أُقيم في مركز مصلحة السكك الحديد والنقل المشترك في مار مخايل احتفال جرى خلاله تسلّم هبة دولة قطر المتمثلة بـ”30 حافلة” مخصصة للنقل المشترك، في إطار دعم قطر المتواصل للبنان وتعزيزاً لجهود وزارة الأشغال العامة والنقل في إعادة تفعيل النقل العام كخدمة أساسية للمواطنين. وأقيم الاحتفال برعاية وزير الأشغال العامة والنقل فايز رسامني وحضوره، وبحضور سفير قطر الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، ورئيس المصلحة زياد شيا، وعدد من السفراء والدبلوماسيين والمديرين العامين وممثلي الإدارات والمؤسسات المعنية.
وفي كلمة له، شكر زياد شيا “دولة قطر الشقيقة”، معتبراً أن اللقاء في مار مخايل يحمل دلالة وفاء وتقدير لدولة “لم تتوانَ يومًا” عن مدّ يد العون للبنان. وأشار إلى أن المصلحة تتسلّم اليوم 30 حافلة ستسهم في تعزيز الخطوط العاملة والوصول إلى المناطق الأكثر حاجة، بما يتيح التنقّل بكلفة أقل وبمزيد من الراحة والأمان.
ولفت شيا إلى أن النقل المشترك “انطلق بثبات” وأن عدد مستخدمي الحافلات بات يتجاوز “سبعة آلاف راكب يومياً” وهو في تصاعد، معتبراً أن ذلك يؤكد ضرورة تطوير القطاع واعتماد نظرة موحّدة للنقل العام بالشراكة مع الجهات المعنية. وأكد أن “الحلم بالنقل العام المتكامل ضرورة وطنية”، مشيراً إلى أن المصلحة تعمل على وضع رؤية لإحياء النقل السككي عبر دراسة الواقع ورفع التعديات عن المسارات وتحضير الأرضية المناسبة بانتظار اتخاذ القرار بإعادة إطلاق “صفارة القطار”. وختم بالتشديد على أمل الانتقال من موقع المتلقي إلى المنتج والفاعل، موجهاً الشكر إلى قطر ووزارة الأشغال والجهات الداعمة والعاملين في المصلحة.
من جهته، أكّد سفير قطر أنّ “تسليم الحافلات يأتي في إطار العلاقات الأخوية الراسخة التي تجمع بين البلدين، وفي سياق دعم وزارة المواصلات في دولة قطر للحكومة اللبنانية”.
وأوضح أنّ “هذه المبادرة تندرج ضمن دعم دولة قطر لجهود وزارة الأشغال العامة والنقل، الممثّلة بوزيرها فايز رسامني، في تطوير البنية التحتية لقطاع النقل العام وتعزيز قدراته في ظل التحديات الراهنة”، مشيرًا إلى أنّ “هذه الخطوة تعكس حرص دولة قطر على استقرار لبنان وازدهاره، والتزامها الدائم الوقوف إلى جانبه والتعاون معه في مختلف المجالات”.
بدوره، استهلّ رسامني كلمته بالقول: “اسمحوا لي أن أبدأ من العبارة الأكثر تداولًا… شكرًا قطر”، مشددًا على أنّ دولة قطر لم تكتفِ بالنوايا الحسنة، بل ترجمتها التزامًا عمليًا، وحوّلت الكلام إلى فعل، والفكرة إلى واقع، لنشهد اليوم حافلات تدخل الخدمة على أرض لبنان”.
رحّب رسامني بالسفير القطري ، معتبرًا أنّ “حضوره يتجاوز التمثيل الديبلوماسي إلى شراكة فعلية قائمة على المتابعة والجدّية والحرص الصادق على لبنان”، كما حيّا “السلك الديبلوماسي والمديرين العامين والحاضرين في مناسبة تحمل معنى وطنيًا واضحًا”.
وأشار إلى أنّ “الحديث عن حافلات قطرية للبنان تردّد طويلًا في السابق من دون أن يتحوّل إلى واقع، إلى أن تم في الأسبوع الأول من تسلّمه مهامه الوزارية، طرح السؤال بشكل مباشر، لتبدأ بعدها متابعة جدّية أثمرت ما يتحقّق اليوم”. وكشف عن “التواصل مع وزير المواصلات والاتصالات في دولة قطر الشيخ محمد بن عبدالله آل ثاني الذي فتح الأبواب ودعا الوفد اللبناني للاطلاع ميدانيًا على الحافلات التي باتت اليوم في لبنان”.
وأكد رسامني أنّ “هذه الخطوة تأتي في سياق رؤية متكاملة تتبنّاها الدولة، حيث يؤمن فخامة رئيس الجمهورية ودولة رئيس مجلس الوزراء والحكومة بأنّ استعادة ثقة المواطن تبدأ من تأمين حقوقه الأساسية، وفي مقدّمها النقل العام كخدمة يومية تمسّ حياة الناس مباشرة وتخفّف عنهم أعباء المعيشة”، معتبرًا أنّ” إعادة بناء الدولة تمرّ حتمًا عبر خدمات عامة فاعلة وملموسة”.
وأوضح أنّ ” لدى الوزارة خطة نقل عام متكاملة تربط بيروت بضواحيها وبالمناطق الأكثر حاجة، وتؤمّن بديلًا فعليًا واقتصاديًا”، مشيرًا إلى أنها جاهزة والمسارات محدّدة، وأنّ الحافلات الثلاثين “ستُطلق فورًا لتغذية أحد عشر خطًا تخدم مختلف المناطق اللبنانية”.
كما نوّه بـ”مبادرة تفعيل أول شراكة فعلية بين القطاعين العام والخاص في النقل العام، حيث تؤمّن الدولة الحافلات ويتولّى القطاع الخاص التشغيل والصيانة والإدارة”، معتبرًا أنّ “هذا النموذج هو المسار الواقعي لبناء مؤسسات منتجة وحديثة، وينسحب أيضًا على التطبيق الذكي للنقل العام”.
ووجّه الوزير رسامني تحية إلى مصلحة السكك الحديد والنقل المشترك ورئيسها زياد شيا، مشيرًا إلى “أهمية أصول هذه المؤسسة المنتشرة على كامل الأراضي اللبنانية، ودورها في إزالة التعديات وحماية الأملاك العامة لسكك الحديد”، معتبرًا أنّ “تشغيل القطار قد يبدو حلمًا بعيدًا، لكن لا دولة تُبنى من دون حلم، وأنّ هذه الأصول قادرة، إذا أُديرت بشكل سليم، على تأمين إيرادات كبيرة للدولة”.
وختم بالتأكيد أنّ “لبنان يحتاج إلى الدعم”، معربًا عن أمله في أن تكون هذه الهبة “بداية لمسار أوسع”، مجددًا الشكر “لدولة قطر ولكل من آمن بأنّ النقل العام ليس تفصيلًا، بل ركيزة من ركائز الدولة”.