هويدا إبنة الحرب وهي مجموعة نساء في إمرأة
قد حركنا رواسب ذاكرة جيل منعاً من تكرار الحرب الأهلية!
إعلامية مقتدرة، مذيعة مشاغبة، وتعيش شغف الحوار، وكاتبة رأي حره وحريتها بمستوى أخلاقها...هي الزميلة هلا حداد، فجأة دخلت المعترك الدرامي، وقدمت سلسلة مذكرات لمواطنة لبنانية تعيش كابوساً من الحياة في وطن التضاد، إنها البطلة "هويدا" في مسلسل كرتوني، والتي افرغت ما بجعبتها منذ ولادتها إلى أحلام الطفولة والشباب، وأوجاع فتاة تعيش في أسرة تقليدية والحروب اللبنانية تتراكم مع عمرها ومن حولها...التقينا الكاتبة ومبتكرة شخصية "هويدا" الزميلة هلا حداد للحديث عن مسلسل "صندوق هويدا السري"، والذي تجاوز في موسمه الأول 163 حلقة، وسيعود بالجزء الثاني بعد الصيف:
لماذا "هويدا" ، ولماذا تعمد ان يكون الاسم على إسم إبنة السيدة الأسطورة صباح؟
- "هويدا" ذاك الإسم الجميل والنادر، وغير منتشر بشكل ملفت، تعمدنا ان يكون على إسم إبنة السيدة الكبيرة صباح، وجاء تحية للست الشحرورة فهي مصدر أمل وفرح وقيمة مضافة لأي عمل، وجه صباح يبشر بالخير.
كيف ولدت هويدا، والغاية من ولادتها؟
- ولدت هويدا بالتداول مع الزميلين الصديقين غارابيت طهماجيان وحنان فضل الله، غارابيت تولّى الرؤية الإخراجية، وحنان أعطت صوتها أداءً مع بعض الارتجالات على النص.
الكتابة
من خلال كتاب هويدا، اكتشفنا اقحام الأحداث اللبنانية بحيادية ذكية، هل هو خوف أم شطارة ورفض لتلك الحرب؟
- ليست مسألة إقحام أستاذ جهاد، هويدا ابنة الفترة التي كبرت الحرب وعاشتها في كافة تفاصيلها الدقيقة، وفي تلك التفاصيل تشكّل وعيها خصوصاً حول الآخر.
هويدا رفضت تلك الحرب وكوارثها الإنسانية والاجتماعية والوطنية، إضافة لنتائجها المأساوية على الحجر والبشر... كان الهدف من المرور على الحرب اللبنانية تحريك رواسب ذاكرة جيل الحرب لتشكّل سداً منيعاً لأي محاولة لإعادة إنتاج حرب أهلية جديدة... وايضا بهدف عرض الواقع المؤلم للحرب على جيل يسمع محيطه، ويقول:"رزق الله ع ايام الحرب كان في مصاري"...لقد تقصدنا الحياد... حين تقول هويدا "هون وهونيك منطقتنا ومنطقتن" هذا يعني أن المعاناة كانت واحدة على الناس في وقت كان فيه المتقاتلون على تواصل وتفاهمات...
باعتقادك ماذا قدمت هويدا، وما هو مختلف عن السائد؟
- في الشكل وفي المضمون هويدا قدّمت شيئاً مختلفاً، هذا صحيح الى حدّ كبير، "صندوق هويدا السري" في الشكل مشروع مسلسل درامي كرتوني، الراوي فيه شخصية واحدة، قد يحاكي تجارب في العالم، ربما، وقد تجاوزت حلقته الـ 163 حلقة في الجزء الأول، في المضمون، هو إجتماعي تأريخي وليس تاريخياً... العمل مرحلة مؤثرة من حياة لبنان المعاصر. استمر بتمويل ذاتي وبدون تخاذل او استهتار...
الانكسار
لماذا هويدا منذ البداية حتى نهاية الجزء الأول منكسرة ومحبطة وغير مقتنعة بهويدا إلا في عالم انزوائها مع هويدا؟
- محبطة؟ قد تكون كذلك إذا نظرنا على البيئة العائلية حيث التربية القاسية والضوابط المحكمة التي كانت تحيط بها، وكذلك المحيط الاجتماعي الذي عاشت فيه، علينا ان لا ننسى أنه أضيفت إلى ذلك ظروفُ الحرب ألتي تشبه حياة كل البنات الصغيرات ثم المراهقات ثم البالغات في تلك المرحلة بكل ابعادها الأخلاقية والمزاجية .. أما مسألة الإنكسار فلا أظن أنها كانت منكسرة..
