في منطقة ليست بعيدة، كان هناك قطيع من الخراف يعيش في سلام وسط المراعي الخضراء. كانوا يعرفون بعضهم بأسمائهم، ويشعرون بالطمأنينة ما داموا معاً، لكنهم كانوا أضعف من أن يدفعوا عن أنفسهم تجاه أي خطر.
وفي الليالي المظلمة، كان الذئب يأتي متسللاً. لينقضّ على أحد الخراف، يخطفه بين مخالبه، ثم يختفي في ظلال الغابة.
في البداية، حاول بعض الخراف أن يصرخوا، أن يندفعوا خلفه، لكنهم كانوا يرتجفون من الخوف. بعضهم قال: “لو تحركنا سنكون نحن الضحية التالية.”
ومع مرور الوقت، صار الذئب يأتي كل ليلة تقريباً، يقتل واحداً ويجرّه بعيداً. لم يجرؤ أحد على أن يتقدم، لا ليدافع، ولا ليهرب. كانوا ينظرون إلى ما يحدث ويدينون أعمال الذئب ويرفضون ممارساته ويحملون الغول الذي يحميه المسؤولية فيما الغول كان يلتقي مع الذئب في كل ليلة لتقاسم الغنائم من الخراف، إستمر الأمر وبقيت القطيع ساكنة، كأنهم أحجار لا حياة فيها.
وذات ليلة، اجتمع القطيع بكبيرهم وصغيرهم لدراسة أمر الذئب، فكان الحديث بينهم أشبه بالهمس: “لقد أخذ نصفنا، وغداً سيأخذنا جميعاً،” نحن لا نستطيع المواجهة ولا قوة لنا ولا أنياب”، يقول أحدهم: “لو إجتمعنا ربما نستطيع المواجهة”، “يرد آخر أنت تغامر بحياتنا”، لينقض الاجتماع على رفض ممارسات الذئب اللعين ليبقى الخوف أثقل من الأمل، وليظل كل واحد منهم ينتظر أن يُفترس الآخر قبله.
أما الذئب، فكان في كل مرة يعود أكثر جرأة، وأكثر شراسة. كان يعلم أن هذا القطيع لن يرفع رأسه في وجهه، وأن عجزهم هو درعه الحقيقي وأن ضعفهم هو مصدر قوته، لذلك أمعن فيهم قتلا وحصارا حتى إذا خرج خروف كان مصيره الموت المحتم.
وهكذا، صارت المنطقة كلها مكاناً صامتاً، لا يُسمع فيه إلا وقع خطوات الذئب، وصوت صرخات الخراف لحظة سقوطها، ثم سكون طويل، يزداد معه القطيع صغراً وذلاً، وتزداد معه الإدانات والاستنكارات بما يمثل قمة العجز أمام مواجهة الذئب ومن يقف خلفه!!..
The post الذئب.. والخراف!!.. appeared first on .