بينما يقفز الرئيس الأميركي دونالد ترامب من حبال العلاقة مع روسيا بين التهديد والانفتاح وصولاً للتفاهم، إلى حبال العلاقة مع الصين بالطريقة ذاتها، مع انتقاله من التهديد بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 100% مطلع الشهر القادم، إلى التبشير على لسان وزير خزانته بوجود تفاهمات تقول بصرف النظر عن الرسوم مقابل تمديد الصين بيع المعادن الثمينة سنة إضافية يتم خلالها وضع قواعد راسخة للعلاقات التجارية الأميركية الصينية، بقي كلام ترامب المكرّر عن إمكانية الإفراج عن القيادي الفلسطيني الأسير مروان البرغوثي مصدر أسئلة كثيرة عن جديته فلسطينياً وإسرائيلياً وعن مدى استعداد ترامب للسير بمشروع حل الدولتين، وكيفية تفاعل قادة كيان الاحتلال خصوصاً رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مع ذلك في حال حدوثه، ولحديث عن فرضيات مثل وجود تفاهم مسبق بين البرغوثي والأميركيين برعاية دولة عربية ما يثير حفيظة إسرائيلية وفلسطينية في آن واحد.
في مسار تطبيق اتفاق غزة تبدو المرحلة الثانية من خطة ترامب عالقة عند الإصرار الإسرائيلي على ربطها الانتهاء من تسليم جثث الأسرى الإسرائيليين، رغم الدعوة الأميركية للفصل بين الأمرين، لكن الأميركيين لا يضغطون للبدء بهذه المرحلة لأنهم يدركون أن البدء بالمرحلة الثانية يرتبط بحسم أمر تشكيل القوة الدولية التي تشكل عنوان هذه المرحلة، وتشكيل القوة الدولية لا يزال ينظر حسم أمرين جوهريين، الأول مشاركة تركيا التي يرفضها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو مع التزام أميركي بشرط موافقة «إسرائيل» على الدول المشاركة، والأمر الثاني هو اشتراط دول رئيسية في تشكيل القوة مثل مصر وفرنسا بصدور قرار تشكيلها عن مجلس الأمن الدولي، وهو ما يرفضه نتنياهو ولا تتحمّس له واشنطن لصالح اتفاقية حلف الراغبين بموجب إطار قانوني خارج الأمم المتحدة لتشكيل قوات متعددة الجنسيات.
في لبنان كان حديث الأمين العام لحزب الله بمناسبة سنة على توليه قيادة الحزب موضوع متابعة لما تضمنه الحديث من مواقف اهتمت بها الأوساط السياسية والدبلوماسية والإعلامية، حيث استبعد الشيخ قاسم وجود حرب إسرائيلية وشيكة، سوف تكون نتائجها بالنسبة لأصحابها أسوأ من نتائج الحرب نفسها قبل عام، مؤكداً أن المقاومة وسلاحها موجودان للدفاع عن لبنان وسيفعلان ذلك وجاهزان لفعل ذلك إذا تعرّض لبنان لخطر الحرب، وعن الاعتداءات الإسرائيلية قال قاسم إن المقاومة سلمت مهمة الدفاع والتحرير للدولة ولذلك فهي لا تقوم بالردّ على الاعتداءات، لكن على الدولة تنشيط دورها لوقف الاعتداءات متسائلاً عن جدوى لجنة الميكانيزم قائلاً إذا بقيت الأمور على حالها تجب إعادة النظر بوجودها، وعن الداخل اللبناني قال الشيخ قاسم إن حزب الله مع إجراء الانتخابات النيابية في موعدها وفق القانون النافذ، وإن الحزب مستعد للحوار مع رئيس الحكومة نواف سلام وطي صفحة الخلاف السابقة.
