أراد المبعوث الرئاسي الأميركي الأول ستيف ويتكوف تكحيلها فأعماها، بعدما صرّح إثر انتهاء اجتماعات شارك فيها في البيت الأبيض برئاسة الرئيس دونالد ترامب بأن الحل في غزة سوف يكون مع نهاية العام، كاشفاً أن ترامب عملياً منح التغطية التي طلبها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لما يزيد عن المدة التي أعلن نتنياهو أنه يحتاجها للحسم، وبدلاً من شهرين منح ترامب لنتنياهو أربعة شهور لحسم حرب التجويع والإبادة في غزة، بينما يشك الكثيرون داخل الكيان بقدرة نتنياهو على مواصلة الحرب طيلة هذه المدة من جهة، وبقدرته على حسمها من جهة أخرى، حيث الجيش يعاني التفكك والعجز عن استقطاب مزيد من الجنود والضباط سواء عبر التطويع أو التجنيد أو استدعاء الاحتياط، والجبهة الداخلية تنفجر بوجه نتنياهو وقرار الحرب، ويوماً بعد يوم تزداد حالة الانفكاك من حول نتنياهو وخيار الحرب. وبالتوازي فإن الأهداف المعلنة للحرب من قبل نتنياهو توحّد الجبهة الداخلية في غزة مع المقاومة، خصوصاً نزع سلاح المقاومة، وتهجير السكان، واشتراط وقف الحرب بتحقيقها، ما يجعل صمود المقاومة محمياً من الناس، بينما الأهداف المطلوب تحقيقها عسكرياً وهي الإفراج عن الأسرى والقضاء على المقاومة فتبدو مستحيلة التحقيق معاً، حيث المزيد من الحرب يعرّض المزيد من الأسرى للموت.
في لبنان كشفت مصادر سياسية تابعت زيارة المبعوث الأميركي توماس برّاك والوفد الكبير الذي رافقه، خصوصاً السيناتور ليندسي غراهام، التي فشلت في الحصول على موافقة رئيس الجمهورية على الصيغة التي جاء بها الوفد من لقائه مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، وهي أن على لبنان إنهاء نزع سلاح المقاومة وبعدها ترى «إسرائيل» ما تستطيعه بتقنين ضرباتها وتموضع قواتها، فخرج برّاك يبتكر صيغة تربط وضع خطة إسرائيلية موازية لخطة الجيش اللبناني، وهو ما نفاه الإسرائيليون علناً باعتبار كل الخطط على الورق لا تعنيهم، وأنهم بعدما يجدوا أن الجيش قام بنزع السلاح يبحثون ما يمكنهم فعله، وإن لم يفعل فهم سوف يفعلون أقصى ما يستطيعون على مستوى تصعيد العمليات، وبينما اضطر برّاك إلى الهروب من غضب الجنوبيين الذي تجمّعوا لملاقاته في صور والخيام، بعدما لاحقته لعنة غضب الإعلاميين بعد قلة الأدب التي خاطبهم بها أول أمس، كانت معاونته مورغان أورتاغوس تستعرض أمام السياسيين والإعلاميين وتسألهم عن رأيهم بزينتها وتبرّجها وقصة شعرها ولون أظافرها.
على جبهة قوى المقاومة كان كلام لرئيس مجلس النواب نبيه بري وصف فيه الوضع بالمزيد من التعقيد، لأن لا شيء إيجابي حمله برّاك معه، بينما حذر المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل من خطورة إسناد الحكومة لمهمة سحب السلاح إلى الجيش طلباً للفتنة تهدّد الوضع في لبنان، داعياً رئيس الجمهورية لعمل إنقاذي يعيد الأمور إلى نصاب السياسة.
وأبدى رئيس مجلس النواب نبيه بري إحباطه من نتائج زيارة الوفد الأميركي إلى لبنان، وقال في حديث صحافي «إن الأميركيين أتونا بعكس ما وعدونا به»، في إشارة إلى ما كان يُتوقع من ردّ إسرائيلي على سياسة «الخطوة بخطوة» التي تمسك بها الموفد الأميركي توم برّاك في تصريحاته، ولكن مواقفه مع أعضاء الوفد الآخرين أتت معاكسة، لجهة التأكيد على خطوة سحب سلاح «حزب الله» قبل البحث بأي خطوة إسرائيلية مقابلة لجهة الانسحاب من الأراضي اللبنانية، ووقف الاعتداءات التي تقوم بها في لبنان. وأكد بري أن الوفد الأميركي «لم يأتِ بأي شيء من «إسرائيل»، وبالتالي ذهبت الأمور نحو التعقيد مجدداً».
