صخرة الروشة ليست مجرد تكوين جيولوجي يقف شامخاً في بحر بيروت، هي صورة مطبوعة في ذاكرة اللبنانيين وفي مخيلة كل من زار العاصمة حيث لطالما شكّلت هذه الصخرة رمزاً للجمال الطبيعي ومقصداً للسياح، حتى باتت علامة مميزة في البطاقات البريدية والحملات الترويجية، الا أنّها بالامس دخلت دائرة الانقسام اللبناني، اذ يعتبر فريق سياسي ان اضاءة الصخرة بفعالية ذكرى استشهادية وسيلة تعبير مشروعة وان الصخرة للجميع فيما يرى فريق آخر أنّ استغلال الروشة هو تعدٍّ على رمز وطني طبيعي يجب أن يبقى بمنأى عن الاصطفافات.
لا شك في أن الرموز الوطنية هي بالتأكيد مقدسة، ولكن ان يكون هناك صيف وشتاء فوق سطح وطن واحد فهذا بالتأكيد غير مقبول، فحزب الله اختار صخرة الروشة لاحياء ذكرى خسارته لشهيدين كبيرين اضاء الصخرة بصورتيهما ثم اطفأ الانوار وغادر فيما هناك رموز حزبية صامدة منذ اربعين سنة عند مدخل نهر الكلب رغم رمزيته، هناك ايضاً من يحتكر ارز الرب على رمزيته لمهرجاناته وهنالك ايضاً من يستخدم معلماً مرموقاً لصور اجداده وايضاً هناك من يستخدم موقعاً مميزاً تراثياً لاعلان انتمائه الحزبي او الديني او الطائفي.
المفارقة الكبرى أنّ اللبنانيين لم يعودوا يملكون الكثير من الرموز الوطنية المشتركة التي يتفقون عليها، ولكن حين يصل الانقسام إلى صخرة طبيعية، فهذا يعني أنّ الصراع لم يترك مجالاً مشتركاً للهوية الوطنية، فالقضية أبعد من إضاءة أو صورة تُعرض على صخرة لاسيما انه تمت اضاءتها سابقاً في مناسبات مختلفة ولم يحرك احد ساكناً، المسألة تكمن في سؤال أكبر: هل ما زال للبنان رموزا جامعة فوق الانتماءات السياسية؟ أم أنّ كل معلم، مهما كان بريئاً، سيُستخدم كمنصة للصراع الداخلي والخارجي في بلد تفرّق أبناؤه على كل شيء تقريباً؟.
موقع سفير الشمال الإلكتروني