شهدت إيران خلال الايام الماضية سلسلة "عمليات تخريبية واغتيالات"، وحوادث "وفاة غامضة"، آخرها التكهنات بشأن وفاة العقيد في الحرس الثوري على إسماعيل زادة، وقبلها حادثة وفاة "غامضة" لعالم الجوفضاء الدكتور أيوب أنصاري، من مدنية يزد وسط إيران، "مسمماً"، في 30 أيار/مايو.
وفي أول تعليق رسمي بعد انتشار أنباء على شبكات التواصل الاجتماعي الإيرانية والإعلام الإسرائيلي عن "وفاة غامضة" للمهندس أيوب انتظاري وسط ترجيحات لفرضية الاغتيال، نفت عدلية محافظة يزد الأحد، في بيان، "الوفاة الغامضة لعالم جوفضاء"، مؤكداً أن انتظاري كان "موظفاً عادياً".فرضية الاغتيال
لكن رسالة تكريمية، بعثها رئيس محافظة يزد مهران فاطمي إلى أسرة انتظاري بعد وفاته، وصفه فيها بأنه "شهيد" و"ضحى بنفسه"، حملت في طياتها ترجيحا لفرضية اغتيال انتظاري. كما أن أنباء وردت بشأن زيارة مسؤولين محليين بيت انتظاري للتعزية، ما يشير إلى مكانته وموقعه وأنه لم يكن مجرد موظف عادي في شركة صناعية كما قالت العدلية.
لكن وكالات الأنباء الإيرانية نقلت عن مسؤول الإعلام بمحافظة يزد، علي صالحي، قوله إن استخدام مصطلح "الشهيد" في شهادة التقدير حصل "بالخطأ"، داعيا في تصريحاته حول التكهنات بشأن سبب وفاة انتظاري إلى التريث لتعلن الأجهزة المعنية ذلك لاحقاً.
بالإضافة إلى ذلك، أثار تقرير للتلفزيون الإيراني ليل الأحد، الغموض بشأن وفاة المهندس انتظاري، حيث قال إنه إذا ما تعرض هذا الشاب النخبوي الإيراني لاغتيال، فإن إيران تواجه مرحلة جديدة من الاغتيالات من قبل "الموساد" الإسرائيلي، سواء كانت موجهة ضد من هم على صلة بالبرنامج النووي أو بقية البرامج الإيرانية، عسكرية أم غير عسكرية.4 وفيات غامضة
انتظاري هو رابع شخصية علمية وعسكرية تفقدها إيران خلال الأسبوعين الأخيرين، بعد مقتل عالم شاب في "حادث غامض" بمنشأة عسكرية وعقيدين ب"فيلق القدس"، الذراع الخارجية للحرس الثوري الإيراني.
وكان العقيد في الحرس الثوري الإيراني حسن صياد خدايي قد اغتيل في 22 أيار أمام منزله في طهران، من قبل شخصين يستقلان دراجة نارية. ووصف الحرس الثوري الإيراني في بيان، عملية الاغتيال بأنها "إجراء إرهابي معادٍ للثورة نفذه عناصر مرتبطون بالاستكبار العالمي".
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية في تقرير، أن إسرائيل أبلغت الإدارة الأميركية بأنها اغتالت خدايي، وذلك بموازاة نشر المواقع والصحف الإسرائيلية تقارير أظهرت تفاصيل كثيرة عن عملية الاغتيال، إلى جانب "سجل" صياد خدايي ودوره في التخطيط المتواصل لتنفيذ عمليات تستهدف الإسرائيليين خارج إسرائيل.
كذلك أعلنت وزارة الدفاع الإيرانية عن مقتل المهندس قدبيغي وإصابة شخص آخر جراء "حادث صناعي"، يوم 26 أيار، في منطقة بارشين العسكرية شرقي طهران، التي تضم مجمعاً عسكرياً يشتبه بأنه سبق لإيران أن أجرت فيه اختبارات تفجير قابلة للتطبيق في المجال النووي، حسب تقارير غربية.
إلا أن "نيويورك تايمز" الأميركية نقلت في اليوم التالي، عن مسؤول أميركي قوله إنّ طائرات مسيّرة هاجمت موقع بارشين الدفاعي في إيران.غموض حادثة عقيد بالحرس
وانتشرت السبت أنباء على شبكات التواصل الاجتماعي في إيران عن تعرض ضابط آخر في فيلق القدس هو العقيد علي إسماعيل زادة، لعملية اغتيال، وسط انتشار روايات متناقضة عن الحادث في وسائل إعلام معارضة للحكومة الإيرانية في الخارج، بين حديث عن انتحاره، وأخرى زعمت أنه جرت تصفيته لدوره في اغتيال العقيد حسن صياد خدايي.
إلا أن "مصدراً إيرانياً مطلعاً" نفى لوكالة "إرنا" الإيرانية الرسمية تعرّض إسماعيل زادة لاغتيال، مؤكداً أنه توفي "في حادث". وأضاف المصدر أن ما أوردته "وسائل الإعلام المعادية" بشأن اغتيال أحد قادة فيلق القدس "حرب نفسية ونبأ كاذب".
ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عن مسؤولين دفاعيين إسرائيليين كبيرين قولهما إن "إسرائيل لم تقتل إسماعيل زادة".
يضاف إلى ذلك ما أورده موقع "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلي عن وفاة عالم نووي إيراني يدعى كامران ملابور، في منشأة نطنز النووية، في ظروف غامضة. لكن لم يرد ذلك على وسائل الإعلام الإيرانية، كما لم يرد بعد تعليق رسمي على وفاته.
غير أن حسابات افتراضية نشرت صورة زعمت أنها للشاب كامران ملابور، مشيرة إلى أنه من مدينة إيذة بمحافظة خوزستان، وكان يحمل شهادة الدكتوراه في العلوم النووية.
وسبق أن توفي علماء وشخصيات بارزة في ظروف غامضة، تبين لاحقا أنهم تعرضوا لعمليات اغتيال من قبل "الموساد" الإسرائيلي، منهم العالم النووي الإيراني الدكتور أردشير حسين بور عام 2006، الذي توفي مسمماً ونفت السلطات الإيرانية حينها أن يكون قد تعرض لاغتيال، لكن تبين لاحقاً أنه اغتيل، حسب ما أكدته تقارير إسرائيلية وأميركية.
كما أن العالم النووي الإيراني الشاب الدكتور علي هاشمي توفي يوم 18 يناير/كانون الثاني 2022، في ظروف غامضة، بسبب نزيف داخلي في الرئة. وكان هاشمي يعمل في منشأة الماء الثقيل النووي في مدينة أراك وسط إيران.
وقتل، في 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، أبو البرنامج الصاروخي الإيراني العميد حسن طهراني مقدم، بانفجار داخل موقع عسكري على بعد 50 كيلومترا من غرب العاصمة طهران. وقالت السلطات الإيرانية، حينها، إن الانفجار وقع خلال نقل العتاد العسكري وإجراء تجربة صاروخية، لكن الكاتب الإسرائيلي رونين بيرغمن وجه أصابع الاتهام ل"الموساد" الإسرائيلي، وذلك في كتابه الصادر عام 2018 بعنوان "أسرع واقتله".