وإذ رفض بري الكلام عن المرحلة المقبلة في ضوء هذا التعقيد الجديد، اكتفى بالتشديد على أن الأمور «ليست سهلة». وقال برّي رداً على سؤال عن الاجتماع الحكومي المقرر في الثاني من أيلول المقبل الذي سيبحث في خطة الجيش لسحب سلاح «حزب الله» «إن كل أمر يؤدي إلى خلاف في البلد مستنكَر».
وأفادت مصادر إعلامية أنّ الرئيس نبيه بري قال للمقربين منه إنه ضاقت به السبل في التفاوض مع الأميركيين الذين رفعوا شروط التفاوض في زيارتهم الأخيرة. وذكرت أنه بعدما تظهّرت نتائج زيارة الوفد الأميركي سيبدأ الثنائي الأسبوع المقبل بسلسلة احتجاجات شعبيّة لم تتحدّد طبيعتها بعد.
ولفت رئيس لجنة الدفاع والأمن النيابية النائب جهاد الصمد الى أنّ الحكومة تُنفّذ أجندة تُفرض عليها وهي لا تملك خطة عمل واضحة، وأوضح أن «الحكومة تُقارب بعض المواضيع بطريقة غير ميثاقية لا تراعي صيغة العيش المشترك التي بُني لبنان على أساسها، وعندما تلتزم الحكومة بأجندة خارجية تأخذ البلد إلى أماكن لا تحمد عقباها»، وشدد على أن «الحكومة تلقت إملاءات واستجابت لها لكن العبرة تبقى في تنفيذ القرارات، واستعادة السيادة تبدأ بزوال الاحتلال ومنع استباحة الأجواء برًّا وبحرًا وجوًّا وطالما أنّ هناك احتلالًا هناك مقاومة».
وبعدما تبلغ لبنان الردّ الإسرائيلي عبر الموفد الأميركي بربط أي خطوة إسرائيلية بنزع سلاح حزب الله ومن دون ضمانات أميركية، تتجه الأنظار الى موقف الحكومة اللبنانية إزاء مسار حصرية السلاح بيد الدولة وخطة الجيش المرتقب أن يعرضها في جلسة مجلس الوزراء المرتقبة في الثاني من أيلول، ووفق معلومات «البناء» فإن الجلسة قائمة في موعدها حتى الساعة، فيما ستُلقي مواقف الرئيس بري أمس بثقلها على موقف رئيسَي الجمهورية والحكومة بعد تراجع الأميركيين عن وعودهم، كما قال رئيس المجلس، فيما سبق لرئيس الجمهورية وقال إن تنفيذ الورقة الأميركية يحتاج الى موافقة ثلاثة أطراف لبنان وإسرائيل وسورية، فيما اعترف توم برّاك بأنّ لبنان قدّم خطوات ومطلوب من «إسرائيل» خطوة مقابلة، وبالتالي رفض الاحتلال الإسرائيلي للورقة الأميركية يعني أن الحكومة بحلّ من أمرها، ما يطرح السؤال لماذا يُصرّ رئيس الحكومة على الاستمرار بمسار قراري حكومته في 5 و7 آب بحصرية السلاح بيد الدولة طالما أن «إسرائيل» رفضت أي خطوات مقابلة؟
ولفتت المصادر لـ»البناء» إلى اتصالات ولقاءات بين قائد الجيش وكل من الرئيس بري وحزب الله، لكن الخطة في عهدته ولسنا طرفاً في وضعها ولا تنفيذها، لكن بما يعنينا فإن حزب الله اتخذ قراره الحاسم والنهائي على لسان أمينه العام الشيخ نعيم قاسم بأن نزع السلاح يوازي نزع الأرواح وبالتالي سندافع عن السلاح بكل قدراتنا مهما طال الزمن والأثمان وبالتالي نخشى من أن تعمد الحكومة وتدفع الضغوط الخارجية بزجّ الجيش في المواجهة مع المقاومة ما يضعنا أمام ثلاثة خيارات خطيرة: الأول رفض الجيش التنفيذ ما سيعرضه إلى ضغوط ووقف التمويل كما هدّد السيناتور الأميركي ليندسي غراهام، أو دفع الجيش للاصطدام مع المقاومة والأهالي، أو تهديد وحدة المؤسسة العسكرية»، وتضيف المصادر: «موقف الرئيس برّي واضح لجهة رفض تنفيذ قرارات مجلس الوزراء قبل التزام «إسرائيل» بكامل مندرجات اتفاق وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني العام الماضي». وشدّدت المصادر على أن قرارات الحكومة تأخذ البلد إلى الهاوية فهل تجرؤ بالعدول عن قراراتها وهي لم تجرؤ على اتخاذ موقف من تصريحات برّاك «الحيوانيّة» تجاه الصحافيين المعتمدين في قصر بعبدا؟ ولفتت المصادر إلى أن رئيس الجمهورية يتحمل مسؤولية وطنية كبرى كرئيس للبلاد ووحدة أراضيها وشعبها وسيادتها حيال أي تداعيات ستحصل على الأرض تهدّد السلم الأهلي والوحدة الوطنية ووحدة الجيش وتشرّع الباب أمام عدوان إسرائيلي واسع ضد لبنان.
