أنهى رئيس حزب الكتائب اللبنانية سامي الجميل وزوجته السيدة كارين الجميل زيارته لمونتريال، بحضورهما قداساً الهياً لراحة نفس الوزير بيار أمين الجميل في كاتدرائية مار مارون، ترأسه راعي ابرشية مار مارون المطران بول – مروان تابت وعاونه الأب أنطوان زيادة، وبمشاركة رئيس إقليم كندا الكتائبي غبريال غفري ورئيسة قسم مونتريال الكتائبي السيدة جاكلين طنوس وعدد من الكتائبيين والأصدقاء والمؤمنين.
العشاء الكتائبي
وكان حزب الكتائب في مونتريال، قد أقام احتفاله السنوي لمناسبة مرور 89 عاماً على تأسيس الحزب وعيد استقلال لبنان الـ 82 في قاعة Embassy Plaza لافال في حضور النائب الجميّل وزوجته، والمطران تابت ومطران الروم الملكيين الكاثوليك ميلاد جاويش، وممثل مشيخة طائفة الموحدين الدروز الشيخ عادل حاطوم والنائبة في البرلمان الكيبيكي اليس ابو خليل، ورئيس إقليم كندا غبريال غفري ورئيسة قسم مونتريال السيدة جاكلين طنوس، وممثلين عن الاحزاب اللبنانية وحشد من الكتائبيين والأصدقاء.
استُهل اللقاء بالنشيدين الوطنيين الكندي واللبناني، تلاهما النشيد الكتائبي، ثم ألقت السيدة طنوس كلمةً رحّبت فيها بالحضور، ووجّهت خلالها "تحية تقدير وامتنان إلى المقاتلين والمناضلين الذين قدّموا التضحيات في سبيل وطنهم، وجعلوا من لبنان قضيةً وواجباً، فدافعوا عن كرامته وحرّيته وسيادته، ليتمكّن أبناؤه من العيش في وطنٍ آمنٍ ومزدهر، يحمي خياراتهم ويحفظ مستقبلهم وأصدقاءهم".
وتوجهّت الى "الأهل المقيمين في الاغتراب"، بالقول: "اتركوا وراءكم خلافات الماضي، وتجاوزوا الجراح القديمة، والعقائد الضيّقة، وكل ما فرّق بين اللبنانيين. دعونا نعيش معاً بسلامٍ ووحدةٍ، حتى يتمكّن أولادنا من أن يحبّوا لبنان ويعيشوه كما يجب، لأنّ لهم وطناً جميلاً يستحق أن يعرفوه وينتموا إليه".
ثم كانت كلمة للسيد غفري رحب فيها بالحضور موجهاً تحية تقدير لرئيس الحزب النائب الجميّل، "على جهوده الكبيرة وتفانيه في قيادة المسيرة الكتائبية، كما لكل من عمل وساهم في التحضيرات لهذا اللقاء الذي يجمع ابناء الجالية في مناسبة عزيزة على القلوب".
وقال: "تسعةٌ وثمانون عامًا من النضال والتضحية والوفاء، قدّم خلالها الحزب تضحياتٍ جسامًا ودماءً زكية في سبيل لبنان، بلغت خمسةَ آلافٍ وخمسمئةٍ وأربعةَ عشر شهيداً، يتقدّمهم القادة بشير الجميّل، وبيار الجميّل، وأنطوان الجميّل، كما نحيّي من مونتريال روحَ كل شهيدٍ كتائبيٍ سقط دفاعاً عن الوطن والحرية والكرامة".
