طوال شهر كامل، كان السوريون يتساءلون حول مصير الطالبة في كلية الإعلام بدمشق، مروة معتوق، التي خرجت من منزلها ولم تعُد. ومع رجوعها أخيراً إلى عائلتها، اكتفت الصفحات الموالية للنظام السوري بنشر خبر عودتها من دون أي تفسير إضافي للقول أن البلاد تشهد حالة من الأمان.
التناقض السابق لا يمكن فهمه بجميع الأحوال، لكنه جزء من حالة دائمة الحضور في الدول الشمولية، حيث يتم التظاهر بأن كل شيء على ما يرام. وفي حالة معتوق تم الترويج طوال شهر لشائعات حول خطفها من قبل عصابات، أو ما شابه، لكن خبر عودتها لم يحظ باهتمام واسع بسبب قلة المعلومات من جهة، وما يبدو أنه جزء من توجيهات رسمية جعلت النشر حول القضية محدداً، وهو ما لفتت إليه وسائل إعلام موالية.وكتبت معتوق عبر حسابها الشخصي في "فايسبوك": "قدر الله وما شاء فعل، الحمد لله على السراء والضراء"، فيما انتقد المذيع في قناة "سما" شبه الرسمية، والمقرب من دوائر الأمن السورية، نزار الفرا، عدم تقديم معلومات رسمية حول القضية التي شغلت الرأي العام حسب تعبيره، فيما طالبت الصفحات الموالية متابعيها بعدم السؤال عن سبب اختفائها "لأن ذلك واضح".وكتب الفرا: "لأن الأمر يتعلق بقضية شكلت رأياً عاماً ولأن الأمر يتعلق بأمن المجتمع الذي لا ينقصه خوف من إشاعات الخطف ولأن الأمر يتعلق بسمعة الطالبة، أحببت أن أذكر ما سمعته من مصادر خاصة، أن السيدة مروة كانت موقوفة لصالح جهة قضائية لأمر يتعلق بموضوع إجرائي فيه مخالفة قوانين مالية اقتصادية، وأخلي سبيلها من القضاء وعادت إلى بيتها، من دون أي توضيح لتفاصيل أخرى".ومن سياق حديث الفرا وطبيعة الحياة في دولة بوليسية مثل سوريا الأسد، من الواضح أن معتوق كانت معتقلة لسبب ما لا علاقة له بمخالفة القوانين الاقتصادية خصوصاً انها طالبة في الجامعة، لا أكثر. وربما يكون الأمر متعلقاً بتقارير كيدية من زملائها أو بسبب آراء صحافية عبرت عنها أو رغبتها في العمل مع صحف مستقلة مثلاً، إذ تعمل كلية الإعلام في جامعة دمشق على فرض رقابة هائلة على طلابها بإشراف نائبة عميد الكلية سابقاً، نهلة عيسى، ومجموعة من الطلاب المنضوين في "اتحاد طلبة سوريا"، وهو نمط تكرر حصوله وتوثيقه منذ العام 2011.وقبل شهر تقريباً صرح والد الطالبة، تيسير معتوق، لوسائل إعلام موالية، بأن ابنته مختفية وهاتفها مغلق ولا يعلمون عنها شيئاً. وحينها أصدرت وزارة الداخلية في حكومة النظام بياناً قالت فيه أن لا مؤشرات على حالة خطف أو وجود قضية جنائية، من دون أن تشير إلى توقيفها. وذلك طبيعي في سوريا حيث يعتبر الإخفاء القسري والاعتقال التعسفي من دون توقيق أو اتهامات أو إعلان، حالة متكررة منذ نحو خمسة عقود.