وتترقب الأوساط السياسية الخطة التي سيضعها الجيش اللبناني ويعرضها على مجلس الوزراء في جلسته المقبلة، ووفق مصادر الثنائي الوطني حركة أمل وحزب الله فإننا نثق بوطنية الجيش اللبناني وبحكمة قائد الجيش.
ونقلت قناة «العربية» عن مصدر، بأنّ «الجيش اللبناني أطلع الوفد الأميركي على مناطق توسّعت فيها «إسرائيل» بالجنوب». وأشار المصدر الى انّ «الجيش اللبناني أكد للوفد الأميركي إنهاء 85 في المئة من مهامه بجنوب الليطاني.»
وكان أهالي الجنوب منعوا المبعوث الأميركي توم برّاك من دخول مدينتي صور والخيام بعد وصوله إلى مرجعيون، فألغى زيارته إلى صور والخيام بفعل الاحتجاجات الشعبية، بعد أن نفّذ عدد من أهالي بلدة الخيام تجمعاً احتجاجياً، رفعوا خلاله صوَر ضحايا الحرب، معبّرين عن استنكارهم للسياسات المنحازة للولايات المتحدة.
وكان برّاك وصل إلى ثكنة فرنسوا الحاج في مرجعيون على متن طوافة، وانتشر الجيش اللبناني في المنطقة وعند المدخل الشمالي لمدينة الخيام لمواكبة زيارته إلى المنطقة، وسط الدعوات للتظاهر احتجاجاً على الزيارة. وكان يفترض أن تقوده الجولة إلى الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة، لرؤية المكان الذي يمكن أن تقام فيه «المنطقة الاقتصادية باسم الرئيس ترامب».
إلى ذلك، أكد المعاون السياسيّ للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل أن الإدارة الأميركية تريد القضاء على كلّ مقوّمات الصمود والدفاع التي يتمتع بها لبنان، ورأى أن الإملاءات الأميركية الوقحة والمهينة، التي تمثّلت في تصريحات أعضاء الوفد الأميركي المشؤوم الهادفة إلى نزع سلاح حزب الله كمقدّمة لأي أمن واستقرار مزعومين ما هي إلاَّ تنصُّل واضحٌ وفاضح من اتفاق وقف إطلاق النار الذي رعته أميركا وفرنسا.
ولفت إلى أن «الإملاءات الأميركية الوقحة والمهينة، والتي تمثّلت في تصريحات أعضاء الوفد الأميركي المشؤوم في الإعلام وأمام المسؤولين الرسميين اللبنانيين، والهادفة إلى نزع سلاح حزب الله كمقدّمة لأي أمن واستقرار مزعومين ما هي إلاَّ تنصُّل واضحٌ وفاضح من الاتفاق الذي رعته أميركا وفرنسا في تشرين 2024، والقاضي في بنوده الأولى والصريحة إلى وقف الأعمال العدائيّة، ووقف جميع الإعتداءات الإسرائيلية براً وبحراً وجواً وبدون أي لبس».
