شدّد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، في مقابلة عبر قناة القاهرة الإخبارية، على أنّ لبنان يعيش “لحظة دقيقة وخطيرة ودامية كان يمكن تفاديها لو اتُّخذت القرارات المطلوبة في الوقت المناسب”. ورأى أنّ البلاد أمام “اتجاه تصعيدي أكبر فأكبر”، في ظل غياب القرار السياسي الحاسم وتفلّت السلاح خارج سلطة الدولة.
اعتبر جعجع أنّ ما يسمّيه الحزب “حرب الإسناد” بعد 8 تشرين الأول 2023 شكّل الشرارة الأساسية التي استدرجت إسرائيل إلى الحدود اللبنانية، قائلاً: “لو بقيت الحدود هادئة كما كانت قبل ذلك، لما كانت إسرائيل شنت هجومًا على لبنان من العدم”. وأشار إلى أنّ مزارع شبعا تُستخدم ذريعة “بينما حلّها القانوني والديبلوماسي هو السبيل الوحيد لإغلاق هذا الملف”.
وأكد أنّ مطلب لبنان اليوم هو إخراج القوات الإسرائيلية من النقاط الخمس التي دخلتها بعد أحداث الجنوب، معتبرًا أنّ كلّ ذلك “كان في غنى عنه لو لم يُفتح الباب أمام مواجهة لا تملك الدولة اللبنانية مقوّمات إدارتها”.
وفي رده على كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري وحزب الله بأنّهم التزموا وقف إطلاق النار فيما خرقته إسرائيل، قال جعجع إنّ “نصف القول صحيح ونصفه خطأ”، موضحًا أنّ الاتفاق واضح وينص على حلّ كلّ التنظيمات المسلحة غير الشرعية ووضع سلاحها في عهدة الجيش. “لا إسرائيل التزمت، ولا ح ز ب الله التزم بما عليه”، بحسب جعجع، معتبرًا أنّ هذا الخلل هو ما يمنح إسرائيل “حريّة حركة يومية من دون محاسبة دولية”.
وحول احتمال اندلاع حرب جديدة على لبنان، أشار جعجع إلى أنّ الاتجاه العام “نحو التصعيد”، لكن من دون معلومات دقيقة حول شكل هذا التصعيد أو مداه، قائلاً: “قد تكون ضربات أعمق أو غارات وإنزالات، وربما اجتياح بريّ جزئي. لا أدري، لكنّ الأمور لا تتّجه إلى التهدئة”.
توقف جعجع عند الموقف الأميركي “الحاسم”، الذي ينصّ على دعم لبنان شرط قيام دولة فعلية وحصرية سلاح بيدها. وأضاف أنّ الأوروبيين، رغم حرصهم على التهدئة، يتصرّفون بالمبدأ نفسه: “لا كلام لديهم عن الاعتداءات الإسرائيلية لأنّ لبنان لم ينفّذ الشق المتعلق به في اتفاق وقف إطلاق النار”.
ونفى جعجع أن يكون قد طُرح خلال لقائه المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس أي بحث في المفاوضات المباشرة مع إسرائيل، مشيرًا إلى أنّ الاجتماع انحصر بالوضع اللبناني الداخلي ومتطلبات الإصلاح السياسي والأمني.
هاجم جعجع بوضوح موقف الحزب الرافض لقرار مجلس الوزراء الصادر في 5 و7 آب 2024، والقاضي بحصر السلاح بيد الدولة، واصفًا تصريح الحزب الرافض للقرار بأنّه “انقلاب فعلي على الدولة”.
وقال: “لا الأمين العام لحزب الله ولا أي زعيم أو حزب يملك حق إعلان عدم الالتزام بقرار حكومي شرعي نال ثقة المجلس النيابي. هذا يُخرج صاحبه من إطار الشرعية”. وشدّد على أنّ الحلّ يبدأ من فوق: من موقف سياسي واضح من رئيسي الجمهورية والحكومة، لا ملاحقة الصواريخ تحت الأرض.
أضاف أنّ غياب الحزم السياسي هو ما سمح بتفاقم المشكلة: “لو قيل الكلام الواضح من اللحظة الأولى، لحُلّت المشكلة بمعظمها من دون الحاجة إلى أي مواجهة”.
وأوضح جعجع أنّ المقصود بنزع السلاح ليس مصادرة البنادق الفردية، بل حلّ التنظيم العسكري والأمني للحزب: “هذا التنظيم يمتلك بنية كاملة من قادة ومجموعات وسلاح إشارة ومسيّرات… وهنا الخطر”. ورأى أنّ وجود هذا السلاح هو ما جعل أرض لبنان مستباحة منذ عقود.
وأشار إلى أنّ إخراج إسرائيل من لبنان لا يمكن أن يتم بالمواجهة العسكرية، بل عبر التعاون مع الدول الداعمة للبنان، وعلى رأسها الولايات المتحدة وأوروبا ودول الخليج، “لكن هؤلاء لن يساعدوا طالما هناك تنظيمات مسلّحة خارج الدولة”.
وعن قانون الانتخابات، أكّد جعجع أنّ القوات اللبنانية تتمسّك بالانتخابات، مع تعديل واحد يتعلق بآلية اقتراع المغتربين، معتبرًا أنهم “أحد أعمدة الاقتصاد والوجود اللبناني حول العالم”.