ها نحن نقف على أعتاب عام جديد، وقد انقضت فترة زمنية كافية لترسم الملامح الأولى لأداء أي مجلس بلدي تولّى زمام المسؤولية.
وبدافع من إنصاف الكلمة، لا بد أن نذكر بلدية طرابلس، تحت قيادة الدكتور عبد الحميد كريمة، التي أثبتت حضورًا ملموسًا وجهدًا متواصلًا، يعمل رئيسها وفريقه في الميدان لخدمة الناس.
أما بلدية الميناء… فالصورة حتى هذه اللحظة تثير الأسى، ولا تمت بصلة لما وعد به أعضاؤها أنفسهم قبل أن يعدوا أهل هذه المدينة.
الحصيلة حتى اليوم هي صمتٌ مطبقٌ عن الإنجاز.
لقد مرت الأشهر تباعًا، ولم نرَ سوى ومضات صور، ومناسبات لعب، وضحكات تُطل من موائد العشاء والغداء، وكأن المدينة في أزهى أحوالها؛ وكأن طرقاتها قد اكتست بالنظافة، وبنيتها التحتية قد شُدّت متانتها، وبحرها قد عاد محميًا، وتراثها قد استعاد مجده.
حضرة رئيس البلدية، أيها السادة الأعضاء…
إذا لم تكن لديكم الرغبة الصادقة في العمل، فما الذي دفعكم لخوض غمار المعركة الانتخابية بكل تلك الضراوة؟ لماذا رفعتم لافتات الوعود البراقة، وخاطبتم الناس بلغة العشق للمدينة وأسواقها والبحر وتاريخها العريق؟
أين موقعكم اليوم من كل تلك الشعارات التي أطلقتموها؟
لا مشاريع تلوح في الأفق.
لا خطط عمل واضحة تضيء الطريق.
لا حضور في أي فعالية ثقافية أو اجتماعية تنهض باسم الميناء.
ندعوكم فلا نجد من يلبي، نخاطبكم فلا نسمع صدى.
يا سادة، الميناء ليست رقعة للهوايات السياسية .
الميناء روح تحتاج إلى جهد مضنٍ، وإلى فكر مستنير، وعمل يومي دؤوب، وإرادة لا تعرف التردد.
فإن ضاق وقتكم عن حمل الأمانة… فامنحوا الوقت للآخرين.
وإن خارت إرادتكم عن مواجهة التحدي… فافسحوا المجال لمن يحملها بصدق ووفاء.
لسنا في حاجة إلى صوركم، بل إلى يدٍ حقيقية تمد العون.
لسنا بحاجة إلى صخب الأصوات المرتفعة، بل إلى ضمير لا يهدأ يسهر على مصالح المدينة.
الميناء تئن في صمتها، وهي بحاجة إلى وجه يشبهها في نبلها وإصرارها، لا إلى من يكتفي بمشاهدتها من خلف زجاج مقاهي الساسة.
أيها الأعضاء الكرام، إن كنتم لا تملكون مشروعًا واحدًا يُذكر، فكونوا شفافين مع أنفسكم قبل أن تكونوا مع الناس. وإن عجزتم عن حمل مسؤولية مدينة بتاريخ الميناء، فالانسحاب في صمت قد يكون أشرف من البقاء بلا أثر.
الميناء تستحق الأفضل…
تستحق من يعمل لأجلها، لا لأجل تلميع صورته.
تستحق من ينهض بها كما ينهض رجل واحد مخلص… لا مجلس بأكمله غائب عن وعي المسؤولية.
هل نحتاج فعلًا إلى كل هذا المجلس؟
أم أن رجلًا واحدًا يحمل ضميرًا وإرادة ووفاءً لهذه المدينة قد يزنكم جميعًا؟
The post رسالة من قلب الميناء.. متى يستفيق الضمير الغائب؟.. بقلم: سمر قرة appeared first on .