ما مصير الإنتخابات النيابيّة؟ هذا كان السؤال الأبرز الذي طُرح أمس بعدما تم تطيير نصاب الجلسة التشريعية التي كان يُفترض أن تعقد البارحة، غير أنّ إصرار كتل نيابية ونوّاب على عدم الحضور أفقد الجلسة نصابها القانوني، ما أدخل البلاد في دوّامة من التساؤلات المقلقة لا يوجد أجوبة واضحة عليها بعد.
ما حصل أمس كان تكراراً لمشهد جلسة 29 أيلول الماضي عندما انسحب نوّاب حزبي القوات اللبنانية والكتائب وقوى التغيير ومستقلين من الجلسة ما أفقدها نصابها، وجعل من غير الممكن إستكمال إقرار قوانين كانت مدرجة على جدول الجلسة يومها، في مشهد إستمر في اليوم التالي، 30 أيلول الماضي، عندما قاطع النوّاب المنسحبون من الجلسة السّابقة الجلسة التالية، وبالتالي لم تُعقد.
وبات معلوماً أنّ الخلاف على قانون الإنتخابات، وتحديداً بما يتعلق باقتراع المغتربين، تحوّل إلى عقدة إستعصت على الحلّ، وسط رأيين متضاربين: الأوّل يقول باقتراعهم لستّة نوّاب في بلاد الإغتراب موزّعين على القارات الستّ وفق القانون الحالي؛ والثاني يطالب بأن يقترع المغتربون للنواب الـ128 في المجلس النيابي كما حصل في انتخابات 2022، ولو كان لمرّة واحدة كما أُقر القانون الإنتخابي حينها.
هذا التضارب بين طرفي الرأيين، ثنائي حزب الله وحركة أمل والتيّار الوطني الحرّ وتيّار المردة ومستقلين للأوّل؛ وحزبي القوّات اللبنانية والكتائب ونوّاب قوى التغيير ومستقلين للثاني، جعل الأمور تقف أمام خيارات صعبة ومفترق طرق خطير، من أبرزها ما يلي:
أولاً: بعد الذي حصل أمس لم تعد المسألة خلافية فقط حول قانون الإنتخابات، بل باتت معركة كسر عظام بين الطرفين، وهي مسألة إذا استعصى حلّها سياسياً فإنّ تكلفة حلّها بالضغط ستكون خطيرة جدّاً في ضوء التصعيد الكلامي في المواقف بينهما، بعد تطيير الجلسة، والذي ألهب الشّارع عند كليهما على نحو غير مطمئن.
ثانياً: في ضوء ضيق المُهل الزمنية، والجميع يقف على بعد نحو 7 أشهر من الإستحقاق النيابي المرتقب في شهر أيّار المقبل، فإنّ ما حصل يوم أمس جعل مصير الإنتخابات محفوفاً بالمخاطر، وينذر إلى جانب التصعيد السّياسي وازدياد هوّة الإنقسام باحتمال تأجيل الإنتخابات إلى موعد غير محدد.
ثالثاً: تطيير نصاب جلسة أمس أدخل المجلس في حالة من الشّلل يُنذر بتعطيله تشريعياً، ذلك أنّ رئيس المجلس نبيه برّي أبقى محضر جلسة 29 أيلول مفتوحاً، ولم يقفله، وبالتالي فإنّه لا يمكن إقرار قوانين أخرى، ومنها قانون إنتخابات جديد أو تعديل القانون الحالي، إلا بعد استكمال عقد الجلسة السابقة وإقفال محضرها دستورياً، تمهيداً لعقد جلسة أخرى.
رابعاً: باتت الأنظار موجّهة إلى جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد غداً بعدما حدّد الرئيس نوّاف سلام موعداً لها، لمعرفة إنْ كان سيتم إقرار القانون المعجّل المكرّر الذي قدّمه وزير الخارجية يوسف رجّي (ممثل القوّات اللبنانية) القاضي بالسّماح للمغتربين الإقتراع للنواب الـ128، قبل تحويله إلى مجلس النوّاب لإقراره، أو أن يُصدره رئيس الجمهورية جوزاف عون بمرسوم بعد مهلة دستورية، ما سيدخل البلاد في هذه الحال في أزمة سياسية ـ دستورية بالغة التعقيد.
تأتي هذه الضغوطات والضغوطات المقابلة ضمن أجواء مقلقة ينقلها موفدون عرب وأجانب إلى لبنان، إمّا على شكل نصائح أو تحذيرات عديدة من احتمال توسيع إسرائيل من عدوانها على لبنان في المرحلة المقبلة. فهل ستولّد هذه الضغوط إنفجاراً أم توصلاً إلى تسوية، وإخراج البلاد من عنق الزجاجة؟
الأيّام والتطوّرات المقبلة وحدها كفيلة بالإجابة.
موقع سفير الشمال الإلكتروني