رأت صحيفة "ذا هيل" الأميركية أن الولايات المتحدة في عهد إدارة الرئيس جو بايدن لن تتحدى الوجود الروسي في سوريا، ما يعني أن النفوذ الروسي سيتمدد أكثر في المستقبل، مشيرة إلى احتمال فكّ التحالف بين روسيا وإيران هناك.
وتضيف الصحيفة في مقال للكاتب مارك كاتز بعنوان: "السياسة الروسية تجاه سوريا: مخاطر النجاح"، أن رئيس النظام السوري بشار الأسد قد يكون قادرا على الحكم لفترة، لكن تقرير إصابته بكورونا، أظهر أن هناك قوى داخل النظام قادرة على الخروج من نطاق السيطرة، إذا أظهر عدم قدرة على الحكم.
وقالت الصحيفة: شئنا أم أبينا، كانت السياسة الروسية تجاه سوريا منذ تدخل موسكو هناك عام 2015 ناجحة بشكل ملحوظ. حكومة رئيس النظام السوري بشار الأسد لا تواجه خطر الإطاحة بها من قبل أي من معارضيها الداخليين، ليس ذلك فحسب، بل تمكنت أيضاً من استعادة الكثير من الأراضي التي فقدتها لهم ذات يوم.
حافظت روسيا على القاعدة البحرية على الساحل السوري ووسّعتها، والتي كان من الممكن أن تخسرها لو تمّت الإطاحة بالأسد، وحصلت على قاعدة جوية أيضاً. يرى العديد من حلفاء أميركا في الشرق الأوسط -بما في ذلك إسرائيل والسعودية والإمارات والبحرين- أن الوجود الروسي في سوريا يعمل على كبح النفوذ الإيراني هناك. لم تتحدَى إدارتا باراك أوباما ودونالد ترامب بجدية الوجود الروسي في سوريا، ولا يبدو أن إدارة بايدن ستفعل ذلك أيضاً.
كل هذا حدث بتكلفة منخفضة نسبياً لموسكو من حيث الخسائر. في الواقع، كان التدخل الروسي على نطاق أصغر في سوريا أكثر نجاحاً بكثير من التدخل الأميركي الأكبر في أفغانستان والعراق.
لكّن موسكو تواجه بعض المشاكل في سوريا. كانت روسيا تأمل في التوسط في اتفاق سلام بين نظام الأسد وبعض خصومه الداخليين على الأقل، ولكن كلّما شعر الأسد بالتدخل الآمن، قلّ استعداده لتقديم أي تنازلات لهم. لم تتمكن موسكو أيضاً من إقناع الغرب أو دول الخليج العربي أو الصين بتمويل جهود إعادة الإعمار الضخمة التي لا تستطيع روسيا تحملها، والتي ستحتاجها سوريا للمساعدة في استقرارها.
أكثر من ذلك، في حين أن الأسد قد يكون قادراً على الحكم لبعض الوقت، فإن التقرير الأخير الذي أظهر إصابته بفيروس كورونا، هو تذكير بأنه إذا لم يعد قادراً على الحكم، فقد يؤدي الصراع على الخلافة إلى صراع داخل النظام الذي يوجد داخله قوى قادرة على الخروج عن نطاق السيطرة. هناك أيضاً احتمال تجدد الصراع بين تركيا من جهة، وكل من حكومة الأسد وخصومها من جهة أخرى.
أخيراً، من الممكن دائماً أن يلعب القول المأثور القديم: "عندما ينتهي الغرض من التحالف، ينتهي التحالف نفسه"، إذا بدأت روسيا وإيران في التركيز على التنافس مع بعضهما البعض من أجل التأثير في سوريا بمجرد أن يروا أن منافسيهم المشتركين هناك لم يعودوا يشكلون تهديدات.
ما قد تفعله موسكو جيداً هو العمل على تنمية حلفاء داخل نظام الأسد، وكذلك مع الأطراف المعارضة الراغبة في العمل مع شخصيات أخرى غير الأسد. يمكننا أيضاً أن نتوقع من روسيا أن تواصل غض الطرف عن الهجمات الإسرائيلية على الأهداف الإيرانية وحزب الله، والتي تساعد روسيا على إبقاء النفوذ الإيراني محدودًاً من دون أن تضطر موسكو إلى تحمل المسؤولية الثقيلة بنفسها. وإذا تحسنت علاقات موسكو مع دول الخليج العربية وإسرائيل بشكل أكبر، فقد تقنعهم إما بتمويل جهود إعادة الإعمار التي تقودها روسيا أو حث أميركا والغرب على عدم عرقلتها.
وبالتالي، من غير المرجح أن يستمر النفوذ الروسي في سوريا فحسب، بل سيتم دعمه أيضاً إلى حد ما من قبل حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط الذين يرون أن وجود روسيا هناك أفضل من وجود إيران.
وإذا رأى حلفاء واشنطن في المنطقة مزايا في استمرار الوجود الروسي في سوريا فقد لا تتمكن الولايات المتحدة من فعل الكثير لمعارضة موسكو هناك دون الإضرار بعلاقاتها مع شركائها في الشرق الأوسط. ومع ذلك، فإن عدم الاستقرار المتأصل في الصراع السوري قد يؤدي إلى نشوء أزمة لن تتمكن موسكو من احتوائها.