الجميل
ثم ألقى الجميل كلمة قال فيها: "هذه المرة، جئت إليكم وأنا أحمل أملاً كبيراً بالمستقبل. في زياراتي السابقة، كنت أبحث عن كلمات تبقي الأمل حيًا في قلوبكم، في وقتٍ كنّا نرى فيه الصورة مظلمة، والوطن تحت الوصاية، والأوضاع الأمنية والسياسية في خطر، ولبنان مهدّد بالزوال. كنت أحاول أن أجد الأسباب التي تدفعكم إلى البقاء مرتبطين بلبنان، رغم أن الأمل كان ضعيفاً جداً. أمّا اليوم، فللمرة الأولى أصل إلى مونتريال لأقول لكم بثقة: لديّ أمل كبير بالمستقبل. نحن نسير على الطريق الصحيح. لبنان بلد صغير لكنه كبير برسالته وأهله. علينا أن نستعيد صورته الحقيقية ونبنيه من جديد ليكون كما نحلم به جميعاً، بلداً يوفّر لأبنائه الأمان، والعمل، والعدالة، والحرية. وأضاف: "لقد آن الأوان لأن نستعيد بلدنا، وأن نستعيد قرارنا، وأن نبني وطنًا يشبهنا. هذه الفرصة قد لا تتكرّر مرتين، وهنا يأتي دوركم أنتم، أبناء لبنان المقيمين في بلاد الحرية، الذين عرفتم معنى المسؤولية، وبذلتم الجهد لتؤمّنوا حياة كريمة لكم ولعائلاتكم. اليوم، لبنان بحاجة إليكم، بحاجة إلى أن تمنحوه فرصة حقيقية للتغيير والإصلاح".
أضاف: "بعد ستة أشهر فقط، تنتظرنا انتخابات نيابية مفصلية، ولذلك يجب علينا جميعًا أن نسجّل أسماءنا على اللوائح الانتخابية. أعلم أن كثيرين منكم يتساءلون عن الجدوى أو يواجهون صعوبات تقنية، ولكن من المهم أن نوضح أن التسجيل لا يكلّف شيئاً، ولا يحمل أي خسارة. في أسوأ الأحوال، إذا تعذّر إجراء الانتخابات في الخارج، فإن كل من يسجّل اسمه سيُدرج تلقائياً على لوائح الشطب داخل لبنان، ما يعني أنّ حقه في التصويت محفوظ في كل الأحوال".
تابع: "لقد تردّدنا طويلاً قبل أن ندعو المغتربين إلى التسجيل، لأننا أردنا أن نتأكد من كل التفاصيل القانونية والتنظيمية. لكن اليوم، وبعد أن خضنا المعركة داخل لبنان من أجل تثبيت حق المغتربين في التصويت، بات من واجبنا أن نحشد كل طاقاتنا لرفع عدد المسجّلين. فحتى الآن، لم يتجاوز العدد خمسةً وخمسين ألفاً، في حين أن العدد عام 2022 بلغ ثلاثمئة ألف. هذا التراجع خطير، لأنه قد يُستخدم ذريعة لحرمان المغتربين من المشاركة أو لتقليص تأثيرهم في الانتخابات المقبلة".
وختم: "إنّ الانتخابات المقبلة في أيار 2026 تمثل فرصة حقيقية لتجديد الحياة السياسية في لبنان. لا نريد أن يتغير كل شيء في البلد ويبقى مجلس النواب كما هو، لأنّ التغيير الحقيقي يبدأ من هناك. لبنان تغيّر، والمجتمع تغيّر، والوجوه تغيّرت، وقد حان الوقت أن يتغيّر المجلس النيابي أيضاً، ليعكس إرادة اللبنانيين وتطلعاتهم إلى دولة حديثة تسودها الشفافية والعدالة".
وفي الختام، كرّم قسم مونتريال الكتائبي عدداً من الكتائبيين الذين تميّزوا بعطائهم والتزامهم، تقديراً لمسيرتهم النضالية وجهودهم في خدمة الجالية اللبنانية والحزب على مرّ السنوات وسلّمهم الجميل وطنوس وغفري شهادات التكريم وهم: سبع عبود، سليم اللمع، ميلاد خليل، بيار افريكيان، روبير اللمع، الاستاذ جوزف دورا والنائبة اليس ابو خليل.