هل هويدا موجودة اليوم، وإذا كانت رمزية فأين الوضوح الذي تريدينه وكل ما من حولنا واضح؟
- هويدا هي كل امرأة من عمر هويدا... الوضوح بدون رمزية يقلل من قيمة العمل...الترميز يعطي العمل نفحة استفزازية عند المتابع ليستشف ما وراء الكلمة والصوت كواليس المرحلة...
اغرقت هويدا بحياتها، وتجاهلت حياة الآخرين والبلد...ما المقصود؟
- أستاذ جهاد انت على خطأ لم تغرق هويدا بحياتها فقط، لقد تعرفنا على كثير من التفاصيل جراء حياة كل فرد من عائلتها او أصدقائها حتى قضية جدها وجدتها المفقودين ... إنها حكاية بحد ذاتها... زواج صديقتها رويدا من خالد حكاية... حبها الكبير لـ "الان"، والهجرة، وقصة زواج شقيقها وديع من ماغي وغيرها من القصص والقصص.... هويدا لم تهمل أي تفصيل في البلد، من الموت إلى رعب الملجأ والتسلية فيه و"قصقصة البزر" ولعب الورق لتقطع الوقت، إلى قلق الأهل على أولادهم إلى المرحلة الاجتماعية وتنمّر الجامعيين الجدد.. إلى العلاقات الاجتماعية مع الجيران الى تلاعب سعر الدولار... اختلف معك.. هويدا انعكاس صادق لبيئة اجتماعية متكاملة .
أنا وهي
بالتأكيد هويدا اليوم أصبحت هلا حداد، كم اتعبتك هويدا؟
- ابداً.. هويدا ليست هلا حداد... هويدا هي مجموعة نساء في امرأة... أما في خصوص التعب في رسم مسار الشخصية تحول مع الوقت إلى متعة وشوق وشغف وقلق....
ماذا اكتشفت هلا حداد في هلا حداد من خلال هويدا؟
- اكتشفت كيفية تمرد القلم على المنطق وعلى الواقع... واكتشفت ان داخل كل إنسان كاتب صغير... كل شخص يروي خبرية صغيرة بصبحية أو عصرونية إذا نقلها على الورق سيكون كاتباً مع الوقت.... شرط أن يتلذّذ بفكرة أنه يكتب نصاً، ويتعلّم من أخطائه، وأن يترك الشخصيات تقوده إلى عوالمها..."العيش مع أبطال شخوصك تصبح حالة منك"، هذه جملة لك استاذ جهاد، كنت اسمعها منك ولا اصدقها إلى أن وقعت في كتابة القصص والرواية فعشت فعل الرعية والراعي والتصالح مع البطل بكل التناقضات وحسب طبيعة الشخصية...
كيف ستكون هويدا في الجزء الثاني، وهل ستتطور الشخصية أو ستستمر بالتلقي والتنفيذ؟
- طبعاُ ستتطور الشخصية بعد خطبة الموسم.... والإبداع عند المخرج غارو والنكهات الخاصة في الكتابة والصوت للزميلة حنان فضل الله سيحدث التطور الدرامي.. في الجزء الثاني سيرتفع مستوى التحدي.
هل تقديم الرواية بهذا النمط والأسلوب الفني نجح بتوصيل الرسالة؟
- اذا كان المقصد نحن كفريق عمل فإننا في تحاور ونقاش دائم للتطوير ضمن الإمكانيات التقنية المتاحة، قد تسألني هل أنتم راضون عن العمل؟ فأجيبك، ننشد الأفضل طبعاً.. أما لجهة الجمهور المتابع فهو من يجيب عن هذا السؤال وإن كان الصدى الذي تم نقله من المتابعين المباشرين طيب جداً جداً.
كلمة أخيرة إلى هويدا؟
- أقول لها استمري.. اشجعها على أن تروي باقي مراحل حياتها وصولاً الى المرحلة الحالية من عمرها أي الستين.. أليست غنية جداً برأيك تلك الحياة، وفي بلد مملوء بالـ "أكشن" السياسي والأمني والإعلامي والاجتماعي والفني مثل لبنان؟
ومن صميم قلبي اشكر كل من تابع وانتقد بحرص وموضوعية وبمحبة أو شجعنا عن إيمان بالمشروع... وكنت افرح جداً.. وأخص بالذكر الناقد الأستاذ جهاد ايوب الذي تابع الحلقات وعلق غالباً برضا وهو يشهد له بصعوبة اقناعه... أكرر إن "صندوق هويدا السري" قيمة فنية كأول مسلسل كرتوني animation بتقنية 3D كنا أول من قام بمشروع مماثل، نأمل ان نكون فتحنا الباب ليكون هناك مشاريع أخرى من هذا الفن، وأنا متأكدة أنه سوف يتابع من حيث بدأنا.