 
        
			      			صدّقت محكمة الاستئناف الجزائية في جبل لبنان، برئاسة القاضية ريتا غنطوس وعضوية المستشارين القاضيين وفاء التيماني وعبد القادر النقوزي، الحكم الصادر عن محكمة البداية في قضية الطفلة صوفي مشلب، وأدانت طبيب الأعصاب للأطفال في مستشفى الروم غسان حميمص بجرم الإدلاء بإفادة كاذبة، استنادًا إلى المادة 408 من قانون العقوبات، وردّت الاستئناف المقدّم من قبله.
وتُعدّ هذه القضية سابقة في ملفات الأخطاء الطبية في لبنان، إذ أصدرت المحكمة حكمًا يقضي بمنع الطبيب المدان من ممارسة مهنة الطب نهائيًا، بعد اعتباره مرتكبًا لجنحة شائنة، وهي شرط أساسي لإذن مزاولة المهنة، ما يجعل الحكم بمثابة خطوة غير مسبوقة في محاسبة المقصّرين داخل الجسم الطبي.
وتعود فصول القضية إلى عام 2015 حين دخلت الطفلة صوفي مشلب إلى مستشفى الروم لإجراء عملية جراحية بسيطة في القدم، إلا أنّ خطأً طبيًا جسيمًا أدى إلى توقّف قلبها ونقص الأوكسيجين في دماغها، ما تسبّب بإعاقتها الكاملة حتى وفاتها لاحقًا. ومنذ ذلك الحين، خاض والدها فوزي مشلب معركة قضائية طويلة لكشف الحقيقة ومحاسبة المسؤولين، متعهّدًا بأنّ “ما قبل صوفي لن يكون كما بعد صوفي” في مسار محاسبة الأخطاء الطبية في لبنان.
وبعد سنوات من المماطلات والضغوط، تمكن مشلب من تحقيق سابقة قضائية عبر صدور أحكام متتالية في القضية، طالت سابقًا نقيب الأطباء السابق ورئيسة لجنة التحقيقات السابقة بعد إدانتهم بالتقصير والتستّر، ليُستكمل المسار اليوم بصدور أول حكم نهائي من محكمة الاستئناف يدين الطبيب المعالج.
وسيتقدّم والد الطفلة خلال الأيام المقبلة بقرار المحكمة إلى كل من وزارة الصحة ونقابة الأطباء، طالبًا سحب إذن مزاولة المهنة من الطبيب المدان، تنفيذًا للحكم النهائي.
وأكد فوزي مشلب أن هذا القرار “يمثّل انتصارًا للعدالة ولروح صوفي”، مشيرًا إلى أنّ القضية لم تكن معركة شخصية بل قضية رأي عام هدفها حماية المرضى وكشف التواطؤ داخل بعض المؤسسات الطبية التي تغطي الأخطاء وتتلاعب بالتقارير لإخفاء الحقائق.
وقد مثّل مشلب في القضية المحاميان أيمن جزيني وجورج خوري، اللذان اعتبرا أنّ الحكم يشكّل منعطفًا قانونيًا مهمًا سيُحدث أثرًا رادعًا لكل من يفكّر بالتلاعب في ملفات الأخطاء الطبية، ويعيد الثقة بالقضاء اللبناني كضمانة أخيرة لحقوق المواطنين وكرامتهم.