المطران تابت
وكان المطران تابت قد استضاف في دار المطرانية الشيخ سامي الجميل وزوجته في حضور قنصل لبنان العام انطوان عيد ورئيس إقليم كندا الكتائبي غبريال غفري، والنائبة الكيبيكية اليس ابو خليل ورئيسة قسم مونتريال الكتائبي السيدة جاكلين طنوس، وعضو بلدية مونتريال عارف سالم، وعضوا بلدية لافال السيدة الين ديب وراي خليل، ورئيس المؤسسة المارونية للانتشار في كندا لبيب زيادة.وحضر ايضا ممثّلون عن مختلف الأحزاب اللبنانية المسيحية.
وبعد كلمة ترحيبية للمطران تابت، الذي أكد على أهمية الدور الوطني الذي يقوم به حزب الكتائب، توجه سامي الجميّل إلى المطران تابت بكلمات تقدير، مؤكداً أنّ "المحبّة والمعزّة لسيدنا ما إلها حدود"، ومتمنّياً له التوفيق في مهمته التي "تجمع الجميع"، مشيراً إلى أنّ "الكتائب ستبقى إلى جانب الكنيسة وكل القوى الحيّة في الاغتراب في كل المناسبات وبكل الظروف".
وشكر للمطران تابت وفريق الأبرشية على حفاوة الاستقبال، معتبراً أنّ "هذا المناخ العائلي–الكنسي يشكّل جزءاً من قوّة الحضور اللبناني في كندا".
وشدّد على أنّ اللبنانيين في الداخل والخارج يتشاركون الرؤية نفسها للبنان: دولة سيّدة مستقلّة، يحكمها القانون، تقوم على المساواة بين المواطنين، منفتحة على العالم، واقتصادها قادر على جذب الاستثمارات وخلق فرص العمل".
ورأى أنّ "حزب الله يرفض حتى اللحظة مبادئ قيام الدولة، حصرية السلاح، المساواة بين اللبنانيين، والوجود تحت سقف الدولة ولبنان أولاً، ويصرّ على ربط البلد بإيران وأيديولوجيات لا علاقة لها بلبنان".
وأوضح أنّ "الخيارات في لبنان محصورة بين ثلاثة مسارات: إمّا أن تنتصر رؤية الدولة السيّدة عبر الآليات الديموقراطية، أو تنتصر رؤية السلاح خارج الدولة، أو يُصار إلى حلّ توافقي يضمن المساواة بين اللبنانيين وعدم كسر أي مكوّن".
وميّز "بين حزب الله كتنظيم، والطائفة الشيعية كجزء أساسي من النسيج الوطني"، وقال: "إنّ مدّ اليد ليس للحزب كتنظيم، بل للطائفة الشيعية ككل، تحت سقف القانون ودون سلاح فوق الدولة ولا مواطن درجة أولى وآخر درجة ثانية.
واعتبر أنّ "حزب الله ليس تعبيراً عن خيار شيعي لبناني حرّ بقدر ما هو فصيل إيراني ينفّذ أوامر خارجية"، مشيرا الى أنّ "المشكلة الأساسية تكمن في عجز الطائفة عن التحرّر من الوصاية الإيرانية".
ورداً على سؤال عن دور الجيش رأى أنّ "المؤسسة العسكرية على السكّة الصحيحة باتجاه مزيد من التقوية والتجهيز، لتكون الحامي الفعلي للحدود والسيادة"، مشدّداً على أنّ "الجيش هو الرمز وأهم مؤسسة في لبنان اليوم، ويجب الالتفاف حوله ودعمه".
واعتبر أنّ "اللحظة الراهنة تحمل فرصة تاريخية لإعادة جمع الصف المسيحي على قاعدة واضحة: السيادة، حصرية السلاح، ورفض توريط لبنان في صراعات المحاور"، مشيراً إلى أنّ "مواقف بعض القوى التي كانت سابقاً أقرب إلى خيار سلاح المقاومة شهدت تحوّلاً ملحوظاً يفتح الباب أمام إعادة صياغة تحالفات جديدة".