على الرغم من التطور اللافت الذي حصل منذ اسبوع بالتحديد في مخيم برج البراجنة لجهة الحديث عن البدء بتسليم السلاح الثقيل والمتوسط للجيش اللبناني كوديعة، عاد السلاح ليطل في هذا المخيم من باب خلاف عائلي قديم إستخدمت فيه أسلحة متوسطة أدت الى سقوط قتيل وعدد من الجرحى بينهم احد المارة على طريق المطار.
أدت الاشتباكات الى حال من الذعر والهلع في صفوف الاهالي الذين ناشدوا الجيش اللبناني التدخل للسيطرة على الوضع، ما يضع الوعود المتكررة بتسليم السلاح وطيّ صفحة العنف داخل المخيمات الفلسطينية على المحك، ويعيد إلى الواجهة سؤالاً أساسياً: هل يمكن أن يهدأ المخيم فعلاً ما دام السلاح المتفلّت موجوداً؟ وهل بالفعل سيتم سحب السلاح المتفلت على كل الاراضي اللبنانية؟ وماذا عن قدرات الجيش اللبناني في هذا المجال؟.
مخيّم برج البراجنة الذي أُعلن أكثر من مرّة أنّه التزم بتسليم سلاحه الثقيل والخفيف، وجد نفسه مجدداً مسرحاً للرصاص العشوائي والقذائف والقتل والدمار في الممتلكات، إضافة إلى نزوح عدد من العائلات إلى مناطق أكثر أماناً ما يعكس مشهداً بدا متناقضاً بين خطاب سياسي يتحدث عن الاستقرار وواقع يومي يثبت أنّ الأمن هشّ ويمكن أن ينهار عند أي احتكاك بسيط.
عبر الأهالي عن سخطهم، معتبرين أنّ الوعود لم تتجاوز حدود التصريحات الإعلامية، وأنّ المخيّم لا يزال رهينة مجموعات مسلّحة تستخدمه ساحة لتصفية الحسابات سواء الضيقة والعائلية وسواء الداخلية والاقليمية ما يدفع الى اتخاذ قرار جدي وحاسم يُنهي هذه الظاهرة، عبر تعزيز سلطة الدولة اللبنانية وتفعيل دور القوى الأمنية الفلسطينية المشتركة.
إشتباكات الأمس في برج البراجنة لم تكن الأولى، لكنّها حملت دلالات إضافية كونها وقعت بعد إعلان “تسليم السلاح”، وهذا ما جعلها أشبه بصفعة للحكومة أولا، وللثقة التي حاول بعض القيّمين على المخيم تكريسها مع الدولة والمجتمع المحيط.
اليوم، ليس المطلوب بيانات إدانة جديدة واستنكار ودعوات الى التروي، بل معالجة جذرية تنهي دوامة التناقض بين القول والفعل، لان ما جرى يثبت أنّ السلاح غير المنضبط لا يسقط بمجرد إعلان سياسي، بل يحتاج إلى إرادة مشتركة فلسطينية ولبنانية، وإلى خطة واضحة تُخرج المخيمات من دائرة العنف، وتعيد إليها دورها كمساحات نضال سياسي واجتماعي وثقافي، لا كمناطق اشتباك ودماء وحرف النظر عن القضية الاساس وهي حق العودة.