى وقوع كارثة عقب إصابة الطفل محمد جهاد خالد في بلدة عين الذهب، وبغض النظر عن المال الانتخابي الاغترابي الذي أغدق بشكل يفوق الخيال، وبغض النظر عن التساؤلات الكثيرة حول دور لجنة الرقابة وإجراءات وزارة الداخلية التي على ما يبدو يقتصر دورها فقط على تعداد المخالفات من دون القيام بأي إجراءات عملانية. بغض النظر عن كل ذلك….فان الانتخابات البلدية في محافظة عكار حملت الكثير من الدلالات التي على القوى والفاعليات السياسية التنبه لها على أبواب الاستحقاق النيابي المقبل، وعلى الماكينات الانتخابية إجراء قراءة متأنية للأرقام والنسب التي جاءت مخالفة لتوقاعتهم وتحديدا في عدد لا يستهان به من البلدات السنية الكبيرة.

البداية من بلدة فنيدق التي شهدت إنتخابات حامية جدا، كان للمال الدور الحاسم والكلمة الفصل فيها، فهوت اللائحة التي تضم نخبة من الأطباء والمهندسين والمتعلمين لصالح لائحة ثانية، مدعومة من النائب وليد البعريني. وكرست نتائج المعركة الحامية جدا التي شهدتها بلدة فنيدق 15 ألف و500 ناخب اقترع منهم 8200 ناخبا. فوز وليد البعريني الداعم للائحة “فنيدق أولاً“ ضد التحالف الذي أقيم ضده وفي مقدمتهم منسق عام تيار المستقبل، رئيس إتحاد بلديات جرد القيطع السابق عبد الاله زكريا، والمرشح محمد عجاج. وأعطت النتائج النهائية دفعا للنائب وليد البعريني الذي خاض المعركة شخصيا وأشرف على كل تفاصيلها معتبرا أنها معركة تحديد أحجام، وأن المعركة النيابية إنطلقت ولا هوادة فيها، بحسب ما صرح به.

كذلك الأمر حملت نتائج بلدية حلبا والتي كان للمال الكلمة الفصل فيها، أرقاما غير متوقعة وبفارق كبير، حيث كان الفوز لصالح لائحة عبدو الحلبي على لائحة عمه رئيس البلدية السابق سعيد الحلبي.  

وتليها من حيث الأهمية، نتائج بلدة ببنين (كبرى البلدات العكارية – 21 عضواً) والتي أسفرت الى خسارة الجماعة الاسلامية، مقابل فوز تحالف رئيس البلدية الحالي محمود جوهر والذي حصد الرقم الأعلى 4400 صوت، والمختار زاهر الكسار وآل الرفاعي، في حين تمكن تحالف الجماعة الإسلامية من إحداث خرق بعضوين هما: المحامي خالد المصري مسؤول المحامين في تيار المستقبل. ومحمد أحمد الحاج، أما مرشح الجماعة غسان السبسبي فلم يحالفه الحظ.

وأنهت النتائج البلدية في بلدة البيرة مسيرة الرئيس السابق محمد وهبي، حيث جاءت النتائج محسومة للائحة المراعبة التي تشكل 50 في المئة من مكونات البلدة، والتي فازت بفارق شاسع على لائحة إبن رئيس البلدية أحمد وهبي بالتحالف مع رئيس الاتحاد السابق عبود مرعب،والذي كان يمثل تحالف الفلاحين في مواجهة المراعبةالذين تحالفوا في ما بينهم ووحدوا صفوفهم.

وقد هبت رياح التغيير على إتحاد بلديات جرد القيطع، حيث أفرزت النتاج مجالس بلدية جديدة في بلدات: شان، بزال، الحويش، حرار، بيت يونس. في حين تمكنت بلدة مشمش من تكريس التحالف العريض الذس أقامته وحققت فوزا ساحقا على رئيس البلدية السابق محمد بري المدعوم من النائب وليد البعريني.

كذلك الأمر، أنهت نتائج الانتخابات البلدية حالة رئيس إتحاد وسط وساحل أحمد المير الذي تربع على عرش السلطة المحلية لمدة 21 عاما، وإحتكر عددا من الملفات الانمائية التي أثارت الاعتراضات على آدائه واتهم بالعديد من السمسرات وملفات الفساد. وقد نجح تحالف العشائر في بلدة مارتوما من تحقيق النصر وإسقاط المير، الأمر الذي إعتبر سقوطا مدويا وتغييرا غير متوقع.