وقال «الإدارة الأميركية التي أرسلت رسلها إلى بيروت بدءاً بأورتاغوس ثم توم برّاك بأوراقه الأولى والثانية والثالثة، ثم أتبعته بوفد موسَّع ضم أعضاءً في الكونغرس والإدارة، أرادت أن تغسل يديها بالكامل من كل تعهداتها السابقة وضماناتها الصريحة والتزاماتها بالضغط على «إسرائيل» لوقف اعتداءاتها اليومية والانسحاب من المناطق المحتلة من لبنان، كما جاءت متناقضة لكل ما التزم به الموفدون الأميركيون إياهم مؤخراً أمام الرؤساء الثلاثة من وعود كاذبة».
وأكد الخليل أن «دفع الأميركيين باتجاه زج الجيش اللبناني الوطني للوقوف بوجه أهله وشعبه والإيقاع بينه وبين المقاومة ما هي إلّا محاولة دنيئة لِهدم ركنين أساسيين في بنيان هذا البلد وهما الجيش والمقاومة. وإننا في الوقت الذي نُدين به هذا الحراك الدنيء، نُكرّر على مسامع المسؤولين الرسميين في لبنان التنبُّه من الوقوع في مثل هذه الفخاخ القاتلة».
وأعلن أنّه «إزاء ما يحصل، لا زلنا نأمل من القيّمين والحريصين على استقلال وأمان هذا البلد وعلى رأسهم فخامة رئيس الجمهورية، العمل على وضع حدٍ لهذه الانبطاحة السياسية لقرارات الحكومة اللبنانية وإبعاد المؤسسة الوطنية الشريفة وهي الجيش اللبناني عن الفتنة الداخلية التي تُهدد الأمن والاستقرار، كما العمل على إعادة النظر بالشكل والمضمون في التعاطي مع ما يحمله الموفدون الدوليّون والإقليميّون من توجّهات تُهدد أمن البلد وسلمه الأهلي وتنتقص من حريته وسيادته.
بدوره، اعتبر المفتيّ الجعفريّ الممتاز الشيخ أحمد قبلان على أنّ «الغارة الدبلوماسية الأميركية بالأمس داست صميم الكرامة الوطنية وكشفت البلد عن نكبة سياديّة لا سابق لها».
وأكد أن «اللحظة للتلاقي لا الخنق وسط عجز تنفيذيّ وموت حكوميّ يهدّد البلد برمّته، ولا حلّ ينهض بهذا البلد دون تحرير السياسة الحكومية من الخارج، وللمرة الألف نؤكد على أننا عائلة وطنية وشراكة تاريخية ولا قيام لهذا البلد بلا ميثاقيته التي تعكس حقوق مكوناته التأسيسية، ولبنان اليوم بقلب كارثة سياسية تهدّد السلم الأهلي والتكوين الوطني ولا بد من إنقاذ وطني، والإنقاذ الوطني المطلوب برسم الرئيس جوزاف عون بحكم موقعه الدستوري، والشجاعة مطلوبة جداً، ولا خيار لنا إلا لبنان».
وأشاد الرئيس المِصريّ عبد الفتاح السيسي خلال استقباله رئيس الوزراء نواف سلام، إلى أن «استمرار الاتصالات المصرية المكثفة مع مختلف الأطراف الدولية والإقليمية الفاعلة، بهدف التأكيد على ضمان استقرار لبنان، والانسحاب الإسرائيليّ الكامل من جنوب لبنان، والتذكير بأهمية دعم المجتمع الدولي لمؤسسات الدولة اللبنانية، وفي مقدمتها الجيش، لتمكينه من أداء المهام الوطنية الموكلة إليه.
وفيما أفيد أنّ الوفد السوري ألغى زيارته بيروت اليوم ولم يتم تحديد موعد آخر للزيارة، قال نائب رئيس مجلس الوزراء طارق متري: «لم يحدّد أي موعد مع الوفد السوري من الأساس وبالتالي لم يلغ ولم يؤجل. في غضون ذلك، اعتصم أهالي الموقوفين الإسلاميين في رومية مطالبين بتسوية أوضاع أبنائهم».
إلى ذلك، أفادت مصادر لـ «التلفزيون العربي»، بأن مجلس الأمن يتبنّى صباح اليوم مشروع قرار تمديد ولاية اليونيفيل في لبنان.