شادي هيلانة
تبدو زيارة البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان، في هذا المنعطف التاريخي البالغ الحساسية، أشبه بمحاولة شق النفق المظلم بضوء غير متوقع.
فالمشهد ليس زيارة روحية فحسب، بل اختبار لقدرة هذا البلد المرهق على التقاط أنفاسه وسط زلازل سياسية وأمنية لا تهدأ، بذلك، حمل حضور الحبر الأعظم جرعة ثقة نادرة، وكأن لبنان منح فرصة قصيرة ليعيد تذكير نفسه بذاته قبل أن تعود العاصفة إلى الدوران.
مصادر مطلعة أفادت منصة LebTalks بأن الساعات الماضية شهدت ما يشبه الهدنة الصامتة، إذ انكفأت المسيّرات الإسرائيلية عن الأجواء اللبنانية وتراجعت الهجومات على نحو لافت، فاللغة الهادئة التي تواكب الزيارة بدت، ولو مرحلياً، أكثر قدرة من السلاح على كبح الاندفاعة الإسرائيلية نحو التصعيد.
تضيف المصادر أن هذا الهدوء لا يمكن اعتباره ثابتاً، إذ إن إسرائيل تواصل رفع جهوزيتها العسكرية بوتيرة متسارعة، وتتهيأ لعمليات قد تشمل ضربات جوية واسعة وتوغلات برية تهدف إلى فرض وقائع ميدانية جديدة وتثبيت نقاط استراتيجية داخل الأراضي اللبنانية، ما يجعل الأيام المقبلة مفتوحة على سيناريوهات ثقيلة.
وبحسب المصدر نفسه، فإن احتمال عودة إسرائيل إلى تنفيذ ضربة مباغتة يبقى قائماً بقوة، خصوصاً إذا رصدت ما تعتبره تحركات مريبة، أو وجدت أن الحزب يستغل الانشغال الداخلي بالاستقبال الاستثنائي للبابا لتعزيز قدراته الميدانية أو استكمال بناء ترسانته.
ويكتسب هذا السيناريو وزناً أكبر بعد الخطاب الأخير لنائب الأمين العام للحزب، نعيم قاسم، الذي لوح بوضوح بالرد على اغتيال هيثم الطبطبائي، وفي حال ترجم الحزب هذا التهديد ميدانياً، فسيفهم ذلك في تل أبيب على أنه مؤشر خطير يبرر من وجهة نظرها الانتقال إلى مرحلة عسكرية أكثر حدة.
في النهاية، يبقى السؤال الابرز: هل يمتلك "الهدوء الجوي" ما يكفي من المتانة ليصمد حتى انتهاء زيارة البابا، أم أننا أمام استراحة قصيرة تسبق انفجاراً أكبر؟