عقدت ندوة وطنية بعنوان “القاضي والإعلام”، في فندق فينيسيا، برعاية رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، وبدعوة من وزارة العدل، بدعم من مؤسسة Konrad Adenauer Stiftung – برنامج سيادة القانون في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
شارك في الجلسة الافتتاحية ممثل رئيس الجمهورية وزير العدل عادل نصار، رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود، رئيس المجلس الدستوري الدكتور طنوس مشلب، رئيس مجلس شورى الدولة القاضي يوسف ناصيف الجميل، رئيسة هيئة التشريع والاستشارات القاضية جويل فواز، رئيس هيئة التفتيش القاضي أيمن عويدات، ممثل مؤسسة “كونراد أديناور” مايكل باور، وعدد من القضاة والسفراء والأكاديميين والمحامين والإعلاميين.
نصار
وقال ممثل رئيس الجمهورية: “القاضي ضامن للحريات في مواجهة من يسيء استخدامها، والإعلام ضامن للرقابة في مواجهة القاضي.” نشأت فكرة هذه الندوة في أعقاب سلسلة من الأحداث التي شهدت ارتكاب جرائم رأي، وأخرى طالت استقلالية القضاء، في ظل ضغوط إعلامية غير مسبوقة”.
اضاف: “لطالما كانت العلاقة بين القضاء والإعلام متوترة، فهما، وإن كانا يتقاطعان حول مفاهيم الحرية، كثيرا ما وجدا نفسيهما في مواقع خصومة لا تقل ضراوة عن المعارك المجتمعية. ومع ذلك، ألا يجدر بالقاضي، وهو يصوغ أحكامه، أن يستذكر المقولة المنسوبة خطأ إلى فولتير “قد لا أتفق مع ما تقوله، ولكنني سأدافع حتى الموت عن حقك في قوله”؟ وألا يجدر بالصحافي، وهو يخط مقاله، أن يتساءل “أليست استقلالية القضاء قيمة لا يجوز المساس بها تحت ذريعة العدالة الذاتية؟”.
وتابع: “قال الرئيس الراحل سليم الحص “لبنان يعاني من فائض حرية ونقص في الديمقراطية.” الحرية لا تعني التفلت من كل قيد، بل تستوجب ممارسة مسؤولة تُوازن بين الحقوق والواجبات. فكل حرية لا تقترن بالنزاهة تصبح خطرا، وكل تعبير لا يستند إلى وقائع يفتقر إلى المصداقية. وكما قال لاكوردر “بين القوي والضعيف، الحرية تظلم، والقانون يحرّر.”
وختم: “لقد أصبحت منصات التواصل الاجتماعي اليوم سلطة قائمة بحد ذاتها، تؤدي دور القاضي والصحافي في آن واحد، وقد تجاوز تأثيرها حدود المنطق والسلوك القانوني. لذلك، فإن القاضي والصحافي معا مدعوّان إلى التزام وعي جديد وروح مسؤولية مضاعفة، تضع العدالة والحرية في خدمة المجتمع لا العكس”.
عبود
بدوره، عرض رئيس مجلس القضاء الأعلى مقاربة قضائية واقعية لعلاقة القضاء بالإعلام، مشيرا إلى “التباسات كثيرة تَسِمُ هذه العلاقة، بسبب اختلاف الأساليب والأهداف، وأحيانا التناقض في المنطلقات”.
وحدد “نقاط التقاطع بين القضاء والإعلام:
الحرية: في قول الحقيقة ومساءلة السلطة، ولكن دائمًا في إطار من المسؤولية.
الاستقلالية: شرط أساسي لقيام عمل إعلامي وقضائي سليم.
البحث عن الحقيقة: الهدف المشترك في كشف الواقع وإنصاف الضحايا وتحقيق العدالة.
المصري
وأشار نقيب المحامين فادي المصري أن “العلاقة بين القضاء والإعلام لطالما اتسمت بالتوتر، نظرا لصعوبة التوفيق بين الحق في محاكمة عادلة والحق في حرية التعبير”، لافتا الى أن “الإعلام يعمل على كشف المستور، والقضاء يحتاج إلى السرية والتحفظ.”
واقترح “إجراءات لتفعيل العلاقة بين المؤسستين، أبرزها: إعادة تفعيل الإعلام القضائي المتخصص، تجنّب التسييس في التغطية الإعلامية القضائية، إنشاء آلية إعلامية لدى مجلس القضاء الأعلى لإصدار بيانات رسمية دقيقة، الامتناع عن إحالة الإعلاميين إلى محكمة المطبوعات، استحداث تخصص أكاديمي يجمع بين القانون والإعلام، إضافة إلى إدراج مادة دراسية حول العلاقة بين الإعلام والقضاء في المعهد القضائي”.
الجلسات
وشملت الندوة أربع جلسات حوارية حول أبرز التحديات المشتركة، تحدث فيها: وزير العدل، النائب جورج عقيص، عميدة كلية الحقوق في جامعة القديس يوسف ماري كلود نجم، القاضية رندى كفوري، القاضية ميراي نجم، عيسى غريب، هيرفي لوكييه، بينوا دومينيه (فرنسا)، القاضية نجاة أبو شقرا، الدكتور نصري مسرة، القاضي ڤاليري ديرفيو (محكمة الاستئناف باريس) رينا صفير، منير يونس، القاضي فيصل مكي، شربل شبير، ايمن مهنا، القاضي جوني القزي، ديالا شحادة والإعلامية يمنى فواز.
وعقدت الجلسات تحت عناوين: “القاضي تحت الضغط الإعلامي”، “هل يحق للقاضي أن يعلّق على القضايا؟”، “الإعلام في مواجهة القضاء”، “نحو صياغة ميثاق شرف حواري وبنّاء”.
التوصيات
وخلصت التوصيات إلى “ضرورة تنظيم ورش عمل تدريبية مشتركة، تطوير آليات تعاون فعالة بين القضاء والإعلام، تعزيز الثقة واحترام حرية الصحافة وحماية استقلال القضاء في إطار دولة القانون”