وأكد الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أنّ المقاومة تتعافى باستمرار وهي جزء من دمائنا وأرواحنا وتاريخنا وشهدائنا ومستقبلنا. ولفت في مقابلة عبر قناة «المنار» مع الزميل عماد مرمل في الذكرى السنوية الأولى لانتخابه أميناً عاماً، إلى أنّ هذا التعافي سيستمرّ مهما كانت الإمكانات التي نمتلكها وهذا يجب أن يكون محسوباً ومعروفاً جيداً، وأضاف حين نقول إننا جاهزون فنحن جاهزون للدفاع وليس لشنّ معركة وليس لدينا قرار للمبادرة بالقتال، لكن إنْ فُرضت علينا معركة، ولو لم يكن لدينا سوى خشبة فلن نسمح للإسرائيلي أن يمرّ. وكرّر الدعوة إلى تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، مشدّداً على أنّ الاستمرار في هذا النهج، لن يؤدي إلى نتيجة ونحن سنستمر في الاستعداد لمواجهة أيّ عدوان قد يحصل، وليس لدينا خيار سوى أن نبقى مستعدّين لهذا الاحتمال، مشيراً إلى أن لا أحد يحدّد مدة الصبر الاستراتيجي والأمر متروك للمتابعة، آملاً أن يلهم الله الدولة اللبنانية الحمية للتوصل إلى خطة لمجابهة العدوان غير الخطة الدبلوماسية التي يتحدّثون عنها.
وشدّد الشيخ قاسم على أنّ الوجود العسكري لحزب الله مرتبط بوجود العدو المحتلّ والمقاومة ردّ فعل، وليست فعلاً، معتبراً أنّ امتلاك السلاح جزء لا يتجزأ من حقنا المشروع في الدفاع عن وطننا ووجودنا، لأنه لا فصل بين وجودنا ووجود وطننا، وذكّر بأنّ «إسرائيل» لا تحتاج إلى ذرائع للعدوان متسائلاً ما الذريعة في سورية؟ حتى لم يُبقوا لهم مخزناً ولا ثكنة ولا إمكانية عسكرية.
وتساءل قاسم عن ماذا تفعل لجنة «الميكانيزم» إزاء الخروقات الاسرائيلية؟ وهل وظيفتها مساعدة «إسرائيل» على التدمير وجمع المعلومات، منبّهاً إلى أنها إذا استمرت على هذه الحال فتجب إعادة النظر فيها لأن وجودها لا ينفع.
وفي ملف الأسرى اللبنانيين في سجون العدو، اعتبر الشيخ نعيم قاسم أنّ المسؤولية الأولى في تحريرهم تقع على الحكومة اللبنانية لأنها ترعى الاتفاق وهي الملتزمة به. ولفت إلى أنّ الحزب يتصدّى بشكل كبير جداً لما يستطيعه في ملف إعادة الإعمار، ولما لا يستطيعه يحاول أن يحقّق الاستطاعة. وأعدنا 350 ألف أسرة إلى بيوتها، إما بالترميم أو بالإيواء، مؤكداً أنّ عملية الإعمار مسؤولية الدولة أولاً وأخيراً، لأنّ من يعتدي هو «إسرائيل»، ومن يُعتدى عليه هو لبنان، والمواطنون في لبنان، ومهمة الدولة أن تحمي مواطنيها، وأن ترعى شؤونهم وقضاياهم، وأن تُعَمّر لهم بيوتهم التي دُمّرت، وعلى الدولة أن تبدأ بما تملكه وبفعالية لأنّ الإعمار يولّد حركة اقتصادية واجتماعية.
وحول قرار حرب الإسناد، لفت إلى أنّ مشاركتنا في معركة الإسناد كانت في محلها وصحيحة، ولو تكرّر الأمر، لكرّرناه على المبدأ نفسه، لأنه لا يُعقل أن يكون العدو على حدودك يضرب مقاومة بطريق الإبادة، ليتفرّغ بعد ذلك لبقية المنطقة، فيصبح الجميع صريعاً.
ووصف قاسم العلاقة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري بالممتازة جداً، وكانت طوال فترة العدوان قائمة على تنسيق دائم، وأضاف أنّ التنسيق بيننا وبين الرئيس بري هو تنسيق على أعلى المستويات، بل هو محلّ حسد من الآخرين. ونحن وإياه نتشارك وجهة نظر واحدة، ونتقاطع في الفهم، والوعي، والحرص على الطائفة، والحرص على لبنان، والحرص على المقاومة.
