نظمت جامعة العائلة المقدسة -البترون مؤتمرًا دوليًّا بعنوان “الوساطة في قلب السلام في لبنان: تقاطع وجهات النظر للوقاية والحوار والإصلاح“، وذلك في حرم الجامعة. تمحورت جلسات المؤتمر حول دور الوساطة في نشر ثقافة السلم الأهلي وخدمة المجتمع المدني في مجالات العائلة، الصحة، والتربية.
حضر المؤتمر النائب البطريركي العام المطران حنا علوان، والرئيسة العامة لجمعية راهبات العائلة المقدسة المارونيات الأم ماري انطوانيت سعاده، وأعضاء مجمع الرئاسة العامة، ورئيسة الجامعة الاخت الدكتورة هيلدا شلالا، إلى جانب عمداء الكليات ورؤساء الأقسام والاساتذة، ومديري عدد من المدارس والثانويّات وأساتذتهم، ومسؤولين في القطاع الصحّي، ونخبة من الخبراء والمتخصصين في مجالات التربية والاجتماع والصحة، فضلاً عن عدد كبير من المهتمين والمدعوين.
تضمّن المؤتمر، الّذي قدّمته السيّدة ليا نحّاس، جلسات حوارية تمحورت حول الوساطة العائلية والصحية والتربوية.
بعد النشيد الوطني اللبناني وكلمة ترحيبية ألقتها الدكتورة جنيفر ليون، قدّمتالاخت نورا الخوري–حنا مداخلة تمهيدية حول مفهوم الوساطة من خلال ثلاثة محاور، وقالت:
“قد لا تكون الوساطة خيارًا بديهيًّا في عصرنا الحاليّ، فهي تقوم على فضائل وقيم مُهدّدة بالاندثار، وأبرزها فضيلة الصبر، والقدرة على الإصغاء للذات وللآخر. ومنها أيضًا قيمة الاحترام، ليس فقط احترام الآخر، بل احترام الإيقاع والزمان والمكان وقوانين الطبيعة.
في زمنٍ يتّسم بالفورية والتلقائية، هل لا تزال الوساطة الثقافية أو التعليمية أو الاجتماعية مرغوبة؟ هل ما زلنا نرغب في بناء روابط ومعنى وتأمّل في عالمٍ يُقدّر السرعة والانفعالات الفورية؟ كيف يُمكننا إيصال المعنى وبناء روابط، وبناء التجربة في بيئةٍ مُشبعة ومُجزّأة ومستهلَكة من فرط الاتصال والاستهلاك السريعين – حتى في مجالات التعلم والثقافة؟”
وأضافت: “رغم أنّ الوساطة قد لا تبدو خيارًا بديهيًا اليوم، إلا أنّها تظلّالتزامًا حيويًّا – وجوديًّا، وأخلاقيًّا، وروحيًّا. تُشكل هذه الأبعاد الثلاثة “الأسباب الكافية” و”المُبررة” للوساطة، إذ تُتيح فضاءاتٍ للمعنى وتجارب نوعيّة تدعو إلى الانتباه والتأمّل والحوار. فالوساطة، وإن غدَت أقل بديهيّة في زمننا هذا، تزداد قيمةً يومًا بعد يوم.”
ثم افتتحت الجلسات الحوارية بكلمة حول”الوساطة في قلب السلام في لبنان” ألقاها المحامي والوسيط الدولي المعتمد (IMI)، الأستاذ ربيع صفير. تحدث خلالها عن أهمية الوساطة ودور الخبراء في كافة المجالات في حل الخلافات والنزاعات داخل المجتمعات، مؤكّدًا أنّ الوساطة تسهم في تعزيز ثقافة اللحوار والسلم الأهلي.
وفي الجلسة الأولى الّتي تناولت موضوع الوساطة العائلية، تمحورت المداخلات حول عنوان “الأسرة في تحول: ما هو موقع الوساطة الأسرية اليوم؟“ تحدثت فيها السيدة أميلي نودو، مديرة الاتحاد الوطني للوساطة والمساحات العائلية(FEMANEF) – فرنسا، والأستاذة دوللي فرح، محامية لدى المحكمة والمديرة التنفيذية السابقة لمعهد حقوق الإنسان، نقابة المحامين – طرابلس، وأدارتها السيدة مايا ضرغام.
أما الجلسة الثانية فقد تناولت موضوع “الوساطة في مجال الصحة والعمل الاجتماعي والتواصل من أجل رعاية أفضل: الوساطة كنهج أخلاقي، إنساني وعملي في خدمة القطاعَين الصحي والاجتماعي“.
تحدث خلالها الأب شربل شلالا، أستاذ الأخلاقيات والأخلاقيات الطبية الحيوية في جامعة الروح القدس – الكسليك ومسؤول عن مركز الأخلاقيات التّابع لها، والأستاذ بشير عوّاد، منسق وحدة مركز الأبحاث والتطوير في “أم النور“، وأدارتها الدكتورة أنيتا الحاج.
وفي الجلسة الثالثة، التي تناولت موضوع “الوساطة التربوية وكيفية زرع ثقافة السلام في المدرسة: العيش معًا يُعلَّم — الوساطة كأداة تربوية للسلام”، تحدّث الأستاذ ربيع صفير، تلته السيدة فيروز أبو خليل، مُدرّسة ووسيطَة في مدرسة مار يوسف-جبيل الّتي قدّمت شهادة حيّة من تجربتها.
أدار الجلسة الدكتور داني الراسي.
وتخلل الجلسات حوارات ونقاشات تفاعلية وأسئلة من الحضور.