إسكندر حبش...زميل مرحلة مهمة في حياتنا...في جيلنا...هو في صحيفة مهمة إسمها السفير، ونحن مثله نبحث عن أحلامنا المتناثرة بسبب حروب الداخل وقتل العدو الصهيوني لنا، وتشتت الوطن الذي لا يحاسب من يخونه ويهون بأهل الوطن!
كان مترجماً، ومشاكساً، وناثراً، وشاعراً، واحياناً يقترب إلى النقد، لكنه ليس ناقداً...هو حالة خاصة من الزملاء، يعطي رأيه بكل صراحة، ويدافع عن وجهة نظره ببراعة، وحينما لا يتمكن من ذلك يصمت وينسحب دون أن يحدث جلبة!
في تلك المرحلة المطرزة بالنشاط الثقافي من روايات وقصائد وتشكيل وامسيات نفتقدها، وأصبحت امنيه، واليوم تعيش الهجرة الدائمة خارج المواسم، يومها زرع اسكندر الكثير من الأعداء، وفي المقابل زرع الكثير ممن يحبه...أحببته أو كرهته هو مختلف عن الجميع، له عالمه وتطلعاته وجب احترامها، صحيح في بداياته كان يكتب من غرور الشباب العالم بكل التفاصيل، وبأنه سيغير الكون من خلال ما يكتبه، وهذا حال أغلبنا  آنذاك، ومنها من تعلم الدرس، واخر كثافة الغبار غطته!
التقيته منذ سنة بمناسبة أدبية، اقتربت منه احتراماً وودية، وجدته يفتقر إلى المداعبة القديمة، ولم يعد مشاكساً، وبان عليه تعب السنون، وما نهب العمر من عمره...يتحدث بهمس وبصمت، وفي همسه راية بيضاء لم تعد مشاكسة، وفي صمته الكثير من الأوجاع والحكايات والتجربة والمعرفة والتواضع لكونه يستطيع أن يطوي أوراقه مع أمراضه وأوجاعة ويشمخ بالثقافة واثقاً لا متعدياً...تحادثنا مع قليل من الضحك أو الابتسامة، وتناقشنا حول وجودنا وما بعد الموت والطريق المفقود الذي نسير عليه...
اعترف رغم عدم موافقتي على كثير من افكاره.. اعترف ان إسكندر اشتغل على موهبته وحضوره، وتطور فكرياً من خلال نصوصه وكلامه ومفرداته، وظل أميناً على الثقافة كحالة تغيرية أو توعاوية!  
 فيه ابن الضيعة والصخر، ولين كالنهر، وإن كتب يهدر كموج البحر، ولا عجب أن تحبه لوضوحه، أو تنفر منه وقد تحقد عليه لوضوحه ايضاً...
خسرنا إسكندر حبش في زمن الخسائر المتراقمة، خسرنا جندياً مقاوماً في الثقافة العربية، ورغم معرفتي بنضاله ضد ما أصابه من أمراض، استسلم كي يرتاح من أمراض وطنية معاقة وليس من مرضه!