وتوجّه الشيخ قاسم إلى رئيس الحكومة بالقول نحن إيجابيّون، ونريد التعاون معك، ونجاح البلد، ولا نريد أن نختلف معك، أما القضايا الكبيرة التي فيها مشكل استراتيجي أو قد تسبّب أزمة في قلب البلد، فدعها جانباً. وأوضح قاسم أنّ لدى الرئيس جوزاف عون نفَساً إيجابياً في معالجة الأمور بالتفاهم، وقد عبّر عن ذلك في محطات مختلفة وتنسيقنا معه أساسيّ وضروريّ ومستمر.
ورأى الأمين العام لحزب الله أنّ الجيش اللبناني جيش وطنيّ، وأداؤه أيضاً جيد ويعمل بطريقة متوازنة، ونحن دائماً مع شعار: جيش، شعب، مقاومة.
وفي ملف الانتخابات النيابية، أكد الشيخ نعيم قاسم أنّ حزب الله مع إجراء الانتخابات في موعدها، والتأجيل لا ينفع، ونحن مع القانون الساري، فليذهبوا وينفّذوه والقانون يعطي حقاً للمغتربين، ويقول إنّ لهم ستة مقاعد خارج الدوائر.
بدوره، أشار رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد اإلى أنّ «مفتاح أمن واستقرار لبنان ليس في تلبية شروط العدو بل في إجباره على تنفيذ التزاماته والوقف الفعلي لاعتدائه»، مشيراً إلى «ضرورة تعزيز الاصطفاف الوطني لمواجهة أطماع «إسرائيل» والابتعاد عن سياسات إضعاف الجبهة الداخلية».
وأوضح رعد في احتفال حزبي في النبطية أنّ من مصلحة البلاد أيضاً عدم الربط بين إعادة إعمار البيوت ومعاملات المواطنين وأيّ ضغوط خارجية، وأنه من غير المقبول تأجيل الانتخابات النيابية عن موعدها الدستوري، لأنّ هذا مطلب دستوري ورئاسي ووزاري، مضيفاً أنّ العدو له مصلحة في تأجيل الانتخابات لأسباب ليست خافية.
في غضون ذلك، وعلى وقع تصعيد العدوان الإسرائيلي على الجنوب والبقاع، تصل المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس خلال اليومين المقبلين إلى بيروت وفق معلومات «البناء» على أن تجتمع برئيس الجمهورية العماد جوزاف عون غداً الثلاثاء وتشارك في اجتماع لجنة «الميكانيزيم» في الناقورة، على أن يصل السفير الأميركي في لبنان ميشال عيسى مطلع الأسبوع المقبل تليه زيارة للمبعوث الأميركيّ توم برّاك لاستئناف المفاوضات مع المسؤولين اللبنانيين حول تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان و«إسرائيل».
ووضعت مصادر سياسيّة التصعيد الإسرائيلي في إطار الضغط الأميركي على لبنان قبل استئناف التفاوض لتحقيق المكاسب الأمنية والعسكرية والسياسية والتي عجزت عن تحقيقها طيلة فترة الحرب حتى الآن. ولفتت المصادر لـ«البناء» إلى أنّ لبنان لن يسلم للإملاءات الأميركية رغم حجم التضحيات والصعوبات، لأنّ كلفة الاستسلام وتقديم التنازلات السياديّة أكبر بكثير من كلفة التضحيات. ولفتت الى أن المقاومة بصدد إعادة الترميم وتكوين القدرة والقوة لكنها تتعامل مع المرحلة بكل حكمة وصبر استراتيجيّ ولن تتخذ أي قرار يؤدي إلى زيادة الضغط على بيئة المقاومة والبلد ومنح الإسرائيلي ذريعة لتوسيع الحرب باتجاه المدنيين والمرافق الحيوية للدولة اللبنانية. وشدّدت المصادر على أن المقاومة مستعدّة لكافة الاحتمالات لمواجهة أي توسيع للعدوان ووضعت الخطط لكل احتمال منها التقدم البري من الحدود السورية – اللبنانية باتجاه البقاع. وجزمت المصادر بأنّ المقاومة لن تسلّم سلاحها لأنها ترى أنّ «إسرائيل» تشكل خطراً استراتيجياً على لبنان وتصريحات القيادة الإسرائيلية تؤكد ذلك بإعلان ضمّ لبنان الى دولة «إسرائيل» المزعومة واقتطاع منطقة عازلة على طول الشريط الحدودي وبناء مستوطنات فيها.
