نصّ الدستور اللبناني في المادة السابعة منه على أنّ”كل اللبنانيين سواء لدى القانون وهم يتمتعون بالسواء بالحقوق المدنيّة والسياسيّة ويتحملون الفرائض والواجبات العامة دون ما فرق بينهم”
لم يأتِ الدستور اللبناني على النص على الحقوق الإقتصادية والإجتماعية علما أن هذين القسمين من الحقوق ينطوي تحت مظلتهما أفرعا كثيرة تطورّت مع تطور مدلول حقوق الإنسان وشمله لمجالات عديدة وهي تختلف بمدلولاتها عن الحقوق المدنية والسياسية!!
هذا ولا ننسى أن لبنان ملتزم بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان وبالعهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والحقوق الإقتصادية والإجتماعية..
المهّم، وبلا طول سيرة، أن الدستور اللبناني لم ينص على الحقوق الإقتصادية والإجتماعية وبالتالي لم ينص على الحق في الضمان الإجتماعي الذي هو من الحقوق الإجتماعية كما هو متعارف عليه لدى معظم الدول والتشريعات، في حين أننا نجد في دساتير العديد من البلدان المتقدمة النص صراحة وبوضوح على الحق في الضمان الإجتماعي فبديباجة الدستور الفرنسي لسنة ١٩٤٦ تنص على أن الأمة “تضمن للفرد ولأسرته الظروف الضرورية لنموه وتطوره” “كما تضمن للجميع الحماية الصحية والأمن المادي” وخاصة بالنسبة للشيوخ والعجزة والذين يجدون أنفسهم في وضعية صحية لا تمكنهم من العمل، والوسيلة التي تلجأ إليها الدولة هي إصدار قوانين تنظيمية لمنظمات الضمان والاحتياط الإجتماعي وإجبار عموم المواطنين على الانخراط فيها، هذه الدول عيَت أن القانون الأساسي للطبيعة موضوعه الحفاظ على النوع الإنساني والتوّجه الى بني الإنسان عامّة ،هذه الدول عرِفت أن الإستثمار في رأس المال البشري هو الضمانة الكبرى لأي تطور والضمانة الكبرى لبقاء الدول فعملت على أن يحيا الإنسان بكرامة و حرية وعيش كريم فهو وحده قادر على صنع التقدّم واستشراق المستقبل..
الأول من أيار هو عيد العمال و كل يوم هو عيد للعمال و ماذا عسانا أن نقدّم للعامل في عيده و أيّ نعمة أكبر من أن يعيش حياة كريمة ورعاية صحية لا يخشى المرض والرمي به أمام أبواب المستشفيات متأرجحا بين الحياة والموت..
كلّنا عامل، المرأة في المنزل عامل والرجل القابع في المنزل أيضا عامل و كل مولود أتى الى هذه الحياة عامل..
في عيد العمال الجليل نناشد الدولة اللبنانية بتعديل الدستور اللبناني أولا والنص فيه على الحقوق الإقتصادية والإجتماعية والنص فيه و بال”الخّط العريض” على الحق في الضمان الإجتماعي والعمل على إقراره أسوة بالعديد من الدول المتقدمة في هذا المجال وأن نعيد النظر في الإقرار والنص على العديد من الحقوق التي وبفعل التكنولوجيا والذكاء الاصطناعى لم يكن ليُفكّر فيها من قبل كالحق في الخصوصية والحق في المعلوماتية وحقوق الآخرين وغيرها!!
أيها المسؤولون اللبنانيون نحن لا نريد دولة القانون فقط بل نريد دولة الحّق والقانون ولسعادة هاتين الكلمتين فقط تخفق القلوب و تصفّق الأيادي..
الكاتبة: المحامية الدكتورة رنا الجمل.
أمينة سّر الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان في لبنان
موقع سفير الشمال الإلكتروني