شنّت قوات الاحتلال الإسرائيلي صباح الأحد، حملة اعتقالات طالت مقدسيين، وذلك بعد مواجهات ليلية بمدينة القدس المحتلة، إلى جانب اقتحام عدد من المستوطنين لباحات المسجد الأقصى.
ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" عن مصادر محلية أن قوات الاحتلال اعتقلت من القدس المحتلة، محمد إياد سعيدة بحي وادي الجوز، ومنصور إبراهيم منصور بمنطقة الثوري، خلال تواجده في محطة للمحروقات بحي الشيخ جراح.
وتجدّدت ليل السبت، المواجهات في القدس المحتلة لليلة الثانية عشرة على التوالي، بعد قمع قوات الاحتلال شباناً فلسطينيين في ساحة باب العامود.
واعتدت الشرطة الإسرائيلية على المصلين في منطقة باب العامود (وسط القدس) بالهراوات وإلقاء قنابل الصوت والغاز تجاههم لدى خروجهم من المسجد الأقصى عقب أدائهم صلاة العشاء والتراويح. في المقابل، رشق الشبان الفلسطينيون شرطة الاحتلال بالحجارة والزجاجات.
وامتدت المواجهات إلى مناطق أخرى في القدس، خصوصا بلدتي سلوان والطور المحاذيتين للمدينة. وقال الهلال الأحمر الفلسطيني إن "14 شخصاً أصيبوا في المواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في محيط البلدة القديمة بالقدس المحتلة".
وامتدت المواجهات إلى مناطق متفرقة في الضفة الغربية، عندما قمع الاحتلال مسيرات خرجت في مناطق بالضفة الغربية، منها رام الله ونابلس، تنديداً بالقمع الإسرائيلي ولتأييد صمود المصلين في المسجد الأقصى.
وفي نابلس، أصيب 3 فلسطينيين بحالات اختناق مساء السبت، عندما قمعت قوات الاحتلال مسيرة قرب حاجز حوارة (جنوبي المدينة). كما شهد حاجز البيرة الشمالي مواجهات متفرقة، أغلق خلالها شبان فلسطينيون الطريق الرئيسي قرب مستوطنة بيت إيل، في حين أطلقت القوات الإسرائيلية قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع، دون تسجيل إصابات.
وفي الخليل، جنوبي الضفة، شارك المئات في مسيرة وسط المدينة، تطورت إلى مواجهات مع الجيش الإسرائيلي، دون أن تسفر عن وقوع إصابات.
وقالت صحيفة "ديعوت أحرونوت" الإسرائيلية في افتتاحيتها الأحد، إنه "في كل تقويمات الوضع التي جرت في وزارة الدفاع في تل أبيت، انشغلت كل المحافل في موضوع واحد؛ هو تبريد القدس".
وأضافت "كل المحافل؛ الجيش، المخابرات، الشرطة وهيئة الأمن القومي، تفهم أن تهدئة الخواطر في القدس، فقط هي التي ستؤدي إلى الهدوء في باقي الجبهات، وبالعكس، ففي حال سجل تصعيد آخر في هذه الأيام الحساسة، فإن من شأننا أن نعلق في مواجهة متعددة الجبهات في غزة، والضفة والقدس ويحتمل أيضا تجاه جهات أخرى ستسعى للتضامن مع القدس".
وكشفت الصحيفة عن حالة قلق تسود في جهاز الأمن الإسرائيلي، لأنه "لا توجد جهة واحدة يمكنها أن تؤدي إلى تهدئة الخواطر، مثلما كان في أزمة البوابات الإلكترونية، حينما تنازلوا عنها فعاد الهدوء، وعليه فإن التخوف الكبير هو من حالة التفكر التي تشعل كل المنطقة"، وبالتالي فإنه "يجب تبريد القدس، وبسرعة"، بحسب ما قال مسؤول كبير في هيئة الأركان.
بالتزامن، استمّر ليل السبت إطلاق قذائف صاروخية من قطاع غزة باتجاه مواقع ومستوطنات إسرائيلية، تضامناً مع الفلسطينيين في القدس، بينما حاولت منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية اعتراضها في سماء القطاع.
وقد حذرت حركة حماس الاحتلال الإسرائيلي من الاستمرار في التصعيد ضد قطاع غزة، وانتهاكاته المتكررة بالقدس المحتلة، وحمّلت الاحتلال مسؤولية تداعيات "الأعمال الاستفزازية العنصرية"، التي يقوم بها جنوده ومستوطنوه في المسجد الأقصى.
وحذّر وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس من التداعيات الاقتصادية والأمنية التي سيتعرض لها قطاع غزة جراء عملية التصعيد على الحدود الإسرائيلية. وقال خلال اجتماع لتقييم الموقف: "إذا لم يتم التزام الهدوء على حدود غزة، سيواجه القطاع ضربة شديدة في اقتصاده وأمنه".
وأضاف غانتس "المعادلة واضحة جداً بالنسبة لهم (حماس)، الجيش الإسرائيلي مستعد لمزيد من التصعيد، وسنفعل أي شيء نستطيع أن نفعله لإبقاء الوضع هادئاً".
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال إنه أصدر توجيهات للجيش ليكون متأهباً ومستعداً للتعامل مع أي سيناريو محتمل في قطاع غزة، مضيفاً أن "أهم أولويات حكومته حالياً حفظ النظام والقانون في القدس، وتأمين حرية العبادة للجميع".
قرارات نتنياهو جاءت في ختام اجتماع أمني تشاوري امتد 3 ساعات لتقييم الموقف على خلفية التصعيد في غزة والتدهور بالقدس. بدوره قرّر رئيس هيئة الأركان العسكرية أفيف كوخافي الذي شارك في الاجتماع، تأجيل زيارة له إلى الولايات المتحدة في ضوء التطورات الأخيرة.
وصباح الأحد، أفادت القناة (12) الإسرائيلية بأن المستوى السياسي قرر نهاية الأسبوع "رفض اقتراح أجهزة الأمن إطلاق عملية عسكرية واسعة النطاق ضد حركة حماس، كانت ستشمل جباية ثمن باهظ من الحركة".
وأشارت القناة إلى أن "قيادة الأجهزة الأمنية رأت أنه لا يمكن أن تمرّ مرور الكرام على إطلاق عشرات من الصواريخ على الأراضي الإسرائيلية، حتى اذا استلزم الرد خوض أيام من القتال، إلا أن المستوى السياسي قرر رفض هذا الاقتراح خلال جلسات عقدها لتقييم الأوضاع".
وأضافت أن "رؤساء الأجهزة الأمنية اعتبروا، خلال جلسة عقدها كوخافي أن توجيه ضربة قاسية إلى حماس ستثنيها عن إطلاق الصواريخ كلما يزداد التوتر في القدس، وتحثها على التقدم نحو تسوية أمور أخرى لا تزال عالقة بين إسرائيل والحركة".