ونقل زوار مراجع رئاسية لـ«البناء» نفيَهم تلقيهم رسائل رسمية من الولايات المتحدة أو دول عربية وغربية بنيّة «إسرائيل» شنّ حرب كبيرة على لبنان في القريب العاجل وفق ما تشيع وسائل إعلام محليّة وأجنبية وعربية. مشيرين إلى أنّ الموقف اللبناني الرسمي موحّد لجهة رفض التفاوض المباشر مع «إسرائيل» والتفاوض تحت النار، وتجميد تطبيق القرارات الحكومية حتى التزام «إسرائيل» ببنود اتفاق 27 تشرين. وعلمت «البناء» أنّ المسؤولين اللبنانيين سيطلبون رسمياً من المبعوثين الأميركيين الذين سيزورون لبنان قريباً أن لبنان طبّق كل ما عليه من موجبات في القرارات والاتفاقات ولن يقدّموا أيّ تنازلات أخرى قبل أن يُقدّم الجانب الإسرائيلي خطوات مقابلة، وسيؤكدون أنّ الضغط الإسرائيلي العسكري لن يحلّ المشكلة ولن يثني لبنان للتنازل عن الحقوق السيادية.
وواصل العدو الاسرائيلي اعتداءاته اليومية على السيادة اللبنانية حيث أغارت مُسيّرة صهيونيّة، على سيارة في بلدة الناقورة، فيما أعلن مركز عمليات طوارئ الصحة التابع لوزارة الصحة العامة أنّ الغارة أدّت لارتقاء شهيد.
وفي البقاع أيضاً، أغارت مُسيّرة على سيارة في بلدة النبي شيت على طريق السهل ما أدّى لارتقاء شهيد.
واستهدفت مُسيّرة صهيونية معادية فجر الأحد حفارة في منطقة المعاقب في بلدة بليدا. كما ألقت محلّقة قنبلة صوتية في اتجاه بلدة عيتا الشعب.
وأصيب مواطن بجروح بانفجار من مخلفات الحرب في بلدة عيترون.
وكان أفاد مركز عمليات طوارئ الصحة العامة أنّ غارة العدو الصهيوني مساء السبت على دراجة نارية في بلدة القليلة قضاء صور أدت إلى ارتقاء شهيد.
ولم يوفر الاحتلال بعدوانه قوات «اليونيفيل» التي أعلنت في بيان حول هجوم بقنبلة على جنود حفظ السلام، إلى أنه «اقتربت مُسيّرة إسرائيلية من دورية تابعة لليونيفيل قرب بلدة كفركلا وألقت قنبلة. وبعد لحظات، أطلقت دبابة إسرائيلية النار باتجاه قوات حفظ السلام. لحسن الحظ، لم تُلحق أي إصابات أو أضرار بأفراد اليونيفيل أو معداتهم»، مضيفة: «جاء ذلك عقب حادثة سابقة في الموقع نفسه، حيث حلقت مسيّرة إسرائيلية فوق دورية اليونيفيل بشكل عدواني. وقد اتخذت قوات حفظ السلام الإجراءات الدفاعية اللازمة لعزل المسيّرة».
وشدّد بيان اليونيفيل على أن هذه الأفعال التي قام بها الجيش الإسرائيلي تُشكّل انتهاكاً لقرار مجلس الأمن الدولي 1701 وسيادة لبنان، وتُظهر استخفافاً بسلامة وأمن جنود حفظ السلام الذين يُنفّذون المهام التي كلفهم بها مجلس الأمن في جنوب لبنان.
على صعيد آخر، أعلن تكتل «الجمهورية القوية» بعد اجتماع استثنائي ترأسه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، أن تكتّل «الجمهورية القوية» يعلن قراره الحاسم بمقاطعة الجلسة التشريعية المقرّرة غداً.
بدوره، أعلنت كتلة «تحالف التغيير» التي تضمّ النوّاب ميشال دويهي، مارك ضو، وضّاح الصادق، عدم حضور الجلسة «إيماناً بتمسّك أعضاء الكتلة بالدستور اللبناني الذي يكفل حقّ النواب ويحفظ دورهم، في وجه مَن يصرّ على مخالفته بشكلٍ متكرّر، من خلال ممارساته غير الدستورية وخطابه الإلغائي».