منذ فجر يوم الجمعة الماضي، 13 حزيران الجاري، عندما بدأ الطيران الحربي الإسرائيلي حربه على إيران وشنّه غارات مكثفة على مواقع عسكرية واستراتيجية عديدة فيها، والردّ الإيراني على ذلك الإعتداء بمثله، ما بَرَحَ سؤالٌ كبير يدور في أكثر الأروقة في دول المنطقة وهو هل أنّ الحرب الدائرة بين البلدين ستبقى أسيرة حدودهما ولن تمتد إلى دول أخرى، وهل أنّ دولاً أخرى ستشارك علناً ورسمياً فيها دعماً لهذه الدولة أو تلك، أم أنّ هذه الدول ستفضّل الدعم من بعيد أو الإكتفاء بالوقوف موقف المتفرج إلى حين اتضاح ملامح تطوّرات هذه الحرب ومآلاتها لتحسم موقفها؟
حتى نهاية اليوم الخامس من بدء العدوان الإسرائيلي على إيران، وردّ الأخيرة عليها، وما تتناقله وسائل الإعلام المختلفة عن حجم تداعيات تلك الحرب على الطرفين، أمنياً واقتصادياً واجتماعياً فضلاً عن التداعيات السّياسية، لم تعلن أيّ دولة داعمة لهذه الدولة أو تلك دخولها الحرب رسمياً وإعلانها الحرب على الدّولة الأخرى، برغم أنّ دولاً عدّة في العالم، وعلى رأسها الولايات المتحدة ودول أوروبية عدّة، أعلنت دعمها ما قامت وتقوم به إسرائيل من اعتداء على إيران، ودفاعها عنها، بينما كانت الدول المؤيدة لإيران أقلّ من تلك التي أبدت دعمها للعدو.
لكنّ هذا الحلف الغربي الواسع الداعم لإسرائيل في عدوانها على إيران التي تبدو وكأنّها تقف شبه وحيدة بمواجهة العدوان عليها، لم يحجب سؤالاً مقلقاً يخيّم فوق سماء المنطقة برمتها، متعلق باحتمال إتساع رقعة الحرب وتمدّدها إليها، سواء بمشاركة هذه الدول بالحرب دعماً لإسرائيل أو إيران، مع ما يحمله ذلك من تداعيات واسعة وخطيرة عليها على مختلف الصّعد.
وينطلق قلق هذه الدول من اتساع رقعة الحرب نحوها من أمرين:
أولاً: مشاركة دول في المنطقة في الحرب عبر السّماح لإسرائيل وحلفائها باستخدام القواعد العسكرية الغربية فيها للمشاركة في الحرب ضد إيران، كما الحال في دول الخليج وتركيا مثلاً، أو دخول دول الحرب إلى جانب إيران كما أعلنت باكستان في الآونة الأخيرة، أو منظمات مؤيّدة لإيران مثل حزب الله في لبنان والحشد الشّعبي في العراق أو فصائل ومنظمات فلسطينية مختلفة.
ثانياً: برغم أنّ أغلب دول المنطقة وقفت موقف الرافض للحرب التي شنّتها إسرائيل على إيران، وأبدت قلقها منها ودعت إلى وقفها ومعالجة الخلافات بالطّرق السّلمية، كما فعلت دول الخليج وأغلب الدول العربية ودول العالم، فإنّ هذه الدول تبدي خشية فعلية من إطالة أمد الحرب من غير أن يتم حسمها أو إنهائها عبر وقفها أو التوصّل لتسوية معينة، كون هذه الحرب ستؤدي ـ برأيها ـ إلى ارتفاع منسوب الإضطراب في منطقة مضطربة أصلاً، وإطالة أمدها سيجعل أغلب هذه الدول مجبرة على اتخاذ موقف منها، دعماً ووقوفاً مع هذه الدولة أو تلك، من غير ترك أيّ هامش للمناورة أو إبداء موقف آخر لها.
موقع سفير الشمال الإلكتروني