عقدت وزيرة التربية والتعليم العالي في لبنان ريما كرامي، مؤتمراً صحافياً في صالة "لا كاستيل" في سيدني، عرضت فيه لأبرز الملفات التربوية والوطنية، في حضور الدكتور جمال ريفي وممثلين غن وسائل الإعلام .
استهلت الدكتورة كرامي حديثها بالتأكيد "أن وزارة التربية باتت في المراحل النهائية من إعداد المنهج الدراسي الجديد الذي سيطلق قبل نهاية العام الدراسي الحالي، على أن يبدأ تطبيقه تدريجياً اعتباراً من العام المقبل".
وأشارت إلى "أن المنهج الجديد يمثل نقلة نوعية في التعليم اللبناني، إذ انه يعتمد مقاربة حديثة تضع الطالب في مركز العملية التعليمية، وتقوم على تنمية مهارات التفكير النقدي والبحثي، بدل الحفظ والتلقين".
أضافت: "أن مادة التاريخ ستشهد تحولا جوهريً، إذ لم يعد التركيز على الكتاب الموحد، بل على اكتساب مهارات التفكير التاريخي، بما يسمح بتعدد وجهات النظر واحترام التنوع اللبناني"، مؤكدة "أن هذا النهج يشكل الحل المنهجي الدائم لمسألة السرديات المتباينة في كتابة التاريخ الوطني".
وأكدت أن "الوزارة تعمل اليوم وفق رؤية وطنية مستقلة، إذ لم تعد المشاريع التربوية رهينة التمويل الخارجي، بل تحدد الوزارة بنفسها أولوياتها قبل التعاون مع الجهات المانحة".
وأوضحت "أن التعاون الحالي يركز على التحول الرقمي في الإدارة التربوية، وترميم الأبنية المدرسية، وتدريب المديرين والمعلمين في القطاع الرسمي، مؤكدة أن هذه السياسة تضمن استدامة العمل وتمنع التبعية".
وفي سياق حديثها عن الأوضاع الوطنية، تطرقت الدكتورة كرامي إلى الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على لبنان، مشددة على "أن لبنان ملتزم باتفاق الهدنة وتنفيذ التزاماته بالكامل، بينما الطرف الآخر لم يُظهر حتى الآن أي مؤشرات حسن نية".
وقالت: "نحن اليوم على مفترق حساس، واثقون أن أي قرار سيتخذه رئيس الجمهورية أو الحكومة سيكون لمصلحة لبنان ووحدته الوطنية. لقد برهنا أن لبنان ملتزم بالسلم وبالقانون الدولي، لكن التعامل مع عدو لا يثبت نواياه يتطلب الكثير من الحكمة والتماسك الوطني".
ودعت إلى "التضامن الداخلي ودعم الدولة ومؤسساتها في هذه المرحلة الدقيقة"، مؤكدة "أن خيار لبنان الدائم هو السلام العادل المبني على احترام السيادة والكرامة الوطنية".
كما تطرقت كرامي إلى ملف النازحين السوريين، واصفة إياه بـ"التحدي الأكبر الذي واجهه لبنان خلال السنوات الأخيرة .وقالت: "سيُكتب التاريخ أن لبنان تحمّل أعباء تربوية لم يتحملها أي بلد آخر، ومع ذلك بقي قطاعنا التربوي صامداً".
وأعلنت "أن الوزارة ستستقبل الطلاب السوريين هذا العام فقط في إطار خطة مرحلية تهدف إلى تأمين عودتهم التدريجية إلى بلادهم"، مؤكدة "أن لبنان يتعامل مع هذا الملف بإنسانية ومسؤولية، مع الحفاظ على موارده الوطنية وقدرته على الاستمرار".
وفي الشق التربوي الدولي، كشفت الوزيرة كرامي عن لقاء سيجمعها مع وزير التربية الفيدرالي الأوسترالي، للبحث في آفاق التعاون بين لبنان وأوستراليا، خصوصًا في مجالات التعليم المهني والتقني".
وأوضحت "أن الوزارة تعمل على استكمال الإطار الاستراتيجي لتطوير قطاع التعليم المهني بالتعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، ومنهم السفارة الألمانية، مؤكدة "أن هذا القطاع يشكل عنصراً أساسياً في النهوض الاقتصادي اللبناني وإعداد جيل منتج ومؤهل لسوق العمل".
وفي ختام المؤتمر، شددت كرامي على "أهمية مشاركة اللبنانيين في الاغتراب بالانتخابات النيابية المقبلة"، معتبرة "أن صوت المغترب يشكل امتدادا طبيعيا للوطن ويسهم في ترسيخ الديموقراطية".
وقالت: "إن الدولة اللبنانية تعمل على تسهيل إجراءات التسجيل والمشاركة".
ودعت أبناء الجالية اللبنانية في أوستراليا إلى "التمسك بحقهم في الاقتراع، لأنهم جزء أساسي من مستقبل لبنان".
وختمت كرامي :"رغم الصعوبات، سيبقى لبنان منارة للعلم والفكر في الشرق، ومؤسساتنا التربوية ستستعيد مكانتها بفضل إيماننا بالعمل والإصلاح، لا بالشعارات. التعليم هو رسالتنا، وهو الأمل الحقيقي لمستقبل الوطن".