والتغيير الآخر المفاجئ، جاء من بلدة عكار العتيقة التي إنتفضت على الواقع السابق المتجذر منذ العام 1998، وعلى الفاعليات التي إعتادت أن تدير اللعبة الانتخابية، فتطيل في الحديث عن الشفافية وتعطي دروسا في الأخلاق، وعند الاستحقاقات الأساسية يعمدون الى الترويج لأصحاب المال وشراء الذمم بشكل فاضح. وبالتالي كشفت النتائج التي أتت لصالح لائحة التغيير التي يرأسها محمد الشعار تغير المزاج العام الرافض لآداء المجلس البلدي ولكل من يروج له، تحديدا في الدورتين السابقتين والتي كان يعمد خلالها رئيس البلدية آنذاك خالد بحري الى تسليم زمام الأمور الى شرطة البلدية الذين كثرت حولهم الشبهات والاتهامات بالفساد.

وإنسحب التغيير الى الجارة بلدة الدورة التي إنتفضت أيضا على رئيس البلدية أحمد السحمراني وتمكنت اللائحة التي يرأسها خالد السحمراني والمهندس قمر السحمراني من تحقيق الفوز.

وشمل التغيير الايجابي جدا بلدة في منطقة الجومة تكريتالتي أحدثت التغيير المنشود مع فوز تحالف لائحة “العهد الجديد”، التي ترأسها الدكتورة هلا العبدالله على تحالف رؤساء البلديات السابقين الدكتور حاتم العلي ورشدي الترك وعبدالله غية، حيث تطمح العبدالله مدعومة من العائلات الى إستئصال الفساد من البلدة.

في بلدة الكويخات، خاض رئيس البلدية ورئيس اتحاد نهر أسطوان عمر الحايك معركة ديمقراطية فاز بنتيجتها على خصمه خالد الحايك المدعوم من النائب وليد البعرينين وبالتالي أعاد تكريس زعامته في المنطقة.

وتظهر النتائج في البلدات المسيحية أن المنافسة كانت محتدمة بشدة وهو ما يفسر تقارب النتائج لصالح اللوائح التي تحمل وجوها جديدة في عدد من البلدات وتحديدا في بلدة بزبينا، حيث كان الفارق بسيط جدا بين اللوائح. وهو الحال في بلدات: بزبينا حيث فازت لائحة رئيس البلديةالمحامي طارق خبازي على اللائحة التي يترأسها المهندس مانويل هزيم بفارق 21 صوتا.

وفي بلدة الجديدة، فازت اللائحة التي يرأسها الرئيس أيمن عبدالله على اللائحة التي يرأسها وليد عوض بفارق 73 صوت. وفي بلدة جبرايل (12 عضواً) تمكنت اللائحة المعترضة على أداء رئيس البلدية الحالي جميل خوري من الخرق بخمسة أعضاء. أما بلدتي عندقت وشدرا فقد حققتا فوزا كاسحا، ففازت اللائحة التي يترأسها علاء الخليل في في بلدة شدرا مقابل لائحة ثانية يترأسها كل من نعمة جبريل وجورج بيطار بفارق 700 صوت. وفي بلدة عندقت ففازت لائحة طاني حنا بفارق 1400 صوت على اللائحة المنافسة التي يترأسها كامل الدرزي.

في بلدة القبيات أدى وجود القوى الأساسية في البلدة ضمن التحالف الرباعي (التيار، القوات، حبيش، حيثية آل عبدو) دون صرف أي طرف الربح سياسيا، بل عمدتالفاعليات السياسية الى تثبيت الوفاق ومنع الخرق في اللائحة التي ترأسها ميشال عبدو نجل رئيس البلدية السابق عبدو عبدو. في حين يتعين على القوى السياسية التدقيق في الأرقام التي أفرزتها صناديق الاقتراع والتي أظهرت تمكن اللائحة الاعتراضية من حصد ثلث أصوات المقترعين بالرغم من كونها غير مكتملة، كما لم يتم الحشد والتنسيق اللوجسيتي لليوم الانتخابي من قبلها.

أما في البلدات التي شهدت تنافس التيار الوطني الحر مع القوات اللبنانية، فقد فاز التيار الوطني الحر وتمكن رئيس بلدية تلعباس الغربي وليد متري الذي خاض معركة ضد القوات اللبنانية، من الفوز بكامل المجلس البلدي.

وكذلك تمكنت المرشحة في بلدة بينو شانتال فارس المدعومة من التيار الوطني الحر والحزب القومي من الفوز على لائحة رئيس البلدية السابق فايز الشاعر المدعوم من القوات اللبنانية الذي تمكن من تحقيق خرق بثلاثة أعضاء.

أما في البلدات المحسوبة على القوات اللبنانية فقد تم تجديد البيعة لرؤساء البلديات الحاليين، ففي بلدة بيت ملات فازت لائحة رئيس البلدية الحالي شاهين شاهين والرئيس السابق وألبير الحاج، وفي ممنع (البلدة المارونية في أعالي جرد عكار، وتضم 1,300 ناخب)، فاز رئيس البلدية الحالي جوزيف يوسف مدعوما من حيثية المختار حنا إبراهيم، في مقابل لائحة شبابية محسوبة أيضا على القوات